النهار

بعد وفاة نادين خشّاب بالتسمم الكيميائي: قرار بوقف المؤسسة اللبنانية الكندية عن العمل أسبوعين
المصدر: "النهار"
بعد وفاة نادين خشّاب بالتسمم الكيميائي: قرار بوقف  المؤسسة اللبنانية الكندية عن العمل أسبوعين
الضحية نادين خشّاب.
A+   A-
 

توفيت نادين خشّاب ظلماً بعد تسمم كيميائي ناتج عن استنشاق مادة كيميائية. صدمة وفاتها فتحت الباب أمام فوضى شركات الرشّ والمواد المستخدمة التي لا تستوفي أحياناً كثيرة الشروط والمعايير المطلوبة. بعد أكثر من أسبوع على وفاتها، أصدرت وزارة الصحة قراراً يقضي بوقف العمل وإقفال احترازي للمؤسسة اللبنانية الكندية لمكافحة الحشرات والقوارض المنزلية لمدة أسبوعين.
 
وجاء القرار بعد تسجيل حالة وفاة وحالتي تسمم كيميائي جراء استنشاق مادة كيميائية من قبل المؤسسة، في انتظار ما ستكشفه التحقيقات التي باشرت بها مديريتا الوقاية الصحية والعناية الطبية في الوزارة.
 
كما علمت "النهار" أن عائلة الضحية رفعت دعوى شخصية بحق المؤسسة المعنية وقد أصدر قاضي التحقيق مذكرة جلب بحقها. 
 
 
ماتت نادين. لم تصمد أكثر من 24 ساعة بعد ظهور أوّل ألأعراض الصحّية عليها.
 
يتحدّث أحد أفراد عائلتها لـ"النهار" عن قدوم فرقة من الأدلّة الجنائية إلى منزلها حيث تمّ سحب عيّنات مختلفة، ومن المتوقّع أن يصدر التقرير بعد أسبوع. في حين أشار تقرير الطبيب الشرعي إلى وجود حالة تسمّم قوية ناتجة عن الاستنشاق".
 
أخذت العينات من مختلف الأماكن في المنزل لمعرفة السبب الرئيسي المسؤول عن الوفاة. الأكيد وفق ما يؤكد أحد أقاربها أنّها "توفيت نتيجة تسمّم، ولكننا نجهل المصدر، هل هو بسبب رشّ المبيدات حيث استعانت بشركة للقيام بذلك قبل يومين (أي نهار الخميس الفائت)، أو يوجد سبب آخر أدّى إلى تعرضها لهذا التسمم القوي. حتى إنّ هرتها توفيت أيضاً والتي قد تكون تعرّضت للتسمّم أو الاستنشاق نفسه".
 
عانت نادين، ابنة الـ49 عاماً، صباح نهار السبت من عوارض شبيهة بعوارض التسمّم الغذائي أي غثيان وتعب وألم في البطن. ويروي قريبها أنّها "اتصلت بصديقتها وطلبت منها اصطحابها إلى المستشفى. تلقّت العلاج في المصل قبل أن تعاود أدراجها. لكن بعد الظهر، تدهورت حالتها بسرعة واشتدّت آلامها ليتمّ نقلها إلى مستشفى جبل عامل من جديد حيث تلقّت حقنة للتخفيف من آلامها، لكنّها دخلت في غيبوبة قبل أن يستسلم جسدها إلى الأبد".
 
مخاطر صحية خطيرة
 
تشرح الاختصاصية في الأمراض الداخلية والرئوية والاختصاصية في علم الوبائيات والإحصاء الحيوي الدكتورة لبنى طيارة في حديثها لـ"النهار" عن وجود أنواع مختلفة للمبيدات الحشرية والتي تُستخدم لرشّ المنازل والمستودعات وغيرها أو للزراعة. وتُقسم المبيدات الحشرية المنزلية إلى نوعين: الأول الذي يستخدمه الناس للقضاء على حشرة أو في زاوية محدّدة وتكون عادة الكمية المستخدمة قليلة. أمّا النوع الثاني فيكون من خلال الاستعانة بشركة خاصة تقوم برشّ المبيدات الحشرية في المنازل أو المستودعات..."

وتشدّد طبارة على الكمية المستخدمة التي تُشكّل الركيزة الأساسية في عملية الرشّ، فكلما كانت الكمية كبيرة ارتفع الخطر أكثر واستوجب اتّخاذ إجراءات وقائية تفادياً لأيّ مخاطر صحية خطيرة.
 
لذلك تعتبر الكمية المستخدمة أساساً في مسار الرشّ، وانطلاقاً من ذلك، توضح طبارة أنّ أيّ مبيد حشري مستخدم يجب عدم استنشاقه، حيث يتوجب تهوئة المكان جيداً. وتعود الفترة الزمنية التي يتوجب على الشخص إخلاء المنزل أو المكتب بعد الرشّ إلى الشركة التي تتولّى هذه العملية. وتتفاوت المدة الزمنية بناءً على المواد المستخدمة وخطورتها والمساحة التي يتمّ رشّها.
 
وعن المخاطر الصحية التي تُسبّبها هذه المبيدات الحشرية عند التعرّض لها، فهي لا تختلف عمّا تُسبّبه للحشرات حيث تصيب الشخص بالشلل في العضلات فيصبح عاجزاً عن الحركة وتتوقّف عضلة التنفّس عن العمل ما يؤدّي إلى صعوبة في التنفّس والوفاة. وكما تقول طبارة إنّ "معظم المبيدات الحشرية تعمل بهذا الشكل، وفي حال تنشّق كمية كبيرة من هذه المبيدات الحشرية أو تنشّق كمية صغيرة على مدى طويل يمتصّها الجلد والجهاز التنفّسي ويجد نفسه عاجزاً عن التنفّس".
 
 
استخدام عشوائي وفوضى
 
تؤثر عوامل كثيرة في تدهور الحالة بشكل دراماتيكيّ، مثل عدم تهوئة المنزل وإغلاق النوافذ وتشغيل المكيّف حيث تكون المبيدات ما زالت قابعة هناك ويتنشّقها الشخص فتؤدّي إلى إصابته بأعراض صحية خطيرة. هذه المبيدات التي لا تكون مرئية تكون موجودة على الشعر وعلى الجلد ويتنشّقها الشخص حيث يمنع المبيد انتقال الإشارات من العصب إلى العضلات ما يتسبّب بشلل في الجسم لاسيّما في الجهاز التنفّسي. ونتيجة ذلك، يدخل الشخص في غيبوبة بعد تعطّل أعضائه خصوصاً الرئتين ومن ثمّ يفارق الحياة.
 
ما زاد من حدّة حالة نادين أنّها عادت إلى المكان "الموبوء" أي المرشوش وبالتالي عادت إلى استنشاق هذه المبيدات ما أدّى إلى تدهور صحّتها بشكل سريع.
 
هذه الحادثة تفتح الباب واسعاً أمام الاستخدام العشوائيّ للمبيدات الحشرية، التي يكون بعضها عالي الخطورة أو محظوراً دولياً والتي تُستخدم من دون حسيب أو رقيب. وككلّ مرّة نخسر فيها شخصاً نتيجة فوضى أو إهمال، نعود لنرفع الصوت حول الفوضى المستشرية في مختلف القطاعات، فأين هي الرقابة التي يتوجب على الوزارات المعنية تولّيها؟ من يراقب السوق وكيفية استخدام هذه المبيدات الحشرية سواء للرشّ أو للزراعة؟ وماذا جرى في الملفّات السابقة ومنها المبيدات الزراعية المسرطنة التي كانت تُستخدم في لبنان؟

اقرأ في النهار Premium