يرفع القطاع الطبّيّ والإسعافيّ في لبنان جهوزيّته لمواجهة أيّ عدوان إسرائيليّ محتمَل في إطار التصعيد المتواصل في الأيّام الأخيرة، وخصوصاً بعدما اختبر اللبنانيّون وأهالي الضاحية الجنوبيّة تحديداً خطر الغارات الإسرائيليّة الأسبوع الماضي، والتي طاولت أضرارها أيضاً مستشفى بهمن المجاور للمبنى المستهدَف في حارة حريك.
منذ تشرين الأوّل 2023، يقف الصليب الأحمر على أهبّة الاستعداد لتلبية طوارئ الحرب في الجنوب والبقاع، فاستنفر فرقه للاستجابة الفوريّة وإسعاف الشهداء والمصابين، وتأمين الدم، إلى جانب توفير الصحّة الأوّلية في المستوصفات، وأعمال الإغاثة وتوزيع المواد التموينية، بالتنسيق مع غرف العمليات في المحافظات واتّحادات البلديات.
ومع تفاقم توسّع رقعة الحرب في الأيام الأخيرة، يؤكّد الأمين العامّ للصليب الأحمر اللبنانيّ، جورج كتّانة، لـ"النهار"، أنّه "تمّ إعداد خطط احترازية لجهوزية كاملة، وسط تنسيق متكامل بين الفرق على مدى الـ24 ساعة، وندرس موضوع احتياط الفيول في محطّاتنا لتشغيل الآليات، إضافة إلى تقييم احتياط الأوكسيجين وكميّات المعدّات الطبّية المستهلكة وغير المستهلكة".
وإزاء هذا الواقع، لا ينكر كتّانة أنّ "ثمّة نقصاً في التمويل، لكنّنا نُنسّق مع الاتحاد الدوليّ للصليب الأحمر، والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والشركاء في الحركة الدولية لتأمين التمويل اللازم"، وذلك حفاظاً على قدرة الفرق على الاستجابة للطوارئ.
استعداداً لطوارئ الحرب، تسلّمت وزارة الصحّة يوم الإثنين 32 طنّاً من المستلزمات الطبية والأدوية المخصّصة لمعالجة إصابات الحرب، مقدّمة من "منظمة الصحّة العالمية"، للمستشفيات بشكل رئيسيّ، في وقت يُنسّق الصليب الأحمر مع الوزارات المعنية في خطّة الطوارئ الحكومية لتأمين المستلزمات الطبية الضرورية، والسؤال في إمكانية الاستفادة من هذه التقديمات الطبية الدولية.
ليست الحرب الحاليّة أوّل التحدّيات التي تواجه الصليب الأحمر، فقد اختبرت المؤسسة عدداً من المهمات الصعبة في السابق، منها انفجار مرفأ بيروت وانفجارات عديدة في بيروت والضاحية، ناهيك عن حرب تموز 2006، ما أكسب متطوّعيها الخبرة الضرورية لمواجهة الأزمات. إلّا أنّ التصعيد اليوم يستدعي تنسيقاً مع "الهيئة الصحّية الإسلامية" وجمعيّة "كشافة الرسالة الإسلامية"، أي الهيئات المتواجدة على الأرض جنوباً وسط القصف الإسرائيليّ إلى جانب عناصر الصليب الأحمر، إذ يؤكّد كتّانة أنّ "قوّة الصليب الأحمر تكمن في انتشاره على كامل الأراضي اللبنانيّة من شبعا حتّى وادي خالد، وعملنا مكمّل وليس مضارباً".
ويضيف: "هناك مهمّات أساسيّة لما بعد وقوع الغارة، من نقل الجرحى إلى المستشفيات بحسب حالاتهم، ومن ثمّ إلى المنازل لاحقاً".
المخاطر التي تتعرّض لها فرق الإسعاف والهيئات المدنية في جنوب لبنان عديدة، وقد استُشهد عدد منهم خلال تأدية واجبهم الإسعافيّ مثلما حصل في ميس الجبل منذ يومين. وهنا يُشدّد كتانة على أنّه "نحاول تأمين الحماية الأمنية لمتطوّعينا بالتواصل مع الأجهزة المعنية، لتنفيذ المهمّة وتخفيف المخاطر، إذ نُنسّق مع اليونيفيل والبلديات والهيئات الصحّية والجمعيات الأهلية، ولا يُمكن العمل بمفردنا"، مؤكّداً أنّ "العناصر يرفعون (شارة الحماية) خلال مهمّاتهم، ومن المفترض أن تكون هناك حماية لكافة فرق الإسعاف".
إذن، يستنفر الصليب الأحمر بفرقه وأجهزته وآلياته للتدخّل الفوريّ عند أيّ قصف إسرائيليّ على الأراضي اللبنانية، وسط تقييم متواصل على الأرض مع الفريق للاستجابة في الجنوب والمناطق اللبنانية الأخرى التي قد تشهد تصعيداً.