دقّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، وأعلنت عن حالة طوارئ عالمية بسبب انتشار جدري القردة. هذا التحذير الصحي قابله تصريح طبي بتسجيل لبنان 30 حالة بفيروس جدري القردة منذ سنتين. حالة من الخوف والقلق ترافق اللبناني الذي وجد نفسه أمام فيروس آخر قد يتهدّد صحته، فهل علينا القلق حقاً؟ وما حقيقة هذه الإصابات المحلية التي لم يُعلن عنها سابقاً؟
لم يكن تحذير منظمة الصحة العالمية حول إعلان حالة طوارئ صحية بسبب انتشار جدري القردة وتسجيل حالات خارج قارة أفريقيا ليثير هلع اللبنانيين، لو لم يخرج اليوم الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط ليؤكد تسجيل ثلاثين إصابة بين عامي 2022-2023، وكانت آخر إصابة في أيار 2023، وقد تمّت معالجتها جميعها.
تتابع وزارة الصحة عن كثب مرض جدري القردة منذ ظهوره وانتشاره في بعض البلدان الأفريقية، ويعتبر هذا المرض معدياً. ويتعافى معظم الناس منه تماماً خلال أسبوعين إلى 4 أسابيع. إلّا أنّه يؤدّي لدى فئات معيّنة (كالأشخاص ضعيفي المناعة/أو الذين يعانون من أمراض مزمنة)، الأطفال، النساء الحوامل...) إلى مضاعفات خطيرة قد تصل أحياناً إلى الوفاة.
في موازاة ذلك، أعلنت السلطات في باكستان اكتشاف 3 إصابات بجدري القردة في البلاد، في حين أُعلن في أوروبا عن أول حالة إصابة بالمرض وسط حالة طوارئ صحية عامة عالمية. فماذا عن لبنان؟
تؤكد رئيسة برنامج الترصّد الوبائي في وزارة الصحة الدكتورة ندى غصن لـ"النهار" أنه لم يُسجل أيّ حالة جديدة بمرض جدري القردة منذ آذار، حيث سُجلت حالتان قادمتان من قارة آسيا، وكانتا في الطفرة القديمة".
لم يتوقف انتشار المرض منذ سنتين إلّا أنّ الموجة الجديدة التي ظهرت في أميركا وأوروبا استدعت تحذيراً صحيّاً خصوصاً بعد ظهور متحوّر جديد، وتشير غصن إلى أنّ الإصابات "لم تصل إلى صفر، بل بقيت محصورة ضمن قارة واحدة قبل أن تعاود الانتشار في أكثر من دولة".
وعن اتخاذ اجراءات خاصة في المطار كما حصل خلال جائحة كورونا، تشدد غصن على أن "ليس هناك توصيات من قبل منظمة الصحة العالمية حتى الآن لاعتماد إجراءات خاصة على المعابر الحدودية. هذا الفيروس ينتقل عبر الجنس أو اللمس من شخص مصاب وبالتالي لا ينتقل عبر التنفّس. وعليه، ستكون توجّهاتنا منطقية حيث تقوم الوزارة بتعزيز نظام الرصد والتقصّي من خلال آلية الكشف المبكر عن الحالات وتشخيصها".
ما ستقوم به الوزارة اليوم يتمثل بإجراء تدريبات للقطاع الصحي للإبلاغ عن أيّ حالات جديدة والتقصّي المبكر والكشف السريع. إلى جانب ذلك، تسعى الوزارة إلى التأكد من قدرة المختبر وجهوزيته وتوفر الكميات المطلوبة للكواشف الطبية، بالإضافة إلى حملات توعية للبنانيين في الخارج خاصة في الدول الأفريقية حيث ينتقل المرض عبر الحيوانات المصابة أو الاحتكاك عبر أشخاص مصابين لتفادي انتقال العدوى، أمّا في لبنان فستكون حملات التوعية في المجموعات الأكثر عرضة للإصابة.
ولا تتخوّف غصن من أن يكون جدري القردة الجائحة القادمة، برأيها أنّ "الجائحة الجديدة ستكون تنفّسية وليس جنسية. وما يقلقني هو H5N1 في المستقبل وليس مرض جدري القرود، حيث يكون انتقال العدوى عبر الرذاذ أو التنفّس".
كيفيّة انتقال المرض
ينتشر المرض عن طريق:
- مخالطة الأشخاص المصابين عن طريق اللمس أو التقبيل أو الاتصال الجنسيّ.
- ملامسة مواد ملوثة مثل البياضات أو الملابس أو الإبر وغيرها.
- القطيرات التنفسية قصيرة المدى الناجمة عن المخالطة اللصيقة لفترات طويلة مع المصابين.
- الحمل/الولادة/الرضاعة، حيث يمكن للمرأة الحامل أن تنقل المرض إلى جنينها أو خلال الولادة أو بعدها، أو من أحد الوالدين إلى الرضيع/الطفل أثناء المخالطة الوثيقة.
- بيئة مجتمعية معينة مثل صالونات الوشم/التجميل.
- الاحتكاك بالحيوانات المصابة خاصة لدى صيدها أو سلخها أو طهيها.
أعراضه
يسبب جدري القردة أعراضاً مرضية قد تظهر بعد يوم حتّى 3 أسابيع من انتقال العدوى، وتستمرّ عادةً لمدة تتراوح من أسبوعين حتّى 4 أسابيع. إلّا أنّها قد تطول أكثر لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. وتشمل الأعراض الشائعة لجدري القردة:
* الصداع، الحمّى، التهاب الحلق.
* طفح جلدي في أيّ مكان من الجسم بما فيها الفم أو الحلق (ومن الممكن أن يكون آفة جلدية واحدة أو أكثر).
* تورّم الغدد الليمفاوية.
* آلام العضلات، آلام الظهر، الوهن.
في حال تمّ تشخيص المرض لدى أحد الأشخاص، يجب الانتباه إلى ما يأتي:
- أخبر أيّ شخص خالطته مؤخّراً (مخالطة وثيقة) عن إصابتك.
- ابق في المنزل (في غرفة خاصّة إن أمكن) حتّى تسقط جميع الآفات التي يسبّبها الطفح الجلديّ وتتشكّل طبقة جديدة من الجلد. وعند الاضطرار للتواجد مع الغير، حافظ على مسافة متر واحد على الأقل بينك وبين الآخرين.
- اغسل يديك بشكل متكرر بالماء والصابون أو استخدم معقم كحولي لليدين باستمرار، خاصة قبل أو بعد لمس القروح/الآفات الجلدية.
- قم بتغطية الآفات الجلدية وارتداء كمامة محكمة عندما تكون مع أشخاص آخرين.
- تجنّب لمس الأشياء الموجودة في المساحات المشتركة مع الآخرين. وقم بتطهيرها/تعقيمها بشكل متكرر في حال حصول ذلك.
- تجنّب المخالطة الجسدية/الجنسية.
- اغسل ملابسك/المناشف... بنفسك عبر جمعها في كيس بلاستيكي بعناية دون نفضها، قبل وضعها في الغسالة، ثمّ قم بغسلها بماء ساخن على درجة حرارة أكثر من 60 درجة مئوية. وفي حال تعيّن على شخص آخر القيام بذلك، ينبغي ارتداء كمامة طبية محكمة تماماً وقفازات ذات استعمال واحد واتخاذ احتياطات الغسيل المذكورة نفسها، والتخلص من الكمامة والقفازات والأكياس المستعملة بعد الانتهاء عبر وضعها في كيس نفايات محكم الإغلاق.
- حثّ كلّ مَن في المنزل على تنظيف يديه بانتظام بالماء والصابون أو بمطهر كحوليّ.
- افتح النوافذ للحصول على التهوية الجيدة.
- في حال كنت مسافراً وأصبت بعوارض مرضية بعد يوم حتّى 3 أسابيع من عودتك، قم بمراجعة الطبيب فوراً وأخبره أنّك كنت مسافراً.