رغم المآسي التي مرت بها البشرية أثناء جائحة كورونا، تكثر التساؤلات عما إذا كان العالم استوعب الدرس الأساسي المتمثل بضرورة الاستعداد لمواجهة أوبئة مماثلة، في ظل تحذير الخبراء من أن جائحة أقوى بقليل من كورونا قد تضع البشرية أمام كوارث تفوق الحروب والنزاعات منذ الحرب العالمية الثانية.
وبعد أقل من خمسة أعوام على موجة وباء "كوفيد- 19 ّ "، يبدو أن العالم لا يزال هشاً ومنكشفا أمام أي جائحة أخرى. ومع اكتشاف حالات إصابة بـ"جدري القردة" في الأسابيع الأخيرة، حرصت منظمة الصحة العالمية على الطمأنة بأنه لن يكون كورونا أخرى. ومع ذلك، بقيت الهواجس كثيرة حوله.
وفي هذا الملف، نحاول العودة بالأرقام إلى بعض خسائر كورونا، بشراً وحجراً، والإضاءة على بعض جوانب الفيروس القديم الجديد.
الأوبئة بوصفها مأساة وسخرية مرّة للبشرية
إذا أردت أن تتهكم بمرارة على البشرية المعاصرة، مع تجنب ذكر الحروب، فالأرجح ألا تجد أفضل من الأوبئة! لن تكون ريادياً في ذلك، الأرجح أنك تأخرت عن أرتال من الأدمغة في ذلك. وقد سبقك مثلاً، بيل غيتس، المؤسس الأسطوري لمايكروسوفت، الذي أطلق في 2018 الكلمات المريرة التالية "لو أخبرتم حكوماتكم الآن أن هناك تهديداً بأسلحة من شأنها أن تقتل 30 مليون شخص، فسيكون هناك شعور بالإلحاح بشأن الاستعداد للتهديد، ولكن في حالة التهديدات البيولوجية فإن شعور العجلة هذا غير موجود".
جاءت كلماته كأنها نبوءة، وسبقت اندلاع جائحة كورونا بعام أو أقل. وأوقعت الجائحة وفيات مباشرة تفوق سبعة ملايين شخص، وعشرات أضعافهم من الإصابات. هل تعلمت البشرية شيئاً من ذلك؟ الأرجح أن لا!
وفيما لا تزال متحورات كورونا تتوالى، وتصيب وتقتل، انطلق مجدداً فيروس "جدري القردة"، وحلّ رعب في العالم من تحوله جائحة (على رغم أنه لن يغدو كذلك). وبسرعة، ظهرت نفس العيوب والثغرات التي رافقت جائحة كورونا، ربما لا ينقصها سوى مشهديات التصارع على الكمامات والقفازات الواقية و... ورق التواليت، إن كان ثمة من نسي ذلك.
وكتبت ليلي جرجس: لماذا لا يمكن لجدري القردة أن يتحول إلى جائحة؟
في الأسبوع الماضي، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" مرض #جدري القردة كحالة طوارئ صحية بعد انتشار حالات منه خارج قارة أفريقيا. في ضوء هذه المستجدات، نقف عند السؤال الأشد إثارة للقلق: هل نحن متجهون إلى جائحة أخرى مثل كوفيد_19؟
يعدّ جدري القردة أحدث تهديد عالمي للصحة العامة، مع الإشارة إلى أنه وصل إلى وضعية مُشابِهة قبل سنتين. ويعاني معظم المصابين به من أعراض مشابهة للأنفلونزا بالإضافة إلى الطفح الجلدي الذي يستمر لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع. وتحدث مضاعفات خطيرة قد توصل إلى الوفاة لدى نسبة صغيرة من المصابين.
وكتب كريم حمادي: جدري القردة يُعيدنا إلى دوامة كورونا... تريليونات الدولارات أتلفتها الجائحة
"مطارات خاوية. متاجر مُغلقة. حظر للتجمعات. بضائع عالقة في الموانئ. شلل في سلاسل الإمداد. لا سياحة في العالم. تسريح آلاف الموظفين. عمل عن بعد"... مشاهد عاشها العالم بعد ظهور فيروس كورونا في ووهان الصينية في أواخر عام 2019، ثم تحوله إلى جائحة لم تترك بلداً في العالم.
اليوم، مع ظهور جدري القرود في السويد، وارتباطه بتفشٍّ متنامٍ في أفريقيا، بدأت الأنظار تتوجه إلى الاقتصاد العالمي، وما قد يصيبه من خسائر إن تحول هذا الجدري إلى وباء يعمّ العالم.
في الآتي نظرة إلى ما تكبّده الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا.
وكتبت كارين اليان: ما مدى جهوزية لبنان لمواجهة "جدري القردة"؟
تُطرح تساؤلات عديدة حول مدى جهوزية #القطاع الصحي في لبنان لمواجهة الأوبئة، وخصوصاً ما يتعلق بآليات توفير #اللقاحات، مع تأكيدات عن أن لقاح "#جدري القردة" ليس متوافراً في لبنان.
خلال الأزمة المالية، لعب القطاع الخاص دوراً جوهرياً في النهوض بالقطاع الصحي. لكن الأمور تختلف في مواجهة الأوبئة، وثمة آلية معينة لتأمين اللقاحات، بحيث لا يمكن تخطّي القطاع الرسمي في هذا الإطار. هذا ما تؤكّده طبيبة الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية - #مستشفى رزق الدكتورة رولا حصني سماحة، مشيرةً إلى أن الدولة هي المسؤولة الأولى عن توفير اللقاحات في مواجهة أي وباء في البلاد، حتى يحصل عليها القطاع الخاص في مرحلة ثانية. وهذا تحديداً ما حدث في مواجهة وباء كورونا وما يحصل في مواجهة أي وباء. فبشكل عام، لا يمكن للقطاع الخاص إدخال لقاحات إلى البلاد، وهو ما يؤدي إلى نقص لقاحات كثيرة. ومن اللقاحات غير المتوافرة حالياً لقاح الكباد "ب"، وهو ما يعتبر غير مقبول.