يغوص العلماء والباحثون في عالم الدماغ أكثر فأكثر. ويتحوّل ذلك العضو المثير والمتحكم بكل أعضاء الجسم إلى هدف رئيسي في تجارب علمية وسريرية مختلفة تكشف أسراراً وتفكك ألغازاً عن قدرة الدماغ على تحقيق نتائج مبشرة وإيجابية في الطب والتكنولوجيا على حدّ سواء.
هنالك نوع من "كونشرتو" مُرَكَّبْ في مسارات تفاعل أيدي العلماء مع الدماغ، إذ يكتشف علماء الأعصاب وعلماء النفس أن لدينا القدرة على التأثير في قدرات كثيرة في الدماغ، بل ربما استطعنا التأثير على مسار التكيّف والتطور مع مرور الوقت في البنية والوظيفة، إلى حدٍ ما.
لم يعد خافياً على أحد أن ما أحرزه العلم في التدخل في عمل الدماغ بصيغ مختلفة من خلال التأثير كهربائياً على مراكز محددة فيه، شكّل علامة فارقة ونجح في تحقيق أهداف معينة ومحددة. يحرص الأطباء والعلماء على توجيه هذه التقنيات بمسار ضيق وموّجه، والوصول إلى نتائج إيجابية في مضمار العلاج لبعض الاضطرابات النفسية والعصبية. ويكون استخدامها من خلال التدخل في عمل الدماغ في منطقة معينة حيث تتحكم ببعض المشاعر العاطفية.
وثمة خطوة أخرى تشهد أيضاً تقدماً ملموساً، وتتمثل في العمل على منصات التفاعل مع الدماغ التي أحدثت علامة فارقة في التجارب السريرية على الحيوانات قبل أن تبدأ تجاربها على المرضى من خلال تقديم إمكانية تنفيذ كل ما يفكر فيه المريض والتي تكون موصولةً على أجهزة الكمبيوتر لتنفيذها عبر الأجهزة الاصطناعية. وكانت تجربة القرود التي تمكنت من تحريك أطرافها الاصطناعية من خلال التحكم بدماغها أكبر دليل على مدى قدرة الدماغ على قلب الموازين ولا سيما في حالات الشلل.
تقنيات التحفيز الكهربائي للدماغ وحقائقها العلمية
شهدنا على استخدامات مختلفة ومتعددة للتحفيز الكهربائي للدماغ سواء في العلاج النفسي أو في العلاج الطبّي. وقد أظهرت الدراسات والتجارب العلمية أن التحفيز الكهربائي ساعد في معالجة #الاكتئاب وتحسين #الذاكرة وبعض الحالات النفسية الأخرى.
إذاً، لنقدّم جردة سريعة عن حقائق طبية وعلمية عن التحفيز الكهربائي للدماغ، والحالات التي أثبت فاعليته في التعامل معها.
في العام 2004، استطاع علماء أميركيون زرع "شريحة" إلكترونية، أنتجتها شركة "سايبر كاينتكس" CyberKinetics، ثبت قسمها الخارجي على فروة الرأس، فيما تولّت جراحة دقيقة زرع عشرات من الأقطاب الكهربائية على القشرة الخارجية لدماغ ماثيو ناجل، الذي كان يعاني من شلل أطرافه الأربعة.
واتصلت تلك الشريحة بحاسوب دُرِّب على التعرف على أنماط التدفقات الكهربائية العميقة في دماغ ناجل، وما يفكر فيه أثناء حدوث تلك التدفقات. بهذا، استطاع ناجل أن يكون أول شخص يستفيد من شريحة دماغية وأن يتحكّم بحاسوب، بما في ذلك كتابة أفكاره عليه، إضافة إلى التحكم بأشياء عادية من النوع الذي يستطيع الكومبيوتر أن يتحكّم بها، كالذراع الإلكترونية المتحركة مثلاً، من خلال التفكير وحده.