النهار

البلاستيك المتمدد في حياتنا يضرب الأرض بكارثة بيئية مفاقمة
المصدر: النهار، مواقع علمية
في كل عام، يلقي البشر 57 مليون طن من النفايات البلاستيكية في البيئة، ما يشكل خطرًا متزايدًا على الكوكب بأسره. يعبّر هذا الرقم الصادم عن حجم التحدي الذي يواجهه العالم في مكافحة التلوث البلاستيكي، الذي يمتد تأثيره من المحيطات والأنهار إلى السواحل والغابات وحتى المنازل.
البلاستيك المتمدد في حياتنا يضرب الأرض بكارثة بيئية مفاقمة
المحيطات والبحار تئن تحت وطأة التلوث البلاستيكي (بنتريست)
A+   A-
في كل عام، يلقي البشر 57 مليون طن من النفايات البلاستيكية في البيئة، ما يشكل خطراً متزايداً على الكوكب بأسره. يعبّر هذا الرقم الصادم عن حجم التحدي الذي يواجهه العالم في مكافحة التلوث البلاستيكي الذي يمتد تأثيره من المحيطات والأنهار إلى السواحل والغابات وحتى المنازل. 
وبالرغم من الجهود المبذولة لإعادة التدوير والحد من استهلاك البلاستيك، لا تزال المشكلة تتفاقم تفاقماً غير مسبوق، ما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة لحماية كوكبنا ومستقبل الأجيال القادمة.
البلاستيك والتلوث المستعصي
في دراسة جديدة نُشرت في مجلة "نايتشر" Nature، استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لنمذجة إدارة النفايات في أكثر من 50,000 بلدية حول العالم والتنبؤ بالكمية الإجمالية للبلاستيك التي تدخل البيئة. وخلصوا إلى أن حوالي 57 مليون طن من النفايات البلاستيكية لا يجري التخلص منها بطريقة صحيحة، وبالتالي ففي أي لحظة، قد تطفو قطع منها على سطح المحيطات، أو تقبع على قمة جبل أو حتى تتسرب إلى مجرى الدم. وإذا جُمِع التلوث البلاستيكي الذي انتشر في البيئة في عام 2020 في صف واحد، فيمكنه أن يدور حول الأرض أكثر من 1500 مرة، أو لو ألقينا هذه النفايات في كومة واحدة لملأت حديقة سنترال بارك في مدينة نيويورك في طبقة بارتفاع مبنى ناطحة السحاب الشهيرة "إمباير ستايت".
وبحسب موقع مجلة متاحف "سميثونيان"، لا يمثل التلوث البلاستيكي الذي رصدته الدراسة مباشرة سوى خُمس إجمالي النفايات البلاستيكية في العالم. لكن النتائج توضح كيف أن تحسين الوصول إلى خدمات جمع النفايات في جميع أنحاء العالم يمكن أن يقلل من حجم المشكلة.
ويقول جوش كوتوم، المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل باحث في التلوث البلاستيكي في جامعة ليدز: ”تعتبر النفايات غير المجمعة أكبر مصدر للتلوث البلاستيكي، حيث يضطر ما لا يقل عن 1.2 مليار شخص يعيشون من دون خدمات جمع النفايات إلى "إدارة" النفايات ذاتياً، وغالباً ما يكون ذلك عن طريق إلقائها في الأرض أو في الأنهار أو حرقها في نيران مكشوفة".
وتشكّل هذه النفايات البلاستيكية "المدارة ذاتياً" أكثر من ثلثي التلوث البلاستيكي النموذجي. لقد أصبح حرق البلاستيك مشكلة كبيرة. إذ أُحرق 30 مليون طن من البلاستيك في عام 2020 من دون رقابة بيئية. وتحمل عملية الحرق إمكانية أن تطلق موادّ مسرطنة وتلوثاً بالجسيمات والمعادن الثقيلة التي لها عواقب وخيمة على صحة الإنسان، إلى جانب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
الهند هي الملوث البلاستيكي الأضخم
واحتسبت الدراسة أيضاً أكبر المساهمين في التلوث البلاستيكي في العالم. وتأتي الهند في المرتبة الأولى، إذ تنتج 10.2 ملايين طن سنوياً، وتليها نيجيريا في المرتبة الثانية، وإندونيسيا في المرتبة الثالثة، وتأتي الصين في المرتبة الرابعة. وتحتل الولايات المتحدة المرتبة 90، حيث تنتج أكثر من 52,500 طن من التلوث البلاستيكي سنوياً. وعلى حد تعبير "سوجيتا سينها" من شركة "سوجيتا سينها" للهندسة المثيرة للاهتمام، فإن النتائج تلخص "نهاية العالم من النفايات".
يسلط التصنيف الضوء على وجود فجوة كبيرة في التلوث البلاستيكي بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب. وعلى الرغم من أن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تنتج كمية أقل من النفايات البلاستيكية إجمالاً، إلا أن جزءاً أكبر منها يجري التخلص منه بطرق غير سليمة، ما يجعلها عموماً مصدراً أكبر للتلوث البلاستيكي. وتعتبر البلدان ذات الدخل المنخفض التي تعاني تلوثاً بلاستيكياً محدوداً، من البؤر الساخنة حينما يحلل العلماء نصيب الفرد من التلوث البلاستيكي فيها. ومن ناحية أخرى، تنتج البلدان ذات الدخل المرتفع كميات ضخمة من النفايات البلاستيكية، ولكنها تملك أنظمة أكثر كفاءة للتخلص من النفايات، وبالتالي يتحول جزء أقل منها إلى تلوث.
بينما يواصل البشر إنتاج وإلقاء ملايين الأطنان من البلاستيك سنوياً، يزداد التهديد الذي يواجهه كوكبنا ومحيطاته وأنظمته البيئية. ولم يعد ممكناً بعد الآن التغاضي عن هذه الكارثة البيئية، بل إنها تتطلب منا جميعاً، أفراداً وحكومات ومؤسسات، اتخاذ خطوات جادة ومستمرة للحد من هذا التلوث المتزايد. إن ما نفعله اليوم سيحدد مصير الأجيال القادمة، وبالتالي، يجب علينا أن نبدأ الآن في تغيير عاداتنا، وتشجيع استخدام المواد البديلة، وتحقيق توازن حقيقي بين تطورنا وحماية بيئتنا. إن مستقبل كوكبنا بين أيدينا، فهل سنختار إنقاذه؟

اقرأ في النهار Premium