النهار

جثث غير معروفة المعالم وأشلاء مجهولة: وجع الانتظار لن يخمده سوى نتائج فحص الحمض النوويّ
المصدر: "النهار"
تحت الركام الدامي، تواصل فرق الإنقاذ البحث عن المفقودين في انفجار الضاحية الجنوبية بعد العدوان الإسرائيلي. وبين الأنقاض والدمار الذي غيّر معالم صورة هذا المبنى بشكل تراجيدي، تنتظر العائلات أي خبر يُطفىء لهيب النار المشتعل في قلوبهم. لا شيء يعلو فوق الوجع النازف والانتظار المجهول، الكل في انتظار ايجاد ما تبقى من أحبائهم، حتى لو كانت أشلاء ليتسنى لهم البكاء عليهم وإلقاء التحية الأخيرة قبل مثواهم الأخير. يشرح رئيس وحدة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني اللبناني، وليد الحشاش في حديثه لـ"النهار" أن الأشلاء التي تم العثور عليها توزعت إلى مختلف المستشفيات لإجراء فحص الحمض النووي للكشف عن هويتها.
جثث غير معروفة المعالم وأشلاء مجهولة: وجع الانتظار لن يخمده سوى نتائج فحص الحمض النوويّ
جهود حثيثة لرفع الأنقاض من مكان الغارة في الضاحية الجنوبيّة (حسام شبارو).
A+   A-
 

تحت الركام الدامي، تواصل فرق الإنقاذ البحث عن المفقودين في انفجار الضاحية الجنوبية بعد العدوان الإسرائيلي. وبين الأنقاض والدمار الذي غيّر معالم صورة هذا المبنى بشكل تراجيديّ، تنتظر العائلات أيّ خبر يُطفئ لهيب النار المشتعل في قلوبهم. لا شيء يعلو فوق الوجع النازف والانتظار المجهول، الكلّ في انتظار إيجاد من تبقّى من أحبّائهم، حتّى لو كانت أشلاء، ليتسنّى لهم البكاء عليهم وإلقاء التحية الأخيرة قبل مثواهم الأخير.
 
ساعات طويلة مضت دون سماع أيّ خبر يخفّف وطأة الفاجعة، تواصل فرق الإنقاذ عمليات البحث لإيجاد مفقودَين، وما زالت العائلات تتمسّك بقلب مُثقل بالألم والدموع، على أمل إيجاد جثّتيهما بعد أن أصبحت نسبة نجاتهما شبه مستحيلة.
 
تحت الأنقاض وأبعد من الموت
 
تحت الأنقاض، دُفنت أحلام قاطني هذا المبنى وذكرياتهم وآخر كلماتهم قبل أن يغدرهم العدوان الإسرائيلي ويحوّل كلّ شيء إلى سراب ورماد. في المستشفى، أشلاء لم يتمّ التعرّف إليها بعد، في انتظار صدور نتائج فحص الحمض النوويّ، خصوصاً أنّ هناك عائلات بأكملها استُشهدت، وبالتالي يتحتم أخذ عيّنات من أقرباء لتحديد هويّاتهم.
 
في ساعات الفجر، عثرت فرق الإنقاذ على عائلة جديدة تضمّ الشهيدة حسنا مهدي وأطفالها أحمد حلّوم والتوأم الطّفلان نايا ومحمّد حلّوم.
 
بدأت الأدلة الجنائية تحقيقاتها لتحديد هوية الأشلاء، هذه الأشلاء التي تفضح الإجرام الذي غزا بيوتهم وأحلامهم في ثوانٍ. وحدها نتائج فحوص الحمض النوويّ قادرة أن تُسكت بعض هذا الأنين الصارخ، ليكون العزاء في الحدّ الأدنى لهذه الخسارة الموجعة.
 
في المقابل، لم تتبلّغ مستشفى الحريري الجامعي، أيّ قرار حتّى الآن في شأن إجراء فحوص الحمض النوويّ للأشلاء والجثث غير معروفة المعالم بغية تحديد هويتها. ولكن من المتوقّع أن تكون هي الجهة التي ستتولّى هذا الملفّ كما حصل في السابق في انفجار 4 آب، وأن تتبلغ بالقرار اليوم.
 
وعلمت "النهار" أنّ الجثث الموجودة في مستشفى الحريري معروفة الهوية جميعها، ولا وجود لأيّ جثة مجهولة. وعند تسليمها الملفّ، تجرى الفحوص لكلّ أهالي المفقودين، حيث تصدر النتائج بعد يوم من إجراء الفحوص، ما يعني أنّ لغز الأشلاء سيكشف قريباً، وستخفف وطأة الوجع ولو قليلاً على عائلاتهم.
 
مكان الاستهداف في الضاحية (أ ف ب).
 
الهدف: صفر مفقودين

ولكن ماذا عن باقي المفقودين؟ يشرح رئيس وحدة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني اللبناني، وليد الحشاش في حديثه لـ"النهار" أنّ الأشلاء التي عُثر عليها توزّعت إلى مختلف المستشفيات لإجراء فحص الحمض النوويّ للكشف عن هويتها.
 
ويضيف، "نتيجة أعمال البحث هناك شخصان مفقودان، وأشلاء وجثث غير واضحة المعالم. لذا، يجري العمل اليوم على أخذ عيّنات من أهالي المفقودين والضحايا حتى نتمكن من تحديد هويات هذه الجثث أو الأشلاء، ونتيجة الفحوص وتطابقها نستطيع تحديد عدد المفقودين أو التوقّف عن البحث إذا تبيّن ألّا وجود لمفقودين".
 
ويشدّد الحشاش على أنه في حال تبيّن وجود مفقود ولم تكشف فحوص الحمض النوويّ عن تطابقه مع أيّ من الأشلاء الموجودة، "سنبقى ملتزمين بالبحث إلى حين إيجاده. وبالتالي سنبقى نواصل البحث للوصول إلى نقطة صفر مفقودين".
 
 
دخان سام ومميت
 
ولا يُخفي أنّ الموقع كبير ويحتوي على زواريب عدّة، إلى جانب تضرّر المبنيين المجاورين والانهيار السفلي الحاصل فيهما. ويعني ذلك أنّ العمل قد يستغرق وقتاً وجهداً كبيرين، فنوع الانهيار سبّب مصاعبَ بسبب الدخان والحرائق التي حصلت بالتزامن مع سقوطه وانهياره. علماً أنّ الدخان كان ساماً ومميتاً.
 
وعن فرضية تعذّر إيجاد أشلاء نتيجة ذوبان الجثث كما تناقل البعض، يؤكّد الحشاش ألّا صحة لهذه المعلومة، وأنّه لا وجود لفرضية عدم وجود شيء من الشخص، لا يمكن لشيء أن يذوب تماماً ويختفي أثره بل تبقى هناك عظام وجمجمة تشير إلى الشخص المفقود.
 
الانتظار صعب، ولا شيء يخفّف من ثقله سوى معرفة مصير المفقودين، لأنّ إيجاد الأشلاء يبقى أهون من عدم إيجاد شيء.

اقرأ في النهار Premium