محاكاة الواقع. على ذلك النحو استعدّت المستشفيات اللبنانية لمواجهة سيناريو الحرب على مدار أشهر من التجهيزات والتحضيرات والتأهّب لما هو أسوأ، قبل أن تتحوّل الحرب أمراً واقعاً. وبعد أن تدرّبت بعض المستشفيات تجريبياً على ما قد تكون عليه حالة الطوارىء الصحيّة، انتقلت اليوم إلى محاكاة الواقع مستخدمة ما استعدّت له طوال أشهر عدّة.
يبدو واضحاً حتى السّاعة أن المستشفيات والهيئات المعنيّة بالأدوية والمستلزمات الطبية جاهزة للتعامل مع حالة الحرب، التي بدأنا نشهد ارتفاع وتيرتها بطريقة تصاعدية وقاسية في الأيام الماضية الأخيرة. لقد نجحت كلّ الأطراف الصحيّة المعنيّة في التعامل مع مختلف الإصابات بطريقة مهنيّة محكمة.
الاستعداد سبق المأساة
خلال الأشهر السّابقة، شهد القطاع الصحيّ حملة تجهيز مكثفة تحسّباً لأيّ حرب موسّعة. وبهذا المعنى، أحسَّ المعنيون بشيء من "الراحة" حيال الوضع في القطاع الصحي، على الرغم من قساوة الوقائع على الأرض، ومن الجرحى الذين خلّفتهم الضربات الإسرائيلية منذ أسبوع ولغاية اليوم.
وعلى خلاف الأزمة الاقتصادية وتبعاتها، التي أدّت إلى أزمة في المستلزمات الطبيّة، قبل أن يُصار إلى معالجة هذا الملف سريعاً، سعت الشركات المستوردة إلى جلب كميّة كافية منها استعداداً لحدوث تصعيد عسكريّ مع إسرائيل.
"لا خوف من انقطاع في المستلزمات الطبية ما دام المطار والمرفأ مستمرَين في العمل". بهذه العبارة تطمئن نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي من يسألها عن الوضع الحاضر. لكن الشركة تستهلك كميّة كبيرة من كلّ أنواع المستلزمات الطبية، في وقت تعمل على استيراد كمية جديدة سريعاً، وإن لم تواجه حتى الساعة أيّ مشكلة في هذا الموضوع.
إلى جانب ذلك، تتحدث عاصي عن وجود مخزون كافٍ للشركات المستوردة لفترة تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر. كذلك هو الحال بالنسبة إلى مخزون المستشفيات. وبالتالي، لا مشكلة في المستلزمات الطبية في البلد.
وزير الصحة فراس الأبيض يتسلّم من اليونيسيف مستلزمات طبية (تصوير: حسن عسل)
الخيطان الجراحية هي الأكثر إلحاحاً
قد يتمثّل السيناريو الأسوأ، الذي قد تواجهه المستلزمات الطبية، بإمكانية إقفال المرفأ والمطار، إلا أنّ ذلك لن يتسبّب بكارثة صحية خلال الأشهر المقبلة نتيجة المخزون الموجود، والذي يكفي ما بين 3 إلى 6 أشهر. وبين مخزون الشركات ومخزون المستشفيات تؤكّد عاصي أن "وضعنا جيّد، ولن نواجه أيّ أزمة، أقلّه في الأشهر الثلاثة المقبلة".
يبدو أن أكثر المستلزمات الطبية المطلوبة هي الخيطان الطبية، التي تتقدّم اللائحة، نتيجة استخدامها في كل العمليات الجراحية، ولكونها أكثر ما ينفد في الوقت الحاضر.
على ضوء ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية، توجَّب على القطاع الصحيّ زيادة استعداداته تحسّباً لأيّ تطوّرات ممكنة. ونتيجة لهذا الواقع، تسلّمت وزارة الصحة من منظمة "يونيسف" 33 طناً من المستلزمات الطبيّة المنقذة للحياة، والمستخدمة في حالات الطوارئ، بهدف المساعدة على رفع الجهوزيّة الصحيّة في حال توسّع العدوان الإسرائيلي على لبنان. ستوزّع الإمدادات الصحيّة على المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية العامة كي تستمر في تقديم الخدمات إلى مئة ألف شخص على الأقلّ تضرّروا من العدوان، بمن في ذلك النساء والأطفال.
تتضمن المساعدات المقدَّمة للبنان مجموعات صحيّة أساسية مخصّصة لحالات الطوارئ في المستشفيات التي تعالج المصابين، ومجموعات دعم مرافق التوليد ومساعدة النساء الحوامل. كذلك تشمل المساعدات أدوية وعلاجات أساسية للحالات الحادة والمعدية، ومجموعات دوائية أخرى منقذة للحياة، تفيد لمساعدة فرق الاستجابة للطوارئ وسيارات الإسعاف، في تقديم الإسعافات الأوليّة.