النهار

عرسٌ ثقافيٌّ في حضرة ماجدة الرومي: السعودية في القلب ونصلّي لأجل لبنان (فيديو)
إسراء حسن
المصدر: الرياض- "النهار"
عرسٌ ثقافيٌّ في حضرة ماجدة الرومي: السعودية في القلب ونصلّي لأجل لبنان (فيديو)
السيدة ماجدة الرومي في "مهرجان الغناء بالفصحى".
A+   A-
تجدّد لقاء السيدة ماجدة الرومي بجمهورها العربي الوفيّ لنهجها الفنّي الراقي، فكان اللقاء على مسرح أبو بكر سالم في البوليفارد. حفل ثانٍ في العاصمة السعودية لكنّه لا يُشبه ما قدّم في العلا وجدّة وحتى الرياض في المرة الأولى، إذ شهد الحضور عرساً ثقافيّاً ضمّ باقة من أجمل القصائد الورديّة المغنّاة بصوت الرومي.
 
أحيت الماجدة الليلة الثالثة ضمن فعاليات "مهرجان الغناء بالفصحى"، وثمّنت مبادرة وزارة الثقافة، التي حضرت بتوقيتها الصحيح: "القصائد المكتوبة باللغة العربية الفصحى إلى تراجع كبير لصالح اللهجات المحليّة العربيّة. علينا بالحفاظ عليها لأنها هويتنا وتراثنا. هذا القاسم المشترك بيننا".
 
 
هي سيّدة الفصحى التي اعتلت المسرح، فأحضرت معها رائعة الشاعر الراحل أنور سلمان في "عيناك ليالٍ صيفيّة"، مجدّدة التحيّة الدافئة إلى المكتبة الفنية لوالدها الموسيقار الراحل حليم الرومي عبر "اِسمع قلبي وشوف دقاته" وقصيدة "سلونا" التي كتبها "الأخوين الرحباني". ولا يمكن أن تكتمل مشهديّة الشعر العربي من دون شاعر المرأة الراحل نزار قباني، فحلّقت الرومي عبر قصائده "أحبّك جداً"، "وعدتك" وغيرها، لتصل إلى نَفَس الأنثى الرقيقة في "كُن صديقي"، قصيدة الشاعرة سعاد الصباح. أما بيروت، فهي دائماً ستّ الدنيا بالنسبة للماجدة، تنطق بوجعها بالفصحى واللغة المحكيّة أينما حلّت. وفي كل مرّة يسمع الجمهور "بيروت يا ست الدنيا"، ينتابه شعور الألم والغصّة الذي تعيشه الرومي على سنبلتها.
 
 
استهلّت أمسيتها متوجّهة إلى الحضور قائلة: "مساء السعودية الغالية على قلوبنا، مساء أرضها الطيبة وشعبها الحبيب وقيادتها الشريفة. مساء البلد الشريف. مساء هذا البلد الأصيل بعطاءاته العظيمة. فتح أبوابه للدنيا ليشرب كلّ عطشان من نبع هذه الأرض المباركة. نحن اللبنانيين نعلم قيمة هذا البلد الحبيب، ونحن نكنّ له التقدير والاحترام اللذين يستحقهما".
 
وتابعت: "أتينا نغنّي معكم من القلب. أتينا من ظروف صعبة، من بلد ظروفه باتت مستحيلة، لكننا نتمسك بالحياة ومعكم نفرح ونغنّي ونتذكّر أن هناك مكاناً في الحياة للفرح والعطاء". شكت الوجع من دون مواربة: "كلّ عضو في الفرقة الموسيقيّة آتٍ من مشاكل كثيرة من لبنان، لكنّهم وضعوا أحزانهم جانباً كي نفرح معكم. شكراً لدار العزّ الذي يستقبلنا كأهل، وشكراً على كل ما نحظى به من استقبال رائع".
 
 
عبّرت بصوتها العذب، فقالت: "اشتقت العودة للغناء معكم، هذه السهرة فاجأتني كثيراً. لم أتصوّر أن هناك في العالم العربيّ من يمكن أن يخرج بفكرة تقديم أمسيات للقصائد المغنّاة. تحية من القلب لمعالي وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان على هذه الخطوة الرائعة"، مؤكدة أنّه "يبدو جليّاً من خلال خطواته تطلّعات السعودية إلى المستقبل، هذه الخطوات الجبارة التي تحتاج إلى ثقافة وفنون جميلة مرفوعة على أعلى مستويات، هذا ما يليق بالدول التي تريد أن تخطو خطوات عملاقة إلى الأمام".
 
توجّهت إلى اللبنانيين الذين حضروا حفلها، فقالت لهم: "نمسّي عليكم، وننتظركم في الصيف ببيروت. ليس لأن هناك أمراً إيجابياً لمسناه، بس الله كبير وعم نصلّي".
 
أطلّت الرومي بالأبيض كالأميرات، فحاكت إطلالتها الجمال والرّقيّ وسلاماً داخلياً عكس علاقة الحبّ العذريّة التي ولدت بينها وبين جمهورها على مرّ السنين. لذلك لمع نجمها الوحيد في هذه الأمسية لأنها ببساطة تساوي آلاف النجمات.
 
 
ختمت الحفل محيّية الأوركسترا الموسيقية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، الذي جهد على مدى أسابيع لأجل تقديم اللحن الطربيّ بمستوى احترافيّ مرادف لكلّ حرف عربيّ ورد في القصائد المقدّمة، فهنيئاً للبنان بمبدعيه الذين لا يزالون يجدون مساحة خارج أسوار بلدهم المغلقة لتفجير إبداعاتهم، فيؤكدون دائماً بأنّ لبنان لا يزال موجوداً على خريطة الفن والفكر والثقافة.
 
مبادرة قيّمة من وزارة الثقافة أن تكون عرّابة إنعاش الحركة الشعرية عبر سفراء الأغنية العربية، فالجمهور توّاق للفن الراقي، وآن الأوان للمضي بهذا المسار السليم كي نبعد آذاننا عن التلوّث السمعيّ، الذي غزا أصالتنا وهويتنا؛ فالعالم العربي يزخر بشعراء لا يزالون يولون لحرف الضادّ احتراماً.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium