كما هو دائماً سلطان الطرب جورج وسوف في إطلالاته الإعلامية، يكون بعيداً عن تصنّع المثاليّة وكمال النجوميّة، التي يدّعيها النجوم في إطلالاتهم عادة. يتحدّث عن طبيعته من دون مجاملة أو مواربة، صادقاً مع نفسه ومع جمهوره. هكذا أطلّ الوسوف على جمهوره العريض في الوثائقي الذي روى جزءاً من حياته، حيث كان هو الراوي، وجسّده على الشاشة ثلاثة ممثّلين هم: الفتى الموهوب سليم حايك، الذي قدّم مرحلة الطفولة، وبعده في مرحلة الشباب الممثل عامر فياض، الذي بذل مجهوداً يستحقّ الثناء عليه، إذ اجتهد لاستحضار الوسوف وإيصال روحه المرحة وخفّة ظلّه للمشاهدين.
أما في المرحلة الثالثة، فتمت الاستعانة بشبيه الوسوف فريد توفيق، الذي لم يُسعفه الشبهُ الكبير بينَه وبين الوسوف، ففشل في تجسيد "أبو وديع" في المرحلة الثالثة، ما أكّد أفضليّة الاستعانة بممثل قادر على استحضار سلطان الطرب لا تقليده بطريقة رديئة.
ينقص المسلسل الكثير ليكون وثائقياً كاملاً يجمع حياة الوسوف؛ فمسيرة سلطان الطرب الحافلة بالكثير من الوجوه والمحطّات تحتاج إلى ميزانية ضخمة وحلقات أطول، لولا أن الوسوف - كما قال في نهاية المسلسل - اختار أن يروي بنفسه سيرته، وهو على قد الحياة بدلاً من أن يأتي أحدٌ بعد وفاته ويُخبر أموراً خاطئة عنه. وقال إنّ الجميع يخطئ، مشيراً إلى أنّ أغلاطه من النوع الذي يُمحى. ومن هذا المنطلق، كان لدى الوسوف شفافية وصدقاً في التطرّق إلى قضيّة المخدرات في حياته، فخلال كلمته التي ختم بها الوثائقي، قدّم نصيحة من القلب إلى الشباب، دعاهم بها إلى الابتعاد عن المخدرات والقمار (ألعاب الميسِر)، من دون أن يُخفي مروره فيها: "أنا مرقت فيهن"، لافتاً إلى أنّ نتيجة هذه الأمور "بشعة ووسخة"، على حدّ تعبيره. كذلك دعا الشباب إلى عدم الوقوع في هذا الخطأ، بل كان لديه من الشّجاعة ما يكفي لإفراد حلقة كاملة توضح إدمانه القمار في بداية مسيرته الفنية، قبل أن يُقلع عن ذلك. وخصّص لزاوجه الأول بالسيدة شاليمار حلقتين، ولم يتردّد في القول إنّه لو كان مكان والدة شالميار لما كان ليُزوّج ابنته لشخص مثله.
الوسوف الذي أفرد حلقتين لزواجه الأوّل، تجاهل تماماً زواجه الثاني ببطلة الراليات القطرية ندى زيدان، بالرغم من أنّه للمرّة الأولى يأتي على ذكر ابنته عيون من زواجه الثاني، إذ ذكرها عندما تحدّث عن عائلته وأبنائه الثلاثة: وديع وحاتم وجورج جونيور، فقال إنّ لديه آخر العنقود، ابنة اسمها عيون جورج وسوف و"عيون الوساسيف جميعاً"، على حدّ تعبيره.
سيرة الوسوف غاب عنها الكثير من السيرة الفنية ولقائه بشاكر الموجي، الذي أعطاه لحن "يللي تعبنا سنين في هواه"، إلا أنّه تطرّق إلى لقائه بالملحن نور الملاح، الذي قدّم له أجمل أغنياته "حلف القمر"، و "روحي يا نسمة"، فقال إنّه كان رافضاً تماماً أن يغنّي الأغنتين، ولم يحببهما، لأنّهما ليستا لون الوسوف، وسجّلهما على مضض بعد إلحاح شديد من عازف القانون محمد اللّبان، معترفاً بأنه لم يكن يتوقّع أن تنجحا بهذه الطريقة، فيما مرّ مرور الكرام على تعاونه مع صلاح الشرنوبي.تطرّق الوثائقي إلى مرض الوسوف وتعرّضه لجلطة في العام 2011، فقال في هذا الإطار إنّ حبّه للحياة هو ما ساعده على استعادة عافيته وذاكرته وفنّه.
وفي نهاية الحلقة الأخيرة، وعد الوسوف بتقديم وثائقيّ آخر عنه بعد عشر سنوات.