رحلت المطربة نورهان التي سطع اسمها في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي في نهاية شباط الفائت عن عمر يناهز المئة سنة في منزلها العائلي في بيروت.
ولدت نورهان، واسمها الحقيقي خيريّة جركس، في العام 1922 في دمشق لأبوين من أصل شركسي. وقد سميت نورهان كإحالة إلى إسمي المطربتين نور الهدى وأسمهان. بدأت الغناء في سن مبكرة، ورددت الأغاني التي كانت تسمعها في الراديو في التجمعات الموسيقية التقليدية للنساء، أو الاستقبالات كما كانت تسمى، والتي نظمتها والدتها وصديقاتها. تزوّجت في سن الرابعة عشرة من قاسم قاسم وهو مُدرّس ومترجم لبناني أتقن 11 لغة. شجعته خيرية على مواصلة مسيرته المهنية عبر الحصول على منحة لدراسة الأدب الإنكليزي في القاهرة.
شاركت خيريّة في القاهرة في أدوار هامشية في الافلام السينمائية، وذلك رغبة منها في مساعدة زوجها في تأمين مدخولهم الشهري وإعانة طفلهما. وتعرفت هناك إلى الوسط الفني، وما لبثت أن احترفت الغناء والتمثيل. مثلت في ثلاثة أفلام هي "الخير والشر" (1946)، و"ابن الشرق" (1946)، و"ليلى في العراق" (1949)، كما غنت على المسارح وفي المحطات الإذاعية في لبنان، وسوريا، ومصر، وتونس، والعراق، والكويت .ولا تزال الإذاعة السورية في دمشق تحتفظ بالمئات من تسجيلاتها. تعاملت مع أبرز ملحني تلك الفترة، ومنهم محمد محسن (يام العيون الكحيلة)، وفيلمون وهبي (هجرني وراح)، وسليم الحلو (اشتقنا والله اشتقنا)، ومحمد عبد الكريم، ومحمد عبد الوهاب مثلما غنت الالوان الريفية التقليدية .
قررت نورهان الاعتزال وأنهت حياتها المهنية في أوائل الستينيات وافتتحت صالونًا لتصفيف الشعر في منطقة عرنوس في دمشق. انتقلت بعد سنوات قليلة إلى بيروت حيث عاشت خريف عمرها محاطة بعائلتها، وذلك مع زياد ابنها الوحيد ومن بعد رحيله مع زوجته فاطمة وأولاده الثلاثة . قدّمت حفيدتها المخرجة مي قاسم في العام 2016 فيلماً وثائقياً عنها بعنوان "نورهان ..أحلام طفلة" والذي عرض في عدة مهرجانات دولية ومحلية ونال جائزة أفضل فيلم وثائقي في العام 2017 في مهرجان الفينيق السينمائي في ليون.
*حقوق الصور محفوظة لعائلة الفنانة نورهان