برغم معرفة مستجدات حالته الصحية، إلا أنّ الأمل والرجاء بانتصاره في معركته مع المرض الخبيث كانا كبيرين، لأنّه باختصار مروان نجّار، ذلك الثائر الذي لا يكلّ ولا يستسلم.
رحل مروان نجّار صباح الرابع عشر من شباط، تاركاً فكراً ثقافياً سواء في الأعمال الفنية وحتى في وجهات نظره السياسية الوطنية التي نطقت دائماً بلسان حال المواطن، غير آبه لمكانة الزعيم، بل بتمسك ثابت بلبنانه.
هو الصحافي وأستاذ اللغة العربية والمنتج والكاتب الذي استهلّ بدايته في الكتابة التلفزيونية بدعم من المخرج أنطوان ريمي وزوجته هند أبي اللمع بمسلسل "ديالا" مع الممثلة هند أبي اللمع (1977) المأخوذة عن رواية "Therese Ethienne".
المنتج مروان حداد كشف وبحزن عن نيّة مسبقة لإعادة إنتاج مسلسل "ديالا" في نسخته الجديدة، موضحاً أنه اتفق مع الراحل بعدما اشترى الحقوق على أن يقدّماه سوياً تحية لأرواح هند أبي اللمع وأنطوان ريمي والياس الرحباني قريباً.
وكتب حداد: "سأضيف إلى هذه الأرواح في تحيّتي لهم روح مروان نجار التي غادرتنا قبل تحقيق الأمنية، رحم الله الكاتب الكبير وأسكنه فسيح جنّاته. أعزّي زوجته فريال وأولاده زياد ورنا ولمى وللأسرة الدرامية في لبنان والعالم العربي".
صفحته الفايسبوكية مليئة ببوسترات أعماله في التلفزيون والمسرح والسينما، ومن ينسى أعماله في سبعينيات القرن الماضي التي كانت تعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، أبرزها: "طالبين القرب"، "من أحلى بيوت راس بيروت"، و"ماريانا"، و"لمحة حب" وغيرها مما لا يعد ولا يحصى من الأعمال المسرحية.
شهادات كثر اليوم نعت الراحل، لكنّها حرصت على التذكير بأن نجار هو من أعطى الفرص لمواهب تمثيلية باتت اليوم من الأشهر على صعيد التمثيل والأعمال الفنية الهادفة.
منذ عام، وفي مثل هذا اليوم، استذكر نجار الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذكرى اغتياله، مستعيداً تفاصيل ذلك اليوم: "في مثل هذا اليوم قبل 17 عامًا، وكان يوم اثنين أيضًا، كنت في مكتبي أناقش مع مازن، ابن شقيقي رمزي، مشروعًا أكاديميًّا طموحًا كان يعدّه للجامعة حين دوّى الانفجار. ضعنا بين الفاجعة وذعرنا على غسّان، شقيق مازن، العائد من الـ AUB على الطريق البحريّة كالمعتاد. نجا غسّان ولكن... لم يَنجُ لبنان".
ولا شكّ أنّ نجّار لو كان موجوداً بيننا اليوم، لكتب منشوراً في حب لبنان والرغبة في خروجه من نفقه.
تحدّث عن الموت بواقعية منذ قرابة الشهر، فكتب: " "أصعب ما في الموت أنه كلّما أمعن في تغييب الأعزّاء عن سطح الأرض عمّق حضورهم في الوجدان مكرّسًا حاجتنا إلى تواصل مستحيل معهم. حاجة تدعوني إلى تفقّد أشقّائي الثلاثة الحاضرين في وجداني. فليَعذِرني مَن يجد في وجدي أنانيةً لكن ربّما خفّفت العبارة من ألم الغياب".
ليس مستغرباً عن مروان نجار أن يتربّع اسمه الترند في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو البروفيسور و والأستاذ والناقد الذي كان يعلّق بحكمة ومهنية على كل حدث أو عمل، لذلك أتت كلمات الرثاء تحاكي الفكر الذي تركه والذي سيبقى خالداً في كلماته وأحرفه.
نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون في لبنان نعت نجار: "الدراما العربية تفقد أحد أهم روادها، سنفتقد فكره الخلاق، وداعا مروان نجار".
وكتب الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم: "بعد أن صارع المرض ببسالة وكرامة عالية، يخسر مروان نجار معركة أنهكته فهزمته"، مضيفاً: "كتب مروان أجمل المسلسلات وصاغ الحملات الإعلانية الأكثر ابتكاراً، ولوّن ليالي اللبنانيين من خلال مسرحه. ها هو يغمض عينيه، يلتحق بشقيقه رمزي ويودّع حياة كان له في كل فصلٍ منها بصمة ودمعة وابتسامة".
واستذكر الممثل باسم مغنية لقاءه الأول مع نجار: "شافني بين عجقة ناس. قلي شو إسمك؟ قلتلو باسم. قلي بكرا الصبح بتجي عالمكتب بدي جرب موهبتك ب دور. وهيك بلش مشواري. أنا كتير حزين. وداعا أستاذي".
الممثل طارق سويد كتب بحزن شديد: "كأنو أجمل مرحلة من حياتي راحت مع رحيلك استاذ مروان نجار".
وتابع: "الكاتب الكبير و المنتج اللي عطاني أول فرصة و عرّفكن عليي فل اليوم من هالدني. أستاذي اللي كان أول مين وثق بموهبتي وأطلقني بمسلسل "من أحلى بيوت راس بيروت" ومن بعدا "الطاغية" و"نسمة صيف" و"صارت معي" وكتير من المسلسلات و المسرحيات و الأفلام، فل من هالدني، بس اسمو و أعمالو رح يبقو خالدين بذاكرتنا... أستاذ مروان نجار الله يرحم روحك، فضلك عليي كتير كبير و رح تبقى استاذي طول العمر... ارتاح بسلام".
وأيضاً كتبت الممثلة كارمن لبس: "مروان نجار يلي ساهم بصناعة محطة ذهبية بالدراما اللبنانية فلّ اليوم، عطانا كتير ذكريات حلوة منرجعلا بس بدنا نهرب من بشاعة هالإيام. نفسه بالسما، الله يصبر عيلته ومحبينه، وكل الممثلين اللبنانيين".
أما الممثل طوني عيسى، فكتب: "رحل اليوم من حَضَنَ الدراما اللبنانية لسنواتٍ عديدة وصنع نجوماً كُثُراً تلمع اليوم اسماؤهم عالياً.، الرحمة لروحه وخالص العزاء لعائلته الكريمة".
الفنانة كارول سماحة: "مروان نجار البدايات الحلوة وأوّل شخص عرّف الناس على موهبتي بالتمثيل. الله يرحمك استاذ مروان وتبقى ذكراك بقلوبنا متل أعمالك،
طالبين القرب".
الممثلة داليدا خليل: "بأول سنة عم إدرس تمثيل وإخراج، كانت أولى تجاربي بمسلسل "الطاغية"، ما رح إنسى كيف بلشت مشواري، وداعً أستاذ مروان نجار، عزائي لعائلتك ولكل محبينك".
ويُحتفل بالصلاة لراحة نفس الراحل الحادية عشرة من قبل ظهر الأربعاء (15 شباط الجاري) في كنيسة القديس نيقولاوس للروم الأرثوذكس (مارنقولا)، الأشرفية، ثم يُنقل جثمانه بعد الصلاة إلى مسقط رأسه بشمرّين الكورة، حيث تقام الصلاة في كنيسة القديس جاورجيوس، على أن يوارى الثرى في مدافن العائلة.
تُقبل التعازي بعد الدفن في صالون كنيسة القديس جاورجيوس لغاية السادسة مساء، يومي الخميس والجمعة في صالون كنيسة مارنقولا بالأشرفية من الأولى بعد الظهر إلى الخامسة مساء.