النهار

"Dance Factory" و"فرقة بيروت للباليه المعاصر" تتّحدان لأجل ثقافة الرقص (صور)
إسراء حسن
المصدر: "النهار"
"Dance Factory" و"فرقة بيروت للباليه المعاصر" تتّحدان لأجل ثقافة الرقص (صور)
مايك بولاديان وجنى يونس (تصوير: حسام شبارو).
A+   A-
شهدت أكاديمية "Dance Factory" ولادة جديدة، بعدما شفيت من آثار الجروح التي تعرّضت لها في انفجار الرابع من آب، انفجار مرفأ بيروت. فقد حاول هذا المكان أن ينشل نفسه باللحم الحيّ، من خلال روحيّة المؤمنين بضرورة نهوضه من جديد، ولم تتوقّف أجساد الراقصين فيه عن الرقص على إيقاعات الموسيقى الحيّة المحبّة للحياة، انتفضوا وعلموا في قرارة أنفسهم بأنّ الندوب التي خلّفتها هذه الجريمة ستندمل رغم غضب انعدام العدالة إلى اليوم.
 
 
احتفل استديو الأكاديمية منذ أيام بإعادة صيانة المكان بدءاً من أرضيّته (Sprung floor)، وصولاً إلى تفاصيل كثيرة يرغب كلّ راقص محترف أن تكون موجودة بمعايير محدّدة، إسوة بأماكن الرقص المحترفة التي نعاني من ندرتها في لبنان، فتكاد تعدّ على عدد أصابع اليد الواحدة. ويعود الفضل في تنفيذ هذا التحديث إلى "فرقة بيروت للباليه المعاصر" التي تمكّنت من تأمين الدعم المادي المطلوب من "Solidarity Fund" - سويسرا، في ظلّ غياب الدولة عن كلّ ما له صلة في الشأنين الفنّيّ والثقافيّ، المتنفّس الأخير للبنانيّ.
 
 
 
مايك بولاديان، مؤسس أكاديميّة "Dance Factory" لتعليم الرقص سعيد بهذا الإنجاز، رغم أنّ ما مرّ به كان كفيلاً في إعطائه العذر للنظر إلى خارج أرض الوطن. ويقول في حديث لـ"النهار": "بعد انفجار المرفأ، كانت العودة صعبة لاسيّما إعادة الإيجابيّة إلى قلوب الأشخاص كي يجدّدوا اندماجهم في حياتهم الطبيعية. وكان الهدف الأكبر لديّ أن أزوّدهم بالتحفيزات. بدأنا من الصفر وهذا في حدّ ذاته صعباً، لكنّنا حاولنا أن نبقى إيجابيّين كي نكون دواء للناس الذي عاشوا أبشع التجارب بعد انفجار المرفأ".
 
 
الجميع واكب فترة جائحة كورونا وانفجار المرفأ وما تبعهما من أوضاع معيشية صعبة جداً لا تزال مستمرّة إلى اليوم، الأمر الذي تسبّب في إغلاق الكثير من مدارس الرقص، لكنّ مايك تمسّك بما تعب لأجله على مدى 7 سنوات، رافضاً الفرص التي أتيحت له للسفر إلى الخارج: "لا أستطيع. تعذبت بعد الانفجار، وكورونا، لكنّني أحمد الله على كلّ شيء، إذا أنا فلّيت وغيري فلّ، من سيبقى في البلد؟".
 
تصوير: حسام شبارو
 
ويضيف: "تضرّر هذا المكان في انفجار المرفأ، ولكن لم يكن في وسعنا الاستسلام. نحن راقصون. لا نرقص لأجل المال، بل نرقص كي نكون سعداء وننقل هذه الذبذبات إلى من حولنا. لذلك، ابتسم لنا الحظ، وحصلنا منذ فترة على تمويل من "Solidarity fund" - سويسرا، وهنا أشكر أعضاء "فرقة بيروت للباليه المعاصر" الذين كان لهم الفضل في تحقيق هذا الأمر."
  تصوير: حسام شبارو
 
تكمن أهميّة صيانة هذا المكان، والذي تولّى تنفيذه "Ghoch Studio" لصاحبه إدوارد غوش، توفير الطاقة المطلوبة لأساتذة الرقص كي يقدّموا أفضل ما لديهم للطلاب، ويعيشوا تجربة التواجد في مكان الراقصين المحترفين. بحسب مايك، "اليوم انطلقنا والحمد الله نريد أن نفعل أيّ شيء كي لا نترك البلد".
 
التأسّف لغياب الدعم من الجهات الرسمية ليس أمراً جديداً، لكن يعزّ على مايك هذا اللحن المتواصل في عدم إعطاء قيمة للرقص من قبل المعنيّين: "كل ما نقوم به فرديّ. وهذا يخسّرنا الوقت والطاقة التي يمكن أن نوظّفها لأجل الفنّ".
 
لا يزال مايك يرغب في عودة الأمجاد التي عاشها وزملاءه خلال تجربة "Dancing with Stars"، والتي شكّلت فرصة كبيرة ليتعرّف الجمهور على عالم الراقصين: "نرغب ونأمل في عودة هذا النوع من البرامج".
 
تصوير: حسام شبارو

بدورها، تحدّثت مؤسسة "فرقة بيروت للباليه المعاصر" جنى يونس بحماس عن هذا المشروع الذي سيقدّم لهم كراقصين دفعاً معنوياً للخروج بعروض فنيّة ضمن ظروف مناسبة. وتقول في حديث لـ"النهار": "نتمرّن منذ فترة طويلة كفرقة في "Dance Factory" من دون مقابل كي نقدّم بدورنا تدريبات للراقصين من دون مقابل ماديّ. ونسعى دائماً إلى البحث عن مموّلين كي نتمكّن من الاستمرار في هذه المهمة الفنيّة. وقد حصلنا هذا العام على تمويل من "Solidarity Fund" - سويسرا، وقرّرنا أن يذهب هذا الدعم لأجل صيانة المكان الذي طالما كان حضناً لنا كراقصين ولطلابنا. وهو ما حصل."
 
بالنسبة إلى جنى، ما قامت به هو عربون شكر إلى "Dance Factory" وهدية في الوقت نفسه إلى كلّ راقص كي يخوض تجربة الرقص على أرضيّة الراقصين المحترفين (Sprung floor): "المشروع مكلف، ولكنّنا نتكلّم عن جيل وثقافة".
 
تصوير: حسام شبارو

تتشارك جنى العقلية نفسها مع مايك، متمسّكة بالأمل رغم كلّ ما يحصل: "الأمل يولد من الداخل وليس من الخارج. أعمل لأجل "فرقة بيروت للباليه المعاصر" منذ سبع سنوات، ولم تكن يوماً الطريق مفتوحة أمامي، عقليّتي قائمة على ضرورة تأسيس بنية تحتية للمجال الذي نعمل فيه، والابتعاد عن التشاؤم. وقد يبدو الأمر جنونياً، لكنني أقول إنّ هذا البلد يتيح لي تنفيذ الكثير من المشاريع، وأنا دائماً في رحلة بحث عن الموارد لتنفيذ ما في بالي. لا أتوقّف." 
 
وتضيف: "هدفنا اليوم رفع مستوى الرقص من خلال التمرين والمواظبة على التعلّم، هي عناصر لا تخلو من التعب لكنّها في النهاية تعطي النتيجة المرجوّة. وما نقوم به هو أننا نتيح الفرصة كفرقة من خلال التدريبات التي نقوم بها للراقصين بالحضور والتمرّن معنا من دون مقابل، فنؤسّس جيلاً مستعدّاً لتقديم أجمل العروض. لذلك نسعى إلى توظيف التمويل لأجل هذه التمرينات وإتاحة الفرص."
 
 
وتتابع: "نسعى إلى تقديم عروضاً راقصة كالتي قدمناها في "بيت الفنان ــ حمّانا"، تحت عنوان "أجساد" ونستعد لجولة في أوروبا، وأن نخبر العالم عنها. نريد أن ننشر ثقافة المسرح الراقص في لبنان بعيداً من هدف تحقيق الشهرة."
 
 
 
 
 

اقرأ في النهار Premium