موعدنا هذا الأسبوع مع مؤسس "مسرح كركلا"، أول مسرح عربي راقص، المبدع عبد الحليم كركلا، في بودكاست استثنائي مع رئيسة مجموعة "النهار" الإعلامية نايلة تويني. فلدى كركلا فلسفة، بل مجموعة فلسفات، عن الحياة وعن الإنسان و"السرّ" الكامن في جسده، يُشاركها مع المشاهد ويحدّثه عن سيرته الرائدة، من كنف عائلته في بعلبك إلى أهم مسارح العالم.
يتحدّث كركلا عن ذكريات الصبا ويروي تأثّره بوالده "المدرسة" وبطبيعة بعلبك، مدينة الشمس الساحرة.
يؤمن بالقدر وقوّته، وبأنّ الأقدار تُلازم أصحابها وتُبقي عينها عليهم لتُراقب الأخطاء وتُحاسب. "إذا خالف الإنسان قدره، يصبح القدر ضدّه"، يقول، "لكنّ إذا لاقى إرادة القدر، فسيراه الأخير ويحكم على أفعاله، لأنّه إذا رأى أنّ تصرّف الإنسان صحيح، يساعده". يُشبّه السير وفق إرادة القدر بالصعود إلى الجبل، "فمن كانت لديك قدرة تحمّل ورؤية، يرضى القدر عليه ويعتبره واحداً من أبنائه الذين يبحث عنهم".
في حديثه عن الإبداع والعمل الخلّاق، يُشير كركلا إلى الشاعر الراحل سعيد عقل، يقول: "أخذ حروف الأبجدية ونظم بها شعراً مختلفاً عن الجميع، وهكذا يفعل مصّمم الرقص، إذ يأخذ الجسد ويخلق لغة، ففي الجسد سرّ تتغير قوّته، وسبحان خالق هذا الجسد".
ويضيف: "خيال الجيل السابق يختلف عن الخيال المعاصر. فلكلّ جيل خياله، ومع الخيال ندخل إلى الإبداع؛ ولكن المعنى الثاني لهذا الأمر هو أنّ العقل يتطور، ومع تطور العقل يتطور الخيال".
يُشدّد على أهمّية الالتزام في حياته، فحتى اليوم، لديه التزامات ومواعيده دقيقة ولا تتغيّر بسهولة. يقول في "بودكاست مع نايلة": "أرقص كلّ يوم، ليس لديّ غير التزام، وأمارس الرياضة في الصباح الباكر. أرقص بمفردي أمام المرآة لكي أشعر أنّ جسدي لا يزال يعمل، وأتمرّن أكثر على رياضة الجمباز والحركات الرياضية، أتمرّن لمدّة ساعتين إلّا ربع الساعة كلّ يوم باستثناء يومي السبت والأحد".
انطلاقاً من سيرته الإبداعية، يشرح كركلا أنّ البشر "في النهاية آلة تسير، والذي يحركها هو العقل ". يرى أنّه "من دون العقل نحن حيوان، والحيوان في داخلنا موجود، فالإنسان حيوان أساساً، قد يكون حيواناً مثقفاً حضارياً، أو حيواناً جاهلاً وغير حضاري". ويستشهد يقول الإمام علي أنّ "العقل أربعة أشكال: العقل الغريزي، العقل المدرك، العقل المستدرك والعقل الإلهي".
ويضيف: "العقل الغريزي هو عقل شخص يأكل وينام يومياً، يموت في عمر الـ80 عاماً ويُنجب أطفالاً - شأنه شأن أيّ حيوان آخر - وبالتالي، فإنّ سكان الأرض حيوانات، وسكان الأرض بشر، لا نختلف عن بعض".
ويُتابع: "المدرك يعرف الأمور، مثل كيفية الذهاب إلى منزله، أمّا المستدرك فيكتشف أخطاءه وأفعاله ويصلح نفسه ويتواصل مع الاستدراك إذا كان لديه خيال، ويصل إلى العقل الإلهي، أمّا الذي ليس لديه خيال فيبقى مكانه".
"يا ما أحلاه!"، يقول عبد الحليم كركلا في وصف الموت، هو الذي أغنى حضارة لبنان وأثّر بالعالم. يُدرك أنّه أنجز ما عليه في حياته "على أكمل وجه"، ويقول: "للمرة الأولى أقول للموت تعال متى شئت. لماذا يعيش الإنسان إلى عمر الـ95 عاماً مثلاً؟". يُشير إلى قدر المرء أن يعجز وأن يفقد حيويّته وصحّته، فيُضيف: "أهذه هي النهاية؟ ما حقّقه الإنسان وما حفظته ذاكرته، أهكذا يخفيه في النهاية بالظلمة؟".
يُتابع العمل المسرحي الراقص منذ لحظة ولادة الفكرة حتى العرض وبعده. "أجلس في مكان مظلم خلال العرض، أرى فيه الجميع ولا يراني أحد، أسجّل الأخطاء التي ترد وفي اليوم التالي أقيّمها"، يشرح، "قد تكون عفوية وقد تكون أخطاء في الرقص، عندها "بياكلوها"، فأسلوبي ديكتاتوري، لكنّ هذه الديكتاتورية هدفها استخراج كلّ جيّد وجميل من الإنسان".
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.