بين حين وآخر، تخرج نقابة المهن التمثيلية في مصر بتحذيرات واضحة وصريحة من استغلال العديد من ورش التمثيل للشباب الحالمين بدخول مجال التمثيل وتحقيق حلم النجومية، حيث تتحصل منهم على مبالغ مادية طائلة مقابل ترشيحهم لمكاتب "الكاستينغ" من أجل إشراكهم في بطولات الأعمال الفنية.
لم تكن فكرة ورش التمثيل في مصر، حديثة، لكن منذ سنوات كان هناك عدد محدود منها، وتشرف عليها أسماء فنية متميزة، وخرج منها العديد من الفنانين بعد تدريبهم على يد القائمين عليها، ومن أبرز الأسماء اللامعة في مجال ورش التمثيل في مصر الفنان أحمد كمال، والمخرج المسرحي خالد جلال، الذي تولى الإشراف على مركز الإبداع الفني التابع لوزارة الثقافة المصرية، وتتلمذ على يديه العديد من الفنانين الذي قدموا إسهامات واضحة في الفن المصري.
استغلال أحلام الشباب
خلال السنوات الماضية، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الحملات الإعلانية الخاصة بورش التمثيل، حيث تستغل أحلام الشباب الحالمين والنجومية ودخول عالم الفن، وتقنعهم بالتدريب على التمثيل من خلال هذه الورش بمقابل مادي ضخم، وينجحون في إقناعهم بأن هذا المبلغ لا قيمة له أمام الخدمة التي سيقدمونها لهم، وهي ترشيحهم لمكاتب "الكاستينغ"، وعرضهم على المخرجين والمنتجين، من أجل حصولهم على فرص الظهور في الأعمال الفنية التي يقدمونها.
النقابة تحذّر
في ظل انتشار هذه الورش، وتكرار شكاوى الشباب من تعرّضهم للنصب على يد القائمين عليها، خرجت نقابة المهن التمثيلية عبر أشرف زكي الذي حذّر من التعامل مع هذه الكيانات الوهمية، وهو ما حدث خلال الساعات الماضية، إذ كتب منشوراً عبر "فايسبوك" يؤكد فيه أنه لا علاقة لهم بورش التمثيل، وأن النقابة غير مسؤولة عن تعرض الشباب الذين يتعاملون معها للنصب في مبالغ مالية طائلة.
زكي، كان قد أوضح سبب تلك التحذيرات التي يطلقها من وقت إلى آخر، وقال في تصريحات سابقة لـ"النهار" إن مهمته بصفته نقيب الممثلين في مصر، أن يحذر من تلك الكيانات الوهمية التي تستغل الشباب وتبيع لهم وهم النجومية، مقابل انضمامهم لهذه الورش ودفع رسوم مالية كبيرة، وفي النهاية يكتشف هؤلاء الشباب أنهم ضحية لكيانات مزعومة هادفة للربح، لذا فهو يحرص على مخاطبة شركات الإنتاج ويحذرها من التعامل مع مثل هذه الكيانات، أو قبول ممثلين لا يحملون تصاريح مزاولة المهنة التي تمنحها النقابة بعد التأكد من توافر شروط معينة في الشخص الذي يرغب في التمثيل في مصر.
الآراء تباينت حول فكرة "ورش التمثيل" ففي الوقت الذي يؤكد فيه مشاهير أهمية التعامل معها، مثلما يحدث في دول العالم كافة، ويلجأ لها ليس فقط الشباب ولكن كبار النجوم من أجل تطوير أنفسهم، أكد آخرون أنه لا فائدة لها ويجب منع التعامل معها، من بين هؤلاء الفنان القدير محمد صبحي، الذي هاجمها بأحد مؤتمراته الصحافية وقال: "ورش التمثيل هي مسألة نصب وأن الجهة الوحيدة المرخصة لدراسة التمثيل هى أكاديمية الفنون فقط... وأعتقد أن النقابة يجب أن توقف هذه الورش لأنها من اختصاص أكاديمية الفنون فقط".
تحذير يحتاج إلى توضيح
الناقدة الفنية فايزة هنداوي، كان لها رأي مخالف لذلك، وقالت في تصريحات خاصة لـ"النهار": "ما المانع أن تكون في مصر ورش تمثيل مقننة تشرف عليها شخصيات معروفة وأكاديمية لها تاريخ معروف في عالم الفن؟". وتابعت: "أعتقد أن تحذير نقابة الممثلين يجب أن يكون موضحاً بشكل أكبر من ذلك، حتى لا نصدّر صورة سلبية عن مفهوم ورشة التمثيل، التي قد يلجأ إليها كبار النجوم والنجمات من أجل تطوير أنفسهم، خاصة من يبتعدون عن الوسط عاماً وعامين، ومن الوارد أن تحدث تغييرات في هذه الفترة تجبرهم على اللجوء لهذه الورش وأعتقد أن الأمر ليس عيباً أو مشيناً، لكن أعتقد أن النقابة لم تقصد بتحذيرها الورش الموثوق بها، والتي قد يكون بعضها تابعاً لجهة ثقافية رسمية، لذا لزم توضيح هذه النقطة".
خالد يوسف: أؤيد قرار النقابة... ولكن
المخرج خالد يوسف، كان مؤيداً لتحذير نقيب الممثلين من هذه الورش، وهو ما كشف عنه في تصريحات خاصة لـ"النهار": "أؤيد بالطبع تحذير نقيب الممثلين من هذه الورش، بعدما انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة ووجدنا كيف يستغلون أحلام الشباب وينصبون عليهم بزعم ترشيحهم للمخرجين، ونجد أن من يدرّبون هؤلاء الشباب لا علاقة لهم بالتمثيل أو فنانين غير مؤهلين لتدريس الفن وتدريب الآخرين عليه".
ولفت إلى أنّ "هناك نقطة يجب أن نشير إليها هي أن فكرة ورشة التمثيل بشكل عام ليست مرفوضة، لكنها موجودة في دول العالم كله، وهناك نجوم كبار يلجأون إليها من أجل تطوير أنفسهم، هذا ليس عيباً لكن الفيصل هنا هو هوية تلك الورشة ومن هم المدربون وهل تخضع لإشراف ثقافي أم لا، إذا تمت مراعاة هذه الشروط فستكون بالفعل مؤهلة لتدريب الممثلين بشكل احترافي".