النهار

الكاتب بلال شحادات لـ"النهار": كتبت فكرة "وأخيراً" فقط... ولا أتابعه على الشاشة
المصدر: "النهار"
الكاتب بلال شحادات لـ"النهار": كتبت فكرة "وأخيراً" فقط... ولا أتابعه على الشاشة
الكاتب بلال شحادات.
A+   A-

إيمان إبراهيم         

 

يؤكّد الكاتب السوري بلال شحادات أنّه لم يكتب من مسلسل "وأخيراً" لبطليه نادين نجيم وقصي خولي إلا حكايته، وأنّه انشغل بعملين جديدين، فلم تتسنّ له حتّى متابعته على الشاشة.

 

يرفض مقارنة "وأخيراً" مع مسلسل "عشرين عشرين" الذي كتبه قبل ثلاث سنوات، مؤكداً أنّ التشابه إن وقع يتحمّله الإخراج، كما يؤكد أنّه لم يتوجّس من تكرار ثنائية نادين وقصي، لأن القصّة مختلفة تماماً، يقول "إذا لمستم تشابهاً فهذا مردّه ربّما إلى الخيار المكاني، وخيار الأزياء، وأداء التمثيل وهي العناصر التي اقتربت من أجواء عشرين عشرين".

 

وعن الدراما الغارقة في البؤس واليأس والسوداوية، يقول بلال إنّ الكاتب ليس منفصلاً عن واقعه، وإنّ دراما المافيات هي الأوفر حظاً جماهيرياً.

"النهار" التقت بلال الغارق في كتابة عملين سيبصران النور في رمضان 2024 وكان معه هذا اللقاء.

 

يحتل مسلسل "وأخيراً" في لبنان المركز الأوّل بين المسلسلات الأكثر مشاهدةً في شهر رمضان، إلى أي مدى تعنيك هذه الأرقام؟

بسوريا شو؟ "عاصي الزند" في المرتبة الأولى. "وأخيراً" ليس لي فيه الكثير لأتابع وأتبنّى.

 

ما نعرفه أنّ المسلسل من تأليفك، كان معداً ليكون 30 حلقة ليصبح 15 حلقة. ما الذي حصل ليُقلّص عدد الحلقات؟

ستصلك إجابات ربما لا تتوقعينها. في الحقيقة أنا قدّمت حكاية المسلسل لتكون من 30 حلقة، اجتمعت مع المخرج والأبطال وأخبرتهم حكاية المسلسل وتمّ تبنّيها، وكتبت لهم رؤوس أقلام عنها، ومجرياتها، والخطوط الدرامية، ثم ارتبطت بمشاريع أخرى مع الشركة نفسها، ونتيجة ضغط الوقت تركت لهم الحكاية وبدأت بمشروعين جديدين لرمضان 2024، كان من الضروري أن أبدأ بالتجهيز لهما قبل وقت طويل.

 

إذن لست أنت كاتب السيناريو والحوار؟

لا، أنا قدّمت فقط الحكاية التي تحتمل 60 حلقة، أو 30 حلقة مكثّفة.

 

بحسب معلوماتك، من كتب السيناريو والحوار؟

لا أعرف، يقال إنّ المخرج أسامة عبيد الناصر هو من كتب، ومعه ورشة كتبت السيناريو والحوار، أعضاء الورشة أصدقائي، لكن أظن أن أسامة هو من حمل التأليف بعدما انتقلت أنا إلى مشروع آخر.

 

المسلسل لا يزال يحمل اسمك، وكأنك اليوم تتبرّأ منه؟

ليست القصّة أنّني أتبرأ منه أو أتبنّاه، أنا كما قلت قدّمت القصّة وانشغلت بمشاريع، فلم أعرف ماذا يجري، يجب أن أشاهده كمسلسل أعطيت حكايته لكنّي لا أضمن أن يكون لدى المخرج إضافات لم يخبرني عنها، أو أن يكون النجوم أضافوا شيئاً.

 

في العادة يضيف النجوم لمساتهم على النصّ؟

النجم عندما يقرأ النص يضيف بعض الاقتراحات، بالنهاية النجوم هم شركاء عمل، ومستحيل أن يكون النجم مجرداً من الرأي أو وجهة النّظر.

 
 

ألم يكن لديك الفضول لتعرف كيف خرجت الحكاية التي قدّمتها في صيغتها النهائيّة؟ أقلّه في مرحلة الورق قبل بداية التصوير؟

كنت أسأل بين الفترة والأخرى. لكن ما حصل معي يشبه أن يكون أحدهم بصدد إنشاء بناية، ثم يطلب منه أن يبني برجين، فيخطفه الوقت الذي كرّسه للبرجين، فلا يتسنّى له متابعة المشروع الأوّل. بالنسبة للعمل مثلاً عندما أقول إنّ البطلات يتعرّضن للخطف من عصابة تتاجر بالنساء، هذه العصابة قد تأخذ عدّة أبعاد ككتابة، كسيناريو وكتفاصيل. ولو جلست أتابع التفاصيل لما تسنّى لي إكمال العمل المطلوب منّي، لذلك كنت إلى حدٍ ما بعيداً عن الجوّ.

 

يعني بالمختصر تقول إنّ شركة "الصباح" طلبت منك عملين لرمضان 2024، فتركت "وأخيراً" للمخرج؟

للمخرج ولورشة الكتّاب، لأنّ المخرج وحده لا يستطيع أن يكتب مسلسلاً خصوصاً أنّه كان محاصراً بالوقت.

 

-نلاحظ تشابهاً كبيراً بين "وأخيراً" و"عشرين عشرين" المسلسل الذي كتبته قبل عامين ولعب بطولته أيضاً نادين نجيم وقصيّ خولي، هل شعرت وأنت تكتب قصّتك بأنّك لا تزال تعيش أجواء "عشرين عشرين" والموسم الثاني الذي لم يكتمل؟

الحكاية كأحداث وتسلسل زمني وأبطال، بالتأكيد لا علاقة لها بـ"عشرين عشرين"، لكن إن لمستم تشابهاً فهذا مردّه ربّما إلى الخيار المكاني، وخيار الأزياء، وأداء التمثيل وهي العناصر التي اقتربت من أجواء المسلسل، أما الحكاية فأستطيع تصويرها في أمكنة وأمزجة مع أزياء مع تفاصيل وكاراكتيرات بعيدة عن "عشرين عشرين". أنا أتحدّث في "وأخيراً" عن تجارة النساء، عصابة تخطف النساء وتشغّلهن في الدعارة، هذا الأمر ما علاقته بالمسلسل السابق؟

 

ما شهدناه لغاية الآن عصابة تتاجر بالمخدّرات؟

حكايتي هي عن عصابة تجارة نساء، المخدرات هذه تحصيل حاصل في أي عصابة، إلا إن كان المخرج ركّز على هذه الجزئية كثيراً، هذا أصبح خياراً إخراجياً لا علاقة له بحكايتي.

 

لماذا تغرق المسلسلات بالمافيات والخطف والمخدّرات وكل هذا البؤس لمشاهد عربي مرهق يعيش أزمات اجتماعية واقتصادية لا تنتهي؟ هل هو توجّه من شركات الإنتاج أم مجرد توارد أفكار بين الكتاب؟

هناك أعمال كوميدية، لكن للأمانة نحن لسنا بارعين بالكوميديا مثل المصريين، أغلب أعمالنا الكوميدية أشبه بالتهريج. بالنسبة إلى مسلسلات رمضان، هناك طبخة مضمونة النّجاح، لذا تجدين الجميع يلجأ إليها ويلعب على هذا الوتر، انتقام، عصابة، غدر، دعارة... هناك مواضيع نضمن أنها ستجذب الجماهير، وفي نفس الوقت هناك مواضيع كوميدية. لكن دعيني أسألك، الكاتب نفسه ألا يعيش نفس ظروف المواطن؟ هل هو معزول عن الزلزال والأزمة المالية والحرب والأسى الذي يعيشه لبنان وسوريا؟

 

هل على الدراما أن تتحوّل إلى ما يشبه نشرة الأخبار، أم إلى فسحة يهرب إليها المشاهد؟

نشرة الأخبار تعطيك حدثاً ومعلومة، والدراما تعطيك قصصاً. فعندما تكون سوريا غارقة بالحرب والمواطن السوري لا يجد قوت يومه، وتضطر فتاة إلى العمل في الدعارة، أو تتشكّل عصابة تعيش من خلال استغلال معاناة فتيات لا عائلات لديهن. نحن نضيء على تداعيات نشرة الأخبار التي تقول إنّ ثمّة زلزالاً وقع، لكنّها لا تدخل كل بيت لتنقل قصص ساكنيه. أنا متفرغ للدراما والمسرح والأدب منذ 23 عاماً، إذا أكثرنا من الكوميديا تخرج علينا أصوات تتّهمنا بالانفصال عن وجع الشعب، وإذا أكثرنا من التراجيديا يتّهموننا بالغرق في السوداوية. الطاغي اليوم هو دراما الجريمة والتعتير، لكن أنا لم أكتب يوماً مسلسلاً لايت أو كوميدياً، كل أعمالي تراجيدية "بتقطّع القلب".


في العملين اللذين تكتبهما لرمضان 2024 سنكون أمام عملين غارقين في السوداوية؟ يعني رح تقطعلنا قلبنا؟

(يجيب ضاحكاً) نعم وكثيراً. أنا لا أستطيع أن أعزل نفسي عن هذا العبث الدائر حولي. ثمّة علاقة غير منطقيّة بين الإنسان والواقع في سوريا ولبنان، ثمّة حالة عبث، الناس يموتون، وثمة حوادث مأساوية، أعطيك مثلاً، في مسلسل "شتي يا بيروت" كتبت عن تفجير صهريج البنزين في عكار، بعد مشهد كهذا كيف ستكتبين مسلسلاً كوميدياً؟


بعيداً عن الكوميديا، نتحدّث عن المسلسلات الاجتماعية، حتى هذه الأعمال باتت غارقة في سوداويتها وبؤسها؟

في الأعمال الاجتماعيّة، على الكاتب أن يكثر من أبطاله، وأن ينوّع من حكاياته، أنا شخصياً لم أقدّم يوماً قصّة تدور حول جريمة قتل إلا تطرّقت إلى المشاكل الاجتماعية ضمنها. في "عشرين عشرين" كل الشخصيات التي كانت تدور حول صافي الديب أضأت على مشاكلها الاجتماعية.


اجتمعت عندما بدأت بكتابة "وأخيراً" بنادين نجيم وقصي خولي، ألم تخشَ من تكرار هذه الثنائية للمرّة الثالثة؟

الحكاية التي قدّمتها لم تشعرني بالتوجّس من تكرار نفس الثنائيّة، لأنّها مغايرة تماماً، لكن ما حصل وكيف تطبّق هذا الأمر لا أعرف.  أظن أنّ قوّة "عشرين عشرين" سيطرت لدرجة أنّ الجمهور سيربط ويقارن بين الثنائيتين، كان أجدى لو انتقلوا إلى بيئة ثانية كما حصل مع تيم حسن الذي انتقل إلى بيئة مغايرة تماماً، بيئة سوريّة في زمان مغاير، اشتغل على حكاية وملحمة شعبية، فخرج تماماً من شخصية جبل.


أتيت على ذكر "عاصي الزند" مرتين، هل تتابع المسلسل؟

لا لكنّي أعرف حكايته منذ أن كان ورقاً.


اشتكت نادين نجيم من اقتطاع مشاهدها، وأنت تبرّأت إلى حدٍ ما من المسلسل، فهل القصد تحميل المخرج وحده النتيجة التي خرج بها المسلسل؟

لا أنا لم أشكُ من شيء، لكنّي أعرف أنّ المخرج لا يزال مبتدئاً، لذا من الطبيعي أن تحصل الأخطاء. هذه التجربة الثانية له، هو ليس بالمخرج البروفاشونال والأخطاء واردة.


ما الفارق بالنسبة إلى صنّاع الأعمال الدرامية بين النجاح في رمضان والنجاح خارج الموسم الرمضاني؟

هناك عدد قليل من المسلسلات بين الرمضانين يُضاء عليها من ضمن عشرات المسلسلات التي تُعرض، وهذا أمر تسويقي جماهيري. الموسم الرمضاني تحوّل إلى موسم تسويقي يغري صنّاع الدراما بتحضير أعمالهم له، حيث الناس متفرغون للمشاهدة. أما بعد رمضان فضغوط الحياة اليومية تبعد الناس عن التلفزيون.


في رمضان 2023، هل تعتبر أنك مشارك في دراما رمضان أم غير مشارك؟

سؤال مهم جداً، بصراحة لا أعرف. لكنّي لا أظنّ أنني أشارك في دراما رمضان لأنّني عندما أتبنّى مشروعاً أقدّم حكايته، كتابة مشاهده، أتبنّاها، أدافع عنها، أوضحها، أتابع مع المخرج وهي مهمات مطلوبة من الكاتب، أما تقديم الحكاية فهو بمثابة وضع حجر الأساس للبناء.


هل يزعجك المسّ بنصّك؟

ماذا تقصدين بالمسّ بالنص؟

 

يعني أن تكتب نصّاً ثم تجده معدّلاً؟

بالطبع لا أقبل. أتقبّل أن يقول المخرج "هذا المشهد كيف يمكننا أن نطوّره"، أو "أحببت هذا الخط فكيف بإمكاننا أن نوسّعه"، هذا أمر طبيعي ومشروع، أما أن أذهب إلى بيتي وأعود وأجد الحلقة مكتوبة بغير طريقة فبالطبع لا أقبل وهذا أمر أسمّيه خيانة لكنّه لم يحصل معي ولا مع رامي كوسا.


من أبو العمل وأمّه؟ هل هو الكاتب أم المخرج؟

المخرج بدون نص جيّد ماذا يفعل؟ هل يرتجل؟ هل يشرح للممثلين؟ لا يدخل المخرج إلى اللوكايشن إن لم يكن بين يديه نص قوي.


وإذا كان الورق قويّاً والمخرج ضعيفاً؟

الحكاية هي الأساس، والحكاية القوية إذا صُوّرت بكاميرا نوكيا ممكن أن تشاهديها، لكن الحكاية الضعيفة حتى سكورسيزي لا يمكنه النهوض بها. لذا تجدين المخرج يركّز على الورق، لأنّه بدون الورق لا يستطيع أن يقدّم شيئاً.


نشاهد اليوم على الشاشات دراما لبنانية من صلب المجتمع اللبناني بتوقيع كاتب سوري، إلى أيّ مدى يستطيع أن يكون الكاتب السوري أميناً للتفاصيل عندما يكتب رواية تدور أحداثها داخل لبنان؟

أقيم في بيروت منذ عام 2012، تقريباً نصف السنة أقضيها في بيروت والنصف الآخر في الشام. مشاكلنا واحدة، ولهجتنا واحدة ووجعنا واحد والموروث الثقافي أيضاً مشترك. لكن لا أستطيع أن أعيش سنتين في تونس وأكتب دراما تونسية، نتحدث هنا عن كيلومترات قليلة تفصلنا، وربّما لا تفصلنا. أنا أتابع أخبار لبنان، أجلس مع أصدقائي اللبنانيين يتحدّثون عن تفاصيل معاناتهم اليومية، لذا أنا ككاتب سوري أصبحت مطلعاً أكثر على الأزمات اللبنانية بتفاصيلها.

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium