النهار

"سووفاتسكي في لبنان"... رحلة ثقافيّة متعدّدة الحواسّ
المصدر: "النهار"
"سووفاتسكي في لبنان"... رحلة ثقافيّة متعدّدة الحواسّ
من الفعاليّة الثقافيّة.
A+   A-
لمناسبة افتتاح المعرض الرمزيّ "سووفاتسكي في لبنان"، قدَّمت سفارة جمهورية بولندا في لبنان ممثلة بالسفير بشيميسواف نييشيووفسكي فعاليّة عيد الاستقلال بعنوان "يوليوش سووفاتسكي: رحلة ثقافية من بولندا إلى لبنان"، برعاية البروفيسور بيوتر غلينسكي، نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة والتراث الوطني في الجمهورية البولندية وبحضور مبعوثه الخاص كاتسبر ساكوفيتش.
 
 
استضاف دير القديس أنطونيوس البدواني (خشباو) في غزير التاريخ والثقافة والفنّ، وفتح أبوابه، مساء السابع من تشرين الثاني، لأكثر من 250 ممثلاً عن السلطات البولندية واللبنانية، والوحدة العسكرية البولندية في اليونيفيل، والجالية البولندية في لبنان، بالإضافة إلى ممثلين عن قطاع الثقافة والأعمال والإعلام والسلك الدبلوماسي والعسكري الذين شاركوا في حفل الاستقبال.
 

في عام 1837، قرّر يوليوش سووفاتسكي، أحد أعظم الشعراء البولنديين وأكثرهم احتراماً في كلّ العصور، أن يدرج لبنان ضمن رحلته إلى الشرق الأوسط فأمضى خمسةً وأربعين يومًا بين الرهبان في ربوع دير غزير، حيث واصل تعلّم اللغة العربية وخطّ النسخة الأولى من قصيدته الملحمية الشهيرة "أنهلي". ويُحكى أن الرحلة إلى لبنان هي التي غيّرته كإنسان وكفنّان أيضاً. كتب في مذكراته بعد سنوات: "أتمنّى أن أجد نفسي في لبنان مجدّداً"، في تعبير عن شوقه للعودة إلى بلاد الأرز من جديد.
 

المحطة الأولى من النشاط الثقافي استهلت بزيارة المعرض الرمزيّ الجديد لمتحف الأداب في وارسو بعنوان: "سووفاتسكي في لبنان" في الخلية الرهبانية المخصّصة منذ عام 2003 لإحياء ذكراه ورحلته الشرقية. عكست أعمال البحث الجديد طبيعة رحلته المتعدّدة الأوجه، مركّزاً على إقامته في ربوع لبنان. كذلك تمَ الكشف عن بعض الأعمال الفنية لطلاب الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA)، والتي تمّ إعدادها خصّيصًا لهذه المناسبة.

أمّا المحطة الثانية فترجمت ببرنامج مخصّص في كنيسة الدير الرائعة، قدّمته عرّيفة الحفل نادين ويلسون نجيم. وشمل تقريراً مصوّراً (إنفوجرافيك)، وكلمة لكلّ من السفير والمبعوث الخاص ممثل نائب رئيس الوزراء. بالإضافة إلى ذلك، أغنت السوبرانو نادين نصار الأمسية بأدائها الرائع، وهي الحائزة على وسام الاستحقاق من وزارة الثقافة والتراث الوطني البولندية.
 

أهمّ ما يميّز هذا الحدث هو إنتاج متعدّد الفنون مدته 20 دقيقة مبني على الصداقة اللبنانية البولندية وتعاون استثنائي بين شركاء مختلفين، وبشكل رئيسي السفارة البولندية في لبنان، ومتحف الآداب في وارسو، وأوركسترا الإذاعة الوطنية البولندية السيمفونية، والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA) – علماً أنَّ أوائل معلميها وخرّيجيها كانوا من اللاجئين البولنديين الذين وصلوا إلى لبنان عام 1943 خلال الحرب العالمية الثانية – وجامعة القديس يوسف (USJ) المؤسسة من قبل الأب اليسوعي البولندي ماكسيميليان ريوو، ومغنين من جوقات لبنانية مختلفة وموسيقيين من أوركسترا كلاسيكية وشرقية لبنانية.
 

ضمَّ هذا الإنتاج الذي جمع أنواعاً فنية مختلفة مخصّصة لتتناسب مع كنيسة الدير تسجيلًا لأوركسترا الإذاعة الوطنية البولندية السيمفونية للقصيدة السيمفونية للودومير روجتسكي "انهلي"، مستوحاة من قصيدة النثر لسووفاتسكي والتي كتبت في نفس المكان قبل أكثر من 185 عامًا، مصحوبًا برباعية كلاسيكية تعزف مباشرة، وتوّجت جميعها بموسيقى شرقية على العود والقانون وبجوقة تغنّي كلمات عربية مستوحاة من أنهلي.

انطلق الحضور في رحلة متعدّدة الحواس من خلال المرئيات التفاعلية والصور المتحركة مصحوبة بقراءات مسرحية باللغات العربية والبولندية والإنجليزية والفرنسية من مذكرات سووفاتسكي والرسائل المرسلة إلى والدته والفصل الأخير من أنهلي.
 

لم يهدف الحدث إلى تعزيز الثقافة البولندية فحسب، بل أكّد أيضًا على العلاقة القوية البولندية اللبنانية التي تربط البلدين منذ القرن السادس عشر، وسعى إلى الترويج للبنان كوجهة سياحية ثقافية من الدرجة الأولى. كما هدف إلى تمكين الشباب اللبنانيين من أفضل الجامعات اللبنانية من خلال إعطائهم منصّة للإبداع والتعاون، ومنح معنى لدراستهم وسببًا أساسًيا للبقاء في لبنان على الرغم من الوضع الاقتصادي الأليم.
 

اقرأ في النهار Premium