المواهب الشابة في لبنان واعدة وعلينا دعمها لأنّها الجيل سيرسم المفكّرة الفنّية المقبلين عليها، وما نراه اليوم من "ترندات" وهبوط في الموسيقى المقدّمة لا يمكن وضعه في الإطار الفنّي المنشود. الشابة صوفيا حدّاد، ابنة الـ 17 عاماً، من هذه المواهب الفنية الواعدة التي تريد أن تعيش معنى الفنّ درجة درجة، واعية للمراحل الحياتية التي تمرّ بها، ومقدّرة للموهبة التي تتمتّع بها.
أصدرت أخيراً صوفيا أغنيتها الثانية بعنوان "بس يرجع الخريف"، كتبتها ولحّنتها وقدّمت الموسيقى بأناملها عبر آلة البيانو. وفي دردشة مع "النهار" للحديث عن العمل الجديد، بعدما أصدرت منذ عام أغنيتها الأولى "بيكفيني"، يمكن تقدير الفكر الشبابيّ المثقّف الذي تتحلّى به.
تقول حدّاد: "تلقّيت إشادة على أغنيتي الأولى، لكنّني سعيدة اليوم أيضاً بالأصداء التي تأتيني بعد إصداري الجديد"، وتضيف: "كتبت الأغنية في الخريف الماضي عندما كنت في السادسة عشرة من عمري. أبقيت على هذه الأغنية إلى أن أتتني فرصة منذ ثلاثة أشهر للمشاركة في مسابقة "Rush Levant Music" نظّمتها "Rush Production House" في الأردن وفزت بالمرتبة الأولى في المسابقة بتصويت الجمهور العربيّ. فأتت ثمار هذا الفوز بإنتاج أغنيتي "بس يرجع الخريف" التي تمّ تسجيلها وتصويرها في الأردن، واليوم أحتفل بإصدارها."
صوفيا عازفة بيانو وغيتار، وعضو في كورال الفيحاء، لكنّها اضطرّت أن تترك الكورال موقّتاً لأسباب تتعلّق بسنتها المدرسيّة الأخيرة. نشأت الشابة في عائلة موسيقيّة، وشاءت جمعات العائلة الموسيقية أن تكشف موهبة صوفيا في الغناء: "جدّتي الراحلة كان صوتها جميلاً، وأعتقد أنني ورثت صوتي منها. عائلتي تنبّهت إلى صوتي كما مدرستي، حيث كنت أحيي فيها الحفلات الموسيقية. منذ ذلك الحين تشجّعت وبدأت صقل موهبتي في مركز للموسيقى في طرابلس، وانتقلت بعدها إلى المعهد الوطنيّ العالي للموسيقى بين طرابلس والبترون إلى أن أتت جائحة كورونا، فاضطررت كما جميع التلامذة إلى التوقّف." غير أنّ صوفيا أرادت متابعة دراستها الموسيقيّة، فأكملتها "أونلاين" وطوّرت نفسها من خلال التردّد إلى استديو في طرابلس، حيث كانت تسجّل صوتها وتصنع تجاربها الموسيقيّة، لتؤكّد أمام ما سردته أنّ كلّ ما أنجزته إلى اليوم لم يكن ليحدث لولا تشجيع ودعم عائلتها.
هذا الدعم العائلي لصوفيا كان حاضراً لأجلها، لكن بعناية تامّة، عندما لم تكن قد أكملت عامها السابع، حيث تمّ قبولها في تجارب الأداء ضمن برنامج "ذا فويس كيدز" في بيروت قبل الوقوف على المسرح، إلّا أنّ العائلة وبعد إعادة النظر فضّلت التريّث لأنّ عمرها كان صغيراً وأرادت أن تكون ابنتها جاهزة مئة في المئة لهذه التجربة.
تشدّد صوفيا بصوتها العذب أنّها لا تعتبر نفسها اليوم فنّانة، إنّما ترغب في أن تصنّف ضمن خانة شابة تتمتّع بموهبة، وتضيف: "لا يزال الطريق طويلاً أمامي كي أصل إلى هذا اللقب، لأنّني أصبّ كامل تركيزي اليوم على دراستي، وأجد في العملين الفنيين المقدّمين فرصة لتعريف الجمهور على جزء بسيط من موهبتي. فمهمّتي اليوم أن أتخرّج من الجامعة بشهادة لن تبتعد بكلّ تأكيد عن عالم الموسيقى."