بدأ العد العكسيّ للحفل المنتظر في الواجهة البحرية لبيروت Seaside Arena - وسط المدينة التجاري، حيث سيرتفع مساء غدٍ الجمعة (15 تموز) منسوب العشق بأحلى نوبات جنون، عندما يعتلي القيصر كاظم الساهر المسرح وينثر في هواء بيروت فائضاً من الحبّ الذي يكنّه شخصياً لهذه المدينة.
هي انتفاضة فنّية جديدة يصرّ عليها المؤمنون بأنّ لبنان رغم انكساره، لا يزال يشكّل حضناً للفنّ والموسيقى. بالأمس أضاءت مدينة بعلبك شعلة الحياة وبعدها مهرجانات بيت الدين، أمّا بيروت الموجوعة فهي الجاهزة دائماً لارتداء طرحة العروس بعد كلّ دمعة تذرفها.
إذاً، حفل كاظم الساهر أصبح كامل العدد، والجمهور الذي سارع إلى حجز تذاكره فور الاعلان عن حفل القيصر لن يكون لبنانيّ الهوى فحسب، بل عربّياً أيضاً، اشتاق بعد طول غياب إلى الفنّ العربي الأصيل المطعّم بأجواء بيروت المحبّة للحياة حتى في ظلمة شوارعها.
المتعهّد الفنّي اللبناني ميشال حايك أراد أن يصرخ لأجل الفن هذا العام ومن قلب بيروت بصوت الفنان كاظم الساهر، ويقول في حديث لـ"النهار": "بيروت هي أنا، اعتبرها بمثابة أمي وعندما يفقد الانسان أمه يفقد معها كل شيء في الدنيا. كل هذا المجهود الذي نقوم به كي لا نفقد هذه الأم التي احتضنتنا وقدّمت لنا الكثير حتى وصلنا إلى مرحلة التباهي بأنفسنا لدى الحديث عنها".
ويتابع: "في الوقت الذي انعدمت الحياة في المحيط الذي نعيش فيه، كانت بيروت هي المركز الثقافي والتعليمي والصحي للجميع، وإذا حاولوا أن يطفئوا الضوء علينا ويحرمونا من الهواء فلن نسمح لهم".
حايك وقبل الحديث عن حفل الساهر المنتظر، يتكلّم بحرقة عن بيروت التي أحبّها الجميع: "محبّتي لبيروت كبيرة، وقناعتي أكبر بأهل هذا البلد الطيّب في وجه السياسيين. شعبنا لن يموت، لن يفلحوا في كم أفواه هذا الشعب طالما هو على قيد الحياة".
يكشف حايك أنّه عندما طرح اسم بيروت لتكون جزءاً من الجولات الفنية التي يقوم بها الساهر لم يتردّد الأخير: "لم يتردد، وقال لي: مثلما هي حبيبتك، بيروت حبيبتي أيضاً."
الحفل الذي سيبدأ عند التاسعة من مساء غد الجمعة بتوقيت بيروت سيكون ضخماً، بحسب حايك، ويكشف: "سيشارك في الحفل أوركسترا من 50 عازفاً، ونعدّ مفاجآت ستنال رضا الجمهور". وهنا نسأل: مفاجأة خاصة من كاظم إلى بيروت؟"، فيجيب: "نعم، في جعبة كاظم هديّة خاصة أعدّها خصيصاً لهذه المدينة".
ويلفت حايك إلى أنّه شعر بغصّة عندما علم من مكتبه في بغداد أنّ هناك أكثر من 600 بطاقة تمّ شراؤها لأجل حضور حفل الساهر في بيروت، علماً أنّ الساهر قدّم حفلين تاريخيين في اسطنبول، ويضيف: " فضّل عدد من العراقيين حضور الحفل في بيروت وليس اسطنبول، 600 شخص حجزوا في فنادق بيروت وقدموا من العراق لينعموا بحبّ مضاعف آتٍ من كاظم الساهر وبيروت في آنٍ معاً، وهذا جعلني أشعر بغصّة وحزن لما آلت إليه أوضاعنا في هذا البلد الجميل والمحبوب من كل العرب".
يعد حايك بأسماء عربية أخرى بارزة ستكون حاضرة في لبنان: "نحن موجودون وسنبقى موجودين، وأعد اللبنانيين بمزيد من الحفلات التي تحمل رموزاً فنية كبيرة جداً، لقد جرّبنا السياسيين والصناعيين والتجار، جميعهم دمّرونا، لا حسيب ولا رقيب، لكن لا يزال لدينا هذا الفنّ الذي نحاول من خلاله أن نخلق مساحة بيضاء ونضيء هذا البلد. نعم تقصّدت أن يكون حفل الساهر في بيروت وإلى جانب مرفئها، هم حاولوا أن يحفروا فيه قبراً لنا ونحن نريد أن نحوّله إلى فجر".