تسبّب الفنان الإماراتي حسين الجسمي في فتح ملف شائك، عنوانه "تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل صناعة الموسيقى" بعدما شارك مُتابعيه عبر "إنستغرام" خلال الساعات الماضية، بمقطع من أغنيته المصرية "يا خبر" التي تم فيها استنساخ صوت الفنانة شيرين عبدالوهاب، لتؤدي معه كلمات الأغنية وكأنه دويتو جمع بينهما، وتمّ ذلك عن طريق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
بعض متابعي الجسمي اكتشفوا الحقيقة، وأنه ليس صوت شيرين الحقيقي، بل تم استخدام أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فيما أشاد البعض بالعمل على اعتبار أنه دويتو بين النجمين.
الفيديو، أثار المزيد من التساؤلات حول إمكانية مُحاكاة المهام البشرية جميعها، واستخدام أصوات المطربين ووضعها على كلمات وألحان وأعمال غنائية لا يمتون لها بصِلة.
قبل الدخول في تفاصيل دقيقة وتفسيرات مهمة، كان للشاعر أيمن بهجت قمر، تعليق سابق على هذا الأمر وقال خلال منشور عبر "فايسبوك": "كنت أتناقش مع أصدقاء لي وأقول لهم غداً سيُطلب من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أن يكتبوا أغنية بأسلوب أيمن بهجت. فأخبرني أحدهم أنه لن ينتظر للغد وسيكتبها لي الآن. وبعد أن أرسلها لي تأكدت أنهم بعيدون تماماً عن الأمر".
الناقد الموسيقي أحمد السماحي، أوضح خلال تصريحات تنقلها "النهار" عن تأثير استخدام تقنيات الذكاء الصناعي، على مستقبل صناعة الموسيقى، حيث يرى أن "لكل ثقافة تراثها الموسيقي الذي يمثل هويتها وقيمها ومعتقداتها، ويشهد العالم الآن تطوراً مذهلاً في وسائل التكنولوجيا المختلفة، منها استخدام الذكاء الاصطناعي في الغناء العربي الذي سيحدث طفرة هائلة في شكل الغناء من حيث الكلمات واللحن والتوزيع والغناء.
وأضاف أنّ هذه الطفرة يُمكن أن يستفيد بها ما هو ذكي من صناع الأغنية الأربعة المطرب والملحن والموزع والشاعر، فالفنان الذكي هو الذي يعرف كيف يستفيد من التكنولوجيا لمصلحته ويعمل على تطوير نفسه، من حيث ما يقدمه ويواكب من خلاله العصر، بخاصةٍ أنّ من سيتخلف عن مواكبة ما يحدث سيسقط في الطريق.
أما عن تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الأغنية، فقال: "سيكون له تأثير سلبي وآخر إيجابي في الوقت ذاته، مثل كل ظاهرة جديدة تحدث في الحياة، حيث يتمثل السلبي في أنه سيعمل على صناعة أكاذيب غنائية كثيرة، بمعنى أننا يمكن أن نجد مؤدياً لا يملك صوتاً وتحقق أغنيته التى قدمها باستخدام الذكاء الاصطناعي الملايين، ويلتف حولها المراهقون والشباب الجدد، كما أنه سيخلق تطلعات لدى بعض الموهومين لحلم الغناء".
وتابع: "في المقابل سيحدث الذكاء الاصطناعي تجارب فنية جديدة تمكننا من سماع أي أغنية لأي مطرب بصوت آخر، ولقد استمعنا بالفعل أخيراً لأغنية للفنانة إليسا بصوت أصالة وكأنها هي صاحبة الأغنية الأصلية، كما يمكن استخدامه أيضاً لسماع أغنية قديمة بتوزيع حديث، أو لتعريب الأغاني الإنكليزية و(تغريب) الأغاني العربية وهو يفعل ذلك خلال ثوانٍ معدودة".
وواصل: "أمّا بالنسبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في استنساخ أصوات المطربين فهذه التجربة تحديداً لن تنجح على المدى البعيد، فهي يمكن أن تحقق رواجاً ونجاحاً في البداية لكن بعد فترة لن يلتفت إليها أحد لأنّ المطرب ليس فقط صوتاً ولكنه شخصية وكاريزما وقبول وطلة، وأهم من كل هذا إحساس، وهذا الإحساس صعب أن يصنعه الذكاء الاصطناعي".
وأضاف: "الدليل على ذلك عندما قدّم راغب علامة وسعد لمجرد حفلاً غنائياً في تجربة جديدة ومثيرة وغريبة لم تشهدها الساحة الغنائية من قبل، عبارة عن حفلة غنائية افتراضية كـ(أفاتار) وقد تم إعداد حفلات المستقبل هذه، لتكون تجربة مميزة في العالم الافتراضي، بأداء موسيقي فريد من نوعه، حيث استمع الحضور إلى الأغاني الرائعة لـ (سماش هيت) أي التى حققت نجاحاً كبيراً ومشاهدات ضخمة والتي يحبها الملايين حول العالم... لكن تجربة علامة ولمجرد لم تحقق نجاحاً لافتاً ومرت مرور الكرام ولم يشعر بها أحد... كما لم تنجح الحفلات الغنائية التى صُنعت بتقنية الهولوغرام".
واختتم: "الغناء بالنسبة للعالم العربي حالة احتفالية مبهجة يذهب إليها الجمهور ليستمتع بالحميمية التي تنشأ بينه وبين المطرب الذي يفضله، لهذا فمسألة استنساخ مطربين صناعة عشوائية مهجنة تشبه استنساخ النعجة دولي".
كمّا كان للناقد الفني طارق الشناوي، تعقيب قال فيه: "استنساخ الأغاني من الممكن أن يدخل تحت طائلة التقليد، لكن من الصعب استنساخ الأرواح، وفي رأيي أن هذه التقنيات لا يمكن أن تكون بديلاً للأصوات الحقيقية، والدليل على ذلك أن هناك أشخاصاً حاولوا تقليد صوتي عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، ولم ينجحوا بالرغم من أنهما صوتان بشريان، فما بالكِ بأجهزة الكمبيوتر".
واختتم حديثه: "مثال على ذلك، استخدموا الكمبيوتر في استكمال بعض مقطوعات بيتهوفن، فبالرغم من إدخال مفرداته لكنها لم تصل لمرحلة الإبداع البشري لصاحب المقطوعات الأصلي".
ومن الناحية القانونية كشف حسام لطفي، المستشار القانوني لجمعية المؤلفين والملحنين، خلال تصريحات صحافية له، عن أن استخدام الذكاء الصناعي في استنساخ أصوات المطربين، يُعد أمراً غير قانوني إذا كان بدون الحصول على إذن مسبق من صاحب الصوت الأصلي، وأن هناك تشريعات تجرّم ذلك.