لا يبدو على نفق لبنان المظلم في العام 2023 أنّه يستعدّ لاستقبال بقعة ضوء بسيطة تنشله من السواد الغارق فيه. الانفراج الوحيد الذي لا يزال إلى اليوم عدد كبير من اللبنانيين يعيشونه، مكمنه بلدان الاغتراب ووقوف العائلات المغتربة عن وطنها إلى جانب أحبّائها. ليس هذا وحسب، لا بل إنّ أيّ فرحة معنوية تصيب لبنان يكون مصدرها خارج حدود الأرض، فالداخل بارد وضبابيّ.
المنتخب اللبنانيّ لكرة السلّة وفرقة "ميّاس"، وحتى ملكة جمال لبنان ياسمينا زيتون، رغم عدم إحرازها لقباً في ملكة جمال الكون، جميع هؤلاء وغيرهم كثر شكّلوا صوتاً مسموعاً أمام العالم عن معاناة لبنان وشعبه، فنطقت الدول باسم لبنان وإبداعات شبابه، بعدما غيّبه السياسيون والمفسدون عن الخريطة العالمية.
اليوم، تجدّد التصفيق المعنوي لشابة لبنانية، اعتلت مسرح أحد برامج الهواة في السويد، لتبهر بأدائها لجنة التحكيم التي تضمّ أهمّ الفنانين المعروفين على صعيد السويد. انتشر فيديو الشابة جنيفر ميشال عون على جميع المواقع اللبنانية وصولاً إلى الإعلام المحلّي السويدي، فجاءت الإشادة بهذه الثقة التي تحلّت بها ابنة الـ 13 عاماً، وقفت على المسرح وأدّت أغنية للنجمة العالمية سيلين ديون "The Power of Love".
جنيفر ميشال عون هي الشابة اللبنانية التي دفعت لجنة التحكيم إلى الإشادة بصوتها وأدائها، ليؤكّد أعضاؤها بأنّ هكذا صوت لا يجب أن يمرّ مرور الكرام في البرنامج، لذلك أتى قرار تأهّلها إلى المراحل نصف النهائية في برنامج "Sweden's Got Talent" بإجماع من اللجنة.
تفخر والدة جنيفر، كفى لحّود، لدى الحديث عن شابتها التي انقلبت حياتها بين ليلة وضحاها، وتقول في حديث لـ"النهار": "ظهرت جنيفر في البرنامج يوم الجمعة، لكن ما قبل ذلك اليوم ليس كما بعده. تفاجأنا بهذا الاحتضان الكبير من الصحافة اللبنانية، وتبع هذا الاحتضان اهتمام لافت من قبل الصحافة السويدية التي بدأت تطلب لقاءات إعلامية مع ابنتي. شي بكبّر القلب".
وقوف جنيفر بهذه الثقة أمام لجنة تحكيم تعتبر صعبة المراس في إرضائها، ليس وليد لحظة، إنما هي موهبة تحلّت بها منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، إذ اختارت ابنة بلدة ترتج الجبيلية الغناء غير مكترثة لملاحظات من حولها. فجلّ ما رغبت فيه هو أداء أغنيات وإضافة لمستها الموسيقية الخاصة مهما كان نتاجها.
تلفت والدتها إلى أنّها حاولت إدخال الطابع الأكاديمي المعروف في عالم الموسيقى من خلال الاستعانة بأساتذة، إلّا أنّ جنيفر لم تبدِ يوماً تفاعلاً، هي تمتلك أذناً موسيقية وترغب دائماً أن تغوص في غمار الموسيقى كما تحبّ. تتعلم النوتات عبر الإنترنت، علماً أنها تلقّت قبل جائحة كورونا دروساً خصوصية في العزف على آلتي البيانو والغيتار."
عائلة جنيفر موجودة في السويد منذ 17 عاماً، وعلى الرغم من الاندماج داخل المجتمع السويدي بعد كلّ هذه الأعوام، إلّا أنّ الحرص على المحافظة على اللغة العربية أمر لا تتساهل معه العائلة، وربما هذا يبرّر سبب عشق جنيفر الأغنيات العربية، بحسب تعبير والدتها.
تقصّدت جنيفر اختيار أغنية لسيلين ديون لأنّها محبّة للتحدّي، وتتحلّى بثقة عالية في الموهبة التي تريد أن تطوّرها أكثر، لذلك فإنّها تستعدّ الآن بصورة مكثّفة للتحضير لإطلالتها المقبلة في آذار، حيث ستؤدّي أيضاً أغنية بالأجنبية رغبة منها أن يسمعها الجمهور حول العالم، وخصوصاً اللبنانيّ منه، وتقول لوالدتها: "أريد أن أظهر أقوى ما لديّ بعدما آمنوا بموهبتي وقدّموا لي فرصة ذهبية كي أكون حاضرة في المرحلة نصف النهائية من البرنامج".
نسأل والدة جنيفر سؤالاً كان حاضراً بقوة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وأثار تفاعلاً طبيعياً وعفوياً بين اللبنانيين، وهو أنّ والد جينفر اسمه ميشال عون، على اسم رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، فهل تنبّهت للتعليقات الواردة؟ تضحك الوالدة، وتقول بأنّها تابعت ما ورد على مواقع التواصل الاجتماعي ولا يسعها إلّا أن تتمنّى أن تفرج على اللبنانيين: "صحيح أننا نعيش خارج لبنان، لكن هذا لا يعني أنّنا لا نشعر بالمعاناة التي يتكبّدها المواطن اللبنانيّ يومياً"، وتصرّ على ترداد عبارة: "لبنان دائماً في قلوبنا".