النهار

"الثمن" الذي أوقف عرضه عند الحلقة 51 يعود بعد رمضان... هل ثمّة ما يستحق الانتظار؟
المصدر: "النهار"
"الثمن" الذي أوقف عرضه عند الحلقة 51 يعود بعد رمضان... 
هل ثمّة ما يستحق الانتظار؟
"الثمن".
A+   A-
إيمان إبراهيم


يأخذ مسلسل "الثمن" استراحة بعد عرض 51 حلقة منه، ليعود بعد شهر الصوم، حين يكون المشاهد قد أصيب بتخمة من الأعمال الدرامية. يراهن صنّاع المسلسل على أحداثه المبتورة، التي لم تكتمل بعد، وعلى جمهور تعلّق بالعمل وأبطاله وينتظر حلاً للعقد المطروحة، لكن أي عقد يطرح "الثمن" أصلاً، وأي خيوط ترك للمشاهد يتعلق بها بانتظار حلقات جديدة؟
 
 
عندما أعلنت مجموعة MBC انطلاق تصوير المسلسل المقتبس عن المسلسل التركي "ويبقى الحب" (بطولة خالد أرغنش وبيرغوزار كوريل)، في استكمال لظاهرة تعريب المسلسلات التركية، ظنّ المشاهد أنّ العقدة الأساسية في المسلسل ستكون المعضلة الأخلاقية التي تطرحها قضية أرملة شابة، تضطر لبيع جسدها لمديرها لتشتري حياة ابنها المريض، إلا أنّ الكاتبة يم مشهدي مرّت على الصراع الذي عاشته سارة (رزان جمال) مرور الكرام، كان أقصى ما فعلته هذه الأخيرة إحراق فستانها الأسود الذي يذكّرها بالليلة المشؤومة، أما زين (باسل خياط) المدير الذي اشترى بماله جسد موظفة لديه ودفع 200 ألف دولار، رقماً مبالغاً به جداً لليلة أنس، فقد جلد نفسه بكل ما أوتي من جبروت بعد اكتشافه أنه استدرج أماً تبحث عن علاج طفلها إلى سريره، لتنشأ بعدها قصّة حب بين الطرفين.
 
زين يغلي بصورة انفعالية مبالغ فيها، وسارة باردة كما الثلج، لا تنفعل سوى عندما يتعلّق الأمر بابنها، ما يجعلك تتساءل هل هي طبيعة الدّور أم عجزت الممثلة عن أداء دور المرأة العاشقة، فبدت في أقصى لحظات الرومانسية باردة، الأمر الذي انعكس على باسل خيّاط نفسه، حاول مدّ قصّة الحبّ بالدّفء، فوقع في فخّ المبالغة، وبدت العلاقة غير متكافئة، غير مقنعة، لا تمسّ أحاسيس حتّى أكثر المشاهدين رهافةً، وعندما انتهت العلاقة كما بدأت، لم يتغيّر شيءٌ في مسار مسلسل انطلق انطلاقة صاروخيّة أحرقت الأحداث، ثم خفت إيقاعه حتى إن حلقات كثيرة تمرّ بدون أحداث حقيقيّة.

حاولت الكاتبة الخروج من عباءة المسلسل التركي، أخذت منه الشخصيات الرئيسيّة، وبعض الخطوط الدرامية التي تشعّبت بها نحو خطوط دراميّة جديدة، بعضها يخلو من الإقناع، كقصّة انتقام صاحب شركة هندسة منافسة من زين، لتصفية حسابٍ قديم مع والده، وقصّة وقوع كرم (نيكولا معوّض) في غرام سارة، ظننا أنّه سيتنافس على حبّها مع صديقه إلا أنّ القصّة ماتت قبل أن تولد.
 
تأخذ شخصية كرم منعطفاً جديداً مع إصابته بالسرطان، وتحوّله من شابٍ مستهتر إلى رجلٍ كبر فجأة وأدرك أنّ الأمور لا تسير دائماً كما يخطّط لها، وأنّه يخضع لاختبار نتائجه غير مضمونة العواقب، مشهد حلقه لشعره، ومشاهده مع والدته وهو يغدق عليها العاطفة ويكابر ليخفي عنها حقيقة مرضه مؤثرة جداً.

سارة أبي كنعان بدورها شهدت انقلاباً في شخصيتها، من المرأة الممتلئة طاقات إيجابيّة، منفتحة، طموحة، شغوفة، كسرتها علاقة حبّ من طرفٍ واحدٍ فانطفأ البريق في عينيها، قصّة حبّ سارة هي الأصدق، بدت مقنعة في دور العاشقة حدّ الوله، والمكسورة لا ترجو ترميماً لعلاقة فاشلة لا يحمل استمرارها سوى اجترار للألم.

بعض الشخصيات تغيّرت بصورة غير مبرّرة درامياً، كشخصية إبراهيم مطر (رفيق علي أحمد) الذي غضب على ابنه لأنّه تزوّج رغماً عن إرادته، ورفض حتى الاعتراف بحفيده المريض بعد وفاة ابنه في حادث سير، يقرّر فجأة أن يؤدّي دور الجدّ الحنون البعيد كل البعد عن الرجل الجبّار الذي لم تهزّه حتى وفاة ابنه، وشخصية سالم (طلال مارديني) الذي تحوّل فجأة من شابّ مستهتر يعيش عالة على الآخرين إلى شابٍ طموح يمد يد المساعدة، تعرّض سالم لخضّة كبيرة في حياته بعد ارتكابه خطيئةً بحق شقيقته. الخطايا لا تحوّل البشر فجأة إلى ملائكة، وأخذ الدروس والعبر لا ينعكس تغييراً في الشخصية لا تعرف بعده صاحبها.

يتطرّق المسلسل إلى قضيّة الخيانة الزوجية من خلال قصّة فراس (وسام فارس) ونور (ريام كفارنة)، تكتشف الزوجة الحامل بتوأمين أنّ زوجها يخونها، هذه المرّة لا تبرّر العائلة للزوج، ولا يقف المجتمع ليحميه. تعطي نور درساً للزوجات المخدوعات بأنّ التسامح قد تكون نتيجته الاستسهال، وأنّ التنازل لتسير مراكب معطّلة سيودي بها حتماً إلى الغرق، ويعطي فراس درساً بأنّ السعادة التي تظنّها بعيدة المنال قد تكون بين يديك وأنت غافل عنها.

شهدت قصة الثنائي منعطفات غير منطقية، كانت نور في الحلقات الأولى مجرد ربّة منزل حسودة، فضولية، ثرثارة، فاقدة لحسّ التعاطف، تحوّلت بعد خيانة زوجها إلى امرأة يقودها الكبرياء، تثأر لكرامتها، تتعاطف، تنفعل، تدرس كلماتها بعناية، أما فراس الرجل الذي يعشق سكرتيرة والده بجنون، يخبرها أنّ زوجته حامل بتلقيح صناعي لأنّه يرفض أي علاقة جسدية مع امرأة غيرها، كأن التلقيح رفاهية يلجأ إليها الزوج حين يريد أبوّة جاهزة دون التورّط في علاقة زوجية غير مرغوبة. يستيقظ فجأة على حقيقة أنّه يعشق زوجته بجنون، وأن رفضها له أيقظ داخله حقيقة أنّ الزوجة ليست من الأملاك المضمونة، تركنها جانباً وتعود إليها حين تشاء.

مشهد ولادة نور كان كوميدياً، تعذّر الاتصال بفراس، فطلب والده أن يترك شقيق زوجته رسالة له في الفندق حيث يقيم يخبره فيها أنّه أصبح أباً... حدث هذا في عصر الواتساب ورسائل الـSMS.

وحدها التي سارت على إيقاع لم يخفت ولم يرتفع دون مبرّر درامي كانت رندة كعدي، أينما وجدت الممثلة القديرة ترفع قيمة العمل.

قرابة 40 حلقة من المسلسل ستعرض بعد شهر رمضان، العقدة الرئيسية أصبحت مرض كرم، أما قصص الحب المبتورة، والانتقام الذي يمارس بحق زين بمفعول رجعي، والعلاقات المتشابكة، فقد فقدت بريقها لشدّة ما غرقت في التطويل والملل الذي يقتل شغف الانتظار، فكيف إن كان الموعد المرتقب بعد شهر حافلاً بالأعمال الدراميّة، يصبح بعدها الابتعاد عن شاشة التلفزيون توقاً حتى لعشاق الدراما؟

• "الثمن" كتابة يم مشهدي في اقتباس للمسلسل التركي "ويبقى الحب"، إخراج فكرت قاضي، بطولة باسل خياط، رزان جمال، نيكولا معوض، سارة أبي كنعان، رندة كعدي، رفيق علي أحمد، صباح جزائري، إياد أبو الشامات، وسام فارس وغيرهم...


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium