يحلّ المخرج فيليب عرقتنجي ضيفاً على رئيسة مجموعة "النهار" الإعلامية نايلة تويني، في موعد جديد من "بودكاست مع نايلة". يفتح قلبه، يسرد تفاصيل حياته، ويروي هواجسه والمشاعر المختلطة التي تنتابه. هذا الأسبوع، محطّة جديدة مع شخصية فريدة. حديث في الفن والوطن والنوازع الإنسانية.
للمرة الأولى، يعتلي المخرج السينمائي، صاحب الجوائز العديدة، خشبة مسرح مونو ليسرد قصته الشخصية في مسرحية من إخراج لينا أبيض. يصف نفسه بـ"الشخصية الانطوائية إلى حدٍّ ما"، ومع ذلك، اختار المسرح أخيراً، ليُصبح على مسافة قريبة من الواقع، مسافة قريبة من الضوء، وقريبة من الإنسان.
في أول عمل مسرحي له بعنوان "صار وقت الحكي"، يشارك فيليب الجمهور رحلته في صناعة الأفلام بشغف وشيء من الفكاهة التي تُدرك حدودها فلا تتعدّاها نحو الابتذال. يروي قصصاً جريئة ومؤثرة حول مواضيع عدّة، مثل التعدّدية اللغوية والهوية واللغة كوسيلة للتعبير عن الذات. جميعها عناصر تشكّل المركّب اللبناني، وقد شغلت تفكيره منذ طفولته. يتكلّم كذلك على الموت وسبب الرحيل، المادة الخصبة للتفكير والتأمّل.
يرى عرقتنجي أنّ التطرّف يغزو العالم ويُعيد الناس إلى الوراء، وأنّ "لبنان في عين الإعصار وهو الذي يتأثر بشدّة". يُشير إلى الأخبار السلبية التي تغصّ بها الشاشات، أخبار التسلّح والعنف والاستعداد للحرب، كلّها، برأيه، تؤثّر على الإنسان وعلى نفسيّته وتعامله مع الآخر. "ننسى خطر الاحترار المناخي"، يقول،" المياه تتراجع، الأمطار تنحسر والأمن الغذائي مهدّد". وعلى ضوء المشهد اللبناني والتطرّف والتفرقة على أساس الطوائف، وهو الرائج اليوم، يعتبر أنّ التطرّف ينتشر في لبنان.
برأيه، اللبنانيون يخافون بعضهم. يستشهد بعمله مثلاً، فيقول: "لنرفع كاميرا ونحاول أن نصوّر، لنصوّر مبنى (النهار) مثلاً، سيخرج أحدهم ويسألنا لماذا نصوّر بعصبيّة وخوف". هذا الخوف هو الذي يعزّز الانعزالية والتطرّف.
قبل سنوات، أتاحت منصة "نتفليكس" مجموعة من أفلامه، من "البوسطة" إلى "اسمعي"، مروراً بـ"تحت القصف" و"ميراث"، ضمن مشروع "صنع في لبنان". كانت التجربة جيّدة بالنسبة إلى السينما اللبنانية والمشهد الذي سعى عرقتنجي بأفلامه الوثائقية والدرامية إلى رسمه. وعلى عكس النظرة الكلاسيكية إلى ثورة التكنولوجيا في الفن السابع، رأى أنّ تجربة توفير أفلامه السينمائية على منصة الفيديو بحسب الطلب "ضخّت حياة جديدة" في أعماله، ونقلتها إلى الحيّز العالمي، مشيراً إلى أن التفاعل الكبير لمشاهدين من جنسيات مختلفة ومن لبنانيي الانتشار معها أبرزَ كونها تعالج مسائل "تنطبق على قضايا الإنسان كل زمان ومكان"، على الرغم من أنها تنطلق من الواقع اللبناني.
هذه الخطوة، وتعلّقه بلبنان، شجّعاه على الاستمرار رغم صعوبة مزاولة العمل السينمائي في ظل الظروف الراهنة، هو المؤمن بأنّ "عنوان المستقبل هو التكامل بين الشاشات، والتوفيق بين تجربتي مشاهدة الأفلام في السينما وعلى التلفزيون أيضاً".
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.