مع الزيادة الكبيرة في الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي، اختلف فنانون ومنتجون عرب على مدى التعامل معه في الإنتاج الدرامي، ودرجة خطورته على الممثل والمنتج والمخرج والعمل الفني بصفة عامة.
ففي حين أعربت الفنانة اللبنانية ماغي بو غصن عن مخاوفها الشديدة من استخدامه في الأعمال الفنية وعلى الحضور الشخصي للممثّل مع قبولها الاستفادة من أيّ تطوّر تقنيّ، وافقت الفنانة المصرية ياسمين صبري على التعامل مع الذكاء الاصطناعي لأنّه أصبح واقعاً وأمراً حتمياً لا مفرّ منه، وهو ما اتفق معها عليه الفنان السوري قصي خولي، الذي شدّد على الحذر من نسبة الاعتماد على هذا التطور التقني الحتمي.
من جهته، دعا المنتج جمال سنان إلى تضمين شكل ووسائل استخدامه في العقود الفنية بين المنتج والمخرج والممثل في أيّ عمل فني.
جاء ذلك الجلسة النقاشية التي تمّ تنظيمها بعنوان "هل سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الدراما العربية؟"، ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي في دورته الحادية والعشرين، الذي نظّمه نادي دبي للصحافة، وأدارها الإعلامي في قناة "أل بي سي آي" رودولف هلال، الذي طرح سؤالاً في البداية على المشاركين عن مدى قبول الفنان بأن يستخدم الذكاء الاصطناعي صوته وصورته كبديل لحضوره في العمل الفني.
قال خولي إنّنا في المنطقة العربية تأخّرنا في استخدام الإنترنت، لكن حياتنا أصبحت معتمدة عليه في كلّ شيء؛ ولذلك لا بدّ من أن نكون سريعين في استخدام الذكاء الاصطناعي، لأنه سيكون مفيداً لصناعة الدراما، بالرغم ممّا يتضمّنه من مساوئ. لكن لكلّ شيء مساوئ ومزايا، ويعتمد الأمر على طريقة الاستخدام.
ورأى خولي أنّ الذكاء الاصطناعيّ سيستمرّ من دون توقّف، وغالباً ما سنجد حلولاً لمدى الاعتماد عليه واستخدامه ضمن ضوابط وقوانين يوافق عليها الفنان، وأضاف: "نحن بمكان لأن نتبنى الذكاء الاصطناعي ونستخدمه بطريقة صحيحة لا تسيء إلى الفنان بل تخدمه وتخدم العمل الدرامي بصفة عامة".
أمّا بو غصن، فلفتت إلى أنّها لا تؤيّد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الدرامي، ورفضت الاستسلام له بسهولة، لأنّ الدراما مشاعر وإنسانيات وحياة يفتقدها الذكاء الاصطناعي، إلّا أنّنا مضطرون لقبوله، وقالت: "يجب استخدامه بما يفيد ماهية العمل الفني ويفيدنا لا بما يضرّنا"، مضيفةً بأنّه "نحن الآن أمام خطر كبير يُهدّد الإنسانية ويلغي دورها في وظائف كثيرة... إنّه خطر داهم علينا كفنانين".
وأضافت: "نتبناه ونستخدمه لمصلحتنا ولتطوير بعض عناصر الدراما كالصورة والديكور، مع تخوفي الشديد من خطورته علينا كفنانين".
إلى ذلك، وافقت صبري بشدّة على استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الدرامي، لأنه سيكون أمراً واقعاً لا مفرّ منه، وأضافت: "الذكاء الاصطناعي أكبر منا جميعاً، ولن يكون لنا قرار في استخدامه من عدمه، حيث تم التخطيط له من سنوات مثل أي شيء جديد يتم التخطيط له قبل أن يصبح أمراً واقعاً"، وقالت "من هنا يجب أن نكون واقعيين ونقبل التعامل معه بما يخدم الدراما. وبالتأكيد ستكون هناك حقوق ملكية تتضمنها بنود العقود المبرمة بين عناصر العمل الفني وكيفية استخدام صوت وصورة الفنان".
أما سنان، فقال: "يمكننا كفنانين أن نتذاكي على الذكاء الاصطناعي لأن الدراما روح ومشاعر ويجب أن نتقبله في تقليد الفنان صوتاً وصورة".
وفي إجابتهم حول سؤال "من أكثر ذكاءً الإنسان أم الذكاء الاصطناعي"، قال خولي إنّها "حرب مستمرة بين الطرفين لكن الإنسان أقوى لأنه هو من اخترعه"، فيما رأت صبري أنّ "الذكاء الاصطناعي سيتغلب على الإنسان رغم أنه هو من اخترعه، بسبب الكم الهائل من المعلومات التي سيتم تغذيته بها والتي تفوق قدرات الإنسان في التعامل مع الأمور"، وقالت: "يجب أن نكون واقعيين وأذكى بتقبله وألا نكون كمن يعيش في الماضي".