النهار

ميشال فاضل و"دي جي رودج" يبدعان في موسيقى الحياة... "ارجعي يا بيروت" (صور وفيديو)
إسراء حسن
المصدر: "النهار"
ميشال فاضل و"دي جي رودج" يبدعان في موسيقى الحياة... "ارجعي يا بيروت" (صور وفيديو)
من حفل ميشال فاضل و دي جي رودج (تصوير حسام شبارو).
A+   A-
أثبتت الأزمات التي عصفت بلبنان تمسّك شعبه بثقافة الحياة، ولذلك نسمع دائماً عبارات أشقائنا العرب وحتى الغربيين يردّدون بعد هول كلّ عاصفة أو فاجعة وطنية عبارة يتيمة يعلّلون فيها صمود المواطن اللبناني: "ينهض دائماً لأنه يحبّ الحياة".

هي حالة من التناقض النفسي، التي أكسبت المواطن القدرة على نسيان موقّت لمرارة الواقع المعيشي المبكي، كرمى ساعات قليلة يزوّد فيها نفسه افتراضياً بخبز وهميّ وأبسط الحقوق الحياتية، فيهتف ويصرخ حتى يخرج هذه الطاقة السلبية المتحكّمة بخطواته اليومية.
 
 
 
 
هكذا كانت حال الجمهور، مساء أمس، في حفل "Coloratura" لكل من المؤلف الموسيقي ميشال فاضل والـ "دي جي" اللبناني العالمي "رودج"، الذي أقيم على الواجهة البحرية لبيروت Seaside Arena - وسط البلد، وحضره أكثر من 3000 شخص رقصوا وغنّوا على وقع الموسيقى الإلكترونية المنسّقة من الفنانين.

الحدث الضخم، الذي نظّمه "ICE Events" و"Mix Productions"، جمع أكثر من 100 موسيقي ومغنٍّ على خشبة المسرح في إطار فنّي وإخراجي وإنتاجي مبهر من إضاءة ومرئيات ومؤثرات سمعية وبصرية.
 
 
 
يعترف فاضل ورودج بأنّ الإقدام على تنفيذ هذا الحفل، وفي ظل الظروف الراهنة، كان أمراً صعباً، وبدأ الأمر كنوع من المزاح وتحوّل إلى حقيقة، لا سيّما أنّ الحفلات التي قدّمت في الخارج نفذت ضمن أجواء وظروف بلاد لا تعيش أزمات كالتي يعيشها لبنان. لذلك خلص الفنانان إلى اعتبار ما قدّم في هذا الحفل بمثابة حلم، وأن هدفهما تحقّق بفضل دعم اللبنانيين الذين أثبتوا أنهم شعب يرفض الموت ويحبّ ثقافة الفرح والحب والحياة.
الهدف من الحفل إنساني بحت، وهو دعم 7 جمعيات غير حكومية تعاني منذ أكثر من عامين من أشدّ الظروف الإجتماعية والإقتصادية بسبب الأزمة في لبنان، وهذه الجمعيات: مركز سرطان الأطفال (CCCL) ، "برايفهارت" (Braveheart)، SOS Children’s villages، جمعيةBASSMA، Enfants de lumière، أصدقاء مرضى التصلب اللويحي في الجامعة الأميركية في بيروت وOperation Full Fridge.
 
 
أقيم الحفل على مسرح داخلي مبرّد، زيّنته الإضاءة التي لا تشبه بيروت المعتمة، ولعب فيه فاضل ورودج بذكاء وحنكة فنية عالية، فأفلحا بجذب جمهور الشباب والكبار من خلال المختارات التي دخلت مزاج حاضره. رودج، الفنان في عالم الموسيقى، والـ"دي جي"، قدّم بمدرسته الخاصة تنسيقاً موسيقياً جمع فيه الحديث والقديم من الشرقي والغربي. هتف بعد كلّ استراحة قصيرة اسم "بيروت"، علّ الموسيقى والفن يخفّفان من مرضها العضال.
نعم، الجمهور نسي على مدى أكثر من ساعتين مشهد طابور الخبز وارتفاع أسعار البنزين وانعدام النوم بعد انقطاع الهواء الاصطناعي الآتي من ساعات تقنين كهرباء من قبل أصحاب مولّدات الكهرباء، فلا حاجة لذكر "كهربة الدولة" لأنها في خبر كان.

هذه اللوحة الموسيقية المفعمة بالحياة زيّن ألوانها المبدع ميشال فاضل الذي أصرّ على تقديم رؤيته الفنية المتمسّكة بالموسيقى الكلاسيكية "بتونّس بيك"، "خطرنا على بالك" وأخرى مطعّمة بالحداثة.
 
 
ميشال فاضل ورودج قدّما عرضاً أشبه بلعبة "البينغ بونغ"، وأحسنا بمتعة عدم إفلات الكرة. استمتعا بلعبة فنية ذات معايير عالمية، اتحدت فيها موسيقى البوب والكلاسيكية بحضور أوركسترا حيّة، لتقدّم مشهدية متقنة مرّت بسلاسة على جميع الأذواق.
 
 
 
 
 
ولأنّ صانعي الحفل نطقا باسم بيروت أكثر من مرّة، اعتلى الشاعر نزار فرنسيس ليصرخ عن هذه العاصمة بأوجاعها ويناجي لبنانها المسلوب، فقال: "لمّا ما قدروا بالحروب يركعوك، والكل داقوا الذّل لمّا جرّبوك، عرفوك شامخ بعز وعنفوان ما اتحملوا تبقى متل ما بيعرفوك. بلدان عندن مصلحة تنهان، كلّن عليك تآمروا ت يجوعوك، وفي ناس مرهونين للبلدان سرقوك منّا وبعدن عم يسرقوك. باعوا حلاك وبأرخص الأثمان، الرخاص هني وبإيديهم رخصوك، وفي ناس عندن نخوة الأوطان بالضيق بقيو وما قبلو يفارقوك ومنن أنا، حبي إلك إيمان ما بغيّر الإيمان مهما غيّروك. وحياة كسرة خبز الجوعان، يا شلح أرز الرب ما رح يكسروك، شعبك ع خبز المرجلة ربيان، للذل تبقى هيك ما رح يتركوك مهما، ومهما عليك تكاترو الحيتان ولادك يا راس العز يا لبنان من تم حوت الذل رح بيرجعوك... بيروت إيه، هيك... ارجعي بيروت، خلّي الحزن بدفترك ورقة، وقولي لكلّ اللي ناطرنا نموت نحن شعب منموت تا نبقى".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium