تابع جمهور واسع عالميّاً المقابلة الثانية التي أجراها المذيع البريطاني بيرس مورغان مع الإعلامي المصري باسم يوسف، والتي تمّت هذه المرّة وجهاً لوجه من داخل متجر الكوميديا في لوس أنجلس، حيث قدَّم يوسف العديد من عروضه.
لم يُخفِ مورغان إعجابه بالقاعدة الجماهيرية التي استطاع يوسف كسبها، حتى أنّه اعترف في مستهل المقابلة بأنّ العديد من أصدقائه النافذين سألوه: "من هو هذا الشخص؟".
يوسف لفت إلى أنّ سبب التفاعل الكبير الذي حظيت به مقابلته يعود إلى أنّ أصوات الجمهور في الشرق الأوسط غير مسموعة، في ظل التحيّز الواضح من قبل بعض التغطيات الإعلامية الغربية، التي لم تسمح بسماع تلك الأصوات، على حدّ تعبيره، مضيفاً أنّه عندما نطق بلسان ما يريد هؤلاء إيصاله، شعر هذا الجمهور بأنّ صوته سُمع في ظلّ التعتيم والتضليل الحاصل.
وقبل انغماس يوسف في متابعة النقاش الذي بدأ في المقابلة الأولى التي أجراها من بعد مع مورغان، قدّم يوسف هدية رمزيّة وذكيّة في رسالتها التي حملت بُعداً ثقافياً تراثياً يتعلّق بجذور الشعب الفلسطيني. الهدية الرمزيّة مقدّمة من زوجة يوسف، وهي كناية عن زيت زيتون من الضفة الغربية، وسط حرص يوسف على التغنّي بشجر الزيتون الفلسطيني، مقدّماَ لبيرس عيّنة تراثية عن أشهر استخداماته مع الزعتر. وقال: "إنه أفضل زيت زيتون على الإطلاق، والسبب أن أشجار الزيتون التي يستخلصونه منها عمرها أكثر من 600 عام، وتنتقل من جيل إلى آخر، باعتبارها تراثاً عائلياً".
اعتمد يوسف في المقابلة على النقاش والإصغاء البنّائَين، فابتعد عن الأسلوب الغاضب الذي انتهجه في مقابلته الأخيرة، واعترف لمورغان بأنّ الجمهور ينتظر "جولة ثانية" من العراك أشبه بعرض سيرك، معتبراً أنّ ما ينتظره الجمهور لن يقدّم حلّاً للمشكلة الكبرى.
في المقابلة، أصرّ يوسف على رواية القصّة الكاملة التي انتهت بقدوم اليهود إلى فلسطين واحتلال أراضيها، معتبراً أنّه بالعودة إلى جذور المشكلة يتبيّن أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الغرب، وليس على دول الشرق الأوسط، إزاء ما حلّ باليهود على مدى سنوات طويلة.
واعتبر باسم أن "المعركة ليست للقضاء على "حماس"، ولكن لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء".
"هذا ما تريده إسرائيل بالضبط وهذا ما سيشعل الحرب العالمية الثالثة. هذا هو أسوأ حل. هؤلاء فلسطينيون، وهذه أرضهم، وفجأة تأخذوها، لماذا؟ بشكل أساسي، هم (الفلسطينيون) يُطردون من منازلهم، والآن دولة أخرى عليها أخذهم؟...".
وتابع قائلاً: "هل ترى ما سيحدث؟ تخيّل هذا - ولأن المسؤولين الإسرائيليين تحدّثوا علانية عن الموضوع، ولماذا لا يغادرون فقط إلى سيناء؟- هل تعلم ما سيحدث؟ هؤلاء سيدفعون إلى سيناء، ومليون شخص يعيشون في مخيم للاجئين، ماذا تتوقّع أن يحصل؟ اضطرابات، فوضى، وبعد سنوات قليلة سيأتي الإعلام الغربي بكاميراته ويقول: انظروا إلى هؤلاء العرب يقتلون بعضهم. من الجيّد أن إسرائيل تخلّصت منهم، وبعدها سيذهبون إلى الضفة الغربية، وفجأة 3,5 ملايين شخص سيدفعون إلى الأردن".
وأضاف: "الفكرة بمجملها: لماذا لا يأخذهم الأردن، ولماذا لا تأخذهم مصر؟ نفس السؤال... أوروبا لديها 44 دولة، لماذا لا يأخذون إسرائيل؟ في أميركا هناك 50 ولاية، لماذا لا يعطونهم فلوريدا؟... فكرة أنّكم عرب، وكلكم سواء، لا. لأنه ماذا سيحصل بعدها؟ ستنتقل إسرائيل إلى الأردن، وتقول أيها السعوديون لماذا لا تأخذوا الأردنيين، هذا ليس حلّاً!".
قاطعه بيرس معتبراً بأنّ لأيّ دولة تعرّضت لهجوم مماثل كـ7 أكتوبر "الحق في أن تدافع عن نفسها"، وتناول مرويّات الأطفال الذين قيل إن رؤوسهم قُطعت.
لكن باسم انتفض، واتهم السلطة الإسرائيلية بـ"الكذب وعدم القدرة على تقديم أدلة"، مورداً عدداً من الأمثلة على مجازر وجرائم ارتكبتها إسرائيل، ثم نفت، ثمّ عادت لتعترف، كمجزرة قانا في لبنان وقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة.
ودخل الرجلان في نقاش حول المسؤولية عن قصف المستشفى المعمداني، الذي قالت "حماس" إن 500 فلسطينيّ قضوا فيه، متّهمة إسرائيل بالمسؤولية عن القصف.
استند بيرس إلى تقارير وصفها بـ"المحايدة" تنفي مسؤولية إسرائيل، ونسب أيضاً هذا الاعتقاد إلى "نيويورك تايمز". لكن يوسف أجاب بأنّ جميع الصواريخ التي أطلقتها "حماس" في تاريخها قتلت 69 إسرائيلياً على مدى سنوات، فكيف لواحد أن يقتل 500، مشكّكاً بالرواية الإسرائيلية والتقارير التي تؤيّدها.
كذلك لفت يوسف إلى تحيّز الذكاء الاصطناعي ضد الشعب الفلسطيني: "هناك شعور في الشرق الأوسط بأن الغرب لا ينظر إلينا على أننا متساوون"، فقرّرت اللجوء إلى الآلات، وسألت ChatGPT: "هل تستحقّ إسرائيل أن تكون حرة؟"... وكانت الإجابة: "نعم، إسرائيل تستحقّ الحرية مثل الجميع".
وتابع: "عندما سألت الذكاء الاصطناعي إن كانت فلسطين تستحق أن تكون حرّة"، ردّ: "إنه أمر معقّد وموضوع شائك".