إيمان إبراهيم
بعد مواسم توقّفنا عن عدّها، لم يعد رامز جلال يصعقنا بتنمّره وقدرته على السخرية من ضيوفه على مرأى ومسمع منهم، ولم يعد يثير استغرابنا قبول هؤلاء بالإهانة، كما لم يعد يثير حنقنا أن يكون هذا العبث البرنامج الأكثر مشاهدةً متفوّقاً بأرقامه على أهم الأعمال الدراميّة.
نجح رامز في إسقاط هيبة النّجوم بالضربة القاضية، ولم يعد مجدياً السؤال عمّا إذا كان ثمّة اتفاق مسبق مع ضيوفه على المقالب، إذ إنّ النتيجة تنتهي دائماً بمصالحة ومبلغ مالي ضخم يتقاضاه النّجم، يجعله قادراً على غضّ النّظر عن الإهانة العلنيّة، هو الذي يستشيط غضباً إذا ما وجّه إليه صحافي انتقاداً، أو كتب أحدُ متابعيه تغريدة لا تثني عليه.
في "رامز نيفر إند"، يتحدّى مقدّمه مَن راهن على أنّ ظاهرة رامز جلال آخذة بالأفول، ويتوجّه مع بداية كل حلقة إلى المنتقدين بالقول: "صفّي النيّة وبلاش تقطّع فيّ"، مؤكّداً أنّه خسر الكثير من أصدقائه ليقدّم مادّة مسلّية للجمهور.
"المادّة المسلّية" خرجت هذا العام عن إطار السخرية من النجوم التي باتت مادّة متوقّعة، فلجأ إلى تعريض حياة الفنان محمد فؤاد للخطر.
فقد كان رامز وفريق عمله يدركون أنّ تصوير حلقة الفنان يأتي بعد 15 يوما من إجرائه عملية تكميم. استدرج رامز ضيفه إلى الغسالة، التي قلبت الفنان رأساً على عقب، وسمع صوته يصرخ ألماً فلم يهتز له رمش، وعندما أوقف الغسالة وكشف عن وجهه، كان أوّل ما فعله هو أن ينفجر ضحكاً وهو يشير إلى الدماء النازفة من بطن الفنان.
لم يحرّك الفنان ساكناً ولم يعترض ولم يعاتب رامز، إلا أن طبيب فؤاد استشاط غضباً وكتب في حسابه على "فايسبوك" يصف ما حصل مع مريضه بالجريمة الشنعاء، إذ إن فؤاد كان قد أجرى قبل 10 سنين عملية لم تؤتِ بثمارها في الخارج، فقام الطبيب بتصحيح العملية التي وصفها بالكبرى والتي تتطلّب عناية بعد العملية، محملاً رامز وفريق عمله أي عارض صحّي قد يتعرّض له فؤاد، الذي أعلن أنّه لا يزال في فترة النقاهة فور بدء التصوير، فلم يؤخذ تصريحه في الاعتبار، واستمرّ رامز بتعذيبه بأبشع الأساليب.
لم يأبه رامز لرؤية ضيفه يتألّم، وأغرورقت عيناه بالدّموع وهو يضحك لمشهد الدّماء التي تسيل من جرح لم يندمل بعد. لم يغلبه سوى الممثل أحمد السّقا، الذي أراد ترويعه بثعبان حيّ، فقام السقا بقطع رأس الثعبان بأسنانه. مشهد مقزّز ينتمي إلى أفلام العنف التي تُعرض مع إشارة "للراشدين فقط".
ولأنّ طبّاخ السمّ آكله، لم يفلت رامز من لسعة الثعبان، وهو بصدد إخراجه لترويع الممثلين محمد فراج وبسنت شوقي، وسالت الدماء من أصابعه، وأكمل وصلة تعذيبه ضيفيه وكأن شيئاً لم يكن قبل أن ينهيها ويده غارقة في الدّماء.
يدرك رامز أنّ إمكانات برنامجه الماديّة تجعل معظم النجوم متاحين، وهو لا يتوانى عن معايرتهم بالمبلغ الذي يحصلون عليه لقاء ظهورهم في البرنامج، في وصلات ردح تبدأ منذ دخول الضيف، الذي يتعرّض للسخرية من ملابسه، ووزنه، وتسريحة شعره، وطريقة نطقه، وصولاً إلى وصفه بالغبي كما حصل مع لاعب نادي الأهلي المصري محمود كهربا. كان يمكن لهذا الأخير أن يرفع قضية قدح وذم ضد رامز ويكسبها، إلا أنّه اكتفى بما حصل عليه من مبلغ ضخم لقاء حلوله ضيفاً على برنامج تفنّن في إذلاله وهو يبتسم صاغراً.
رامز الذي تُخصّص لبرامجه ميزانيات ضخمة، يدرك أنّ هنا يكمن مصدر قوّته، التي تمكّنه ليس من استضافة أهم النجوم فحسب، بل تجعله الطرف الأقوى في فرض شروطه هو لا الفنان الذي يشترط في العادة على فريق إعداد أي برنامج مهما بلغت درجة أهميته أن يكون مشرفاً على الأسئلة وصولاً إلى عملية المونتاج. أمام رامز ينصاع صاغراً، يدرك سلفاً أنّ هذا الأخير يتفنّن في تعليقاته المهينة، وأنّه لا يوفّر أحداً، ورغم ذلك يغضّ النّظر طمعاً بمكافأة مالية، قد تعادل ما يحصل عليه من حفلة أو فيلم سينمائي إذا صحّت الأرقام المسرّبة عمّا يتقاضاه النّجوم.
يبقى المدهش في هذا الموسم، ردود أفعال الضيوف الباردة، سواء في الغسالة التي تنقلب بهم رأساً على عقب، أو في المطعم المعلّق بين السّماء والأرض، حيث يوهم رامز الضيف أنّه سيسقط من أعلى، قبل أن يكشف عن المقلب. لم نشهد أي انهيار، ولم ينتهِ المقلب بمشادّة، لم يوجِّه أي ضيف لرامز عتاباً، بل كانت ردود الأفعال باردة، وهو ما عالجه رامز بضربة استباقية، طالباً من ضيوفه أن يقسموا بأنّهم لم يكونوا على دراية بالمقلب. القسَم تحت العذيب لا يؤخذ به غالباً.
رامز جلال بإمكانات مالية ضخمة، وحسّ تعاطف معدوم، وبرنامج قائم على الأذى النفسي والجسدي ظاهرة باقية وتتمدّد. أحدث ضجّة في بداياته وصلت إلى حد إثارة الجدل في مجلس الشعب المصري، قبل أن يصبح واحداً من الظواهر الاعتياديّة التي لم تعد تثير الحنق، حتى وهو يهدد ضيوفه المعلَّقين بين السماء والأرض بثعبان سام، ويلهو بآخرين داخل غسالة ترمي بهم من الأعلى دون رحمة، ويجمع نقاط ضعف ضيوفه ليتندّر عليهم بما يوجعهم، مدركاً أنّه كلما نجح في استفزاز المشاهدين، حافظ على مكانته كظاهرة مثيرة للاهتمام باتت أكسسواراً لا تكتمل البرمجة الرمضانية من دونه.