في سعي منها لإدخال روح جديدة إلى الفنّ السابع، تعمل المخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب التي فاز فيلمها الوثائقي الأخير "داهومي" بالدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي، على تسليط الضوء في أفلامها على القارة الأفريقية والديناميات التالية لزمن الاستعمار.
تتطرّق المخرجة التي تقول إنها "متحدرة من أصل أفريقي"، في فيلم "داهومي" إلى مسألة حساسة في الدول التي خضعت للاستعمار في الماضي على غرار الدول الأفريقية، وهي إعادة الأعمال الفنية الأفريقية المعروضة في المتاحف العالمية الكبيرة.
ويروي فيلمها الطويل الأول استعادة بنين في تشرين الثاني 2021 لـ26 عملاً فنياً نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية في العام 1892.
وعاشت ديوب حياتها بين قارّتين.
وُلدت قبل 41 عامًا في باريس لوالدها الموسيقي واسيس ديوب شقيق المخرج السنغالي جبريل ديوب مامبيتي الذي نال فيلمه "توكي بوكي" جائزة النقاد الدولية في مهرجان كان في العام 1973. وترعرعت كذلك في العاصمة الفرنسية.
وحاز فيلمها الوثائقي السياسي "داهومي" السبت جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي.
وكانت قد فازت في العام 2019 بالجائزة الكبرى لمهرجان كان، وهي الأهم بعد السعفة الذهبية، عن فيلم "أتلانتيك" الذي صوّرته في دكار ويتناول "المطاردة والسحر وفكرة أن الأشباح تولد فينا" بوحي من قصص منفى الشباب السنغالي.
- التزام سياسي -
خلال فعاليات مهرجان برلين السينمائي، قالت ماتي ديوب لوكالة فرانس برس إن السينما الأفريقية تتميز بالتزام سياسي قوي، موضحة أن "أمامنا تحدّيا لا يُقارَن بالتحديات التي يواجهها صنّاع الأفلام الغربيون".
وأضافت "نحن نولي حرصًا أكبر على التعبير عن تعقيدات واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي".
ولا يزال حضور السينما الأفريقية في المهرجانات الدولية للأفلام خجولًا.
وكانت ماتي ديوب تأمل أثناء مرورها في مهرجان كان أن تمثّل "دينامية جديدة" وأن تشكّل ربما "مرجعًا" مستقبليًا للمخرجات الأفريقيات.
في العام 2021، اختيرت لتكون عضوًا في لجنة تحكيم مهرجان كان برئاسة المخرج سبايك لي الذي كان أول مخرج أسود يتولى هذا الدور وهو مدافع شرس عن حقوق السود.
تركت نجمة السينما السنغالية أثرًا ملحوظًا في عالم صناعة الأفلام منذ فيلمها "ميل سوليي" الذي صدر في العام 2013 ويتناول بطل فيلم "توكي بوكي" وحاكى فيلم عمّها الذي لا تعرف عنه الكثير.
ومالت ماتي ديوب في بداياتها إلى الفنون البصرية لا سيما التصوير الفوتوغرافي. وتعمل والدتها في المجال الفني.
التحقت الشابة بمختبر البحوث الفنية في قصر طوكيو في العام 2006، ثمّ بالاستوديو الوطني للفنون المعاصرة في فريسنو في العام 2007 وتخرّجت منه.
تمارس ماتي ديوب التمثيل في أوقات فراغها مثلما فعلت في فيلمَي "35 روم" (2008) و"أفيك أمور إيه أشارنومان" (2022) للمخرجة كلير دوني.
وديوب معجبة بأفلام المخرج التايلاندي أبيشاتبونغ ويراسيثاكول التي تتناول الأحلام والطبيعة، وقد نفذت أفلامًا قصيرة عديدة منذ العام 2004.
من بين هذه الأفلام القصيرة فيلم "أتلانتيك" الذي صُوّر في العاصمة السنغالية قبل 15 عامًا ويروي قصة عبور مهاجر شاب للبحر انطلاقًا من السواحل السنغالية.
وشكّل هذا الفيلم مصدر إلهام لفيلمها الطويل الأول "داهومي".