نجح المسلسل المصري "جودر: ألف ليلة وليلة"، بطولة النجم ياسر جلال، في جذب الجمهور نحوه منذ عرض أولى حلقاته يوم الثلثاء الماضي، فقصّته مأخوذة من الحكايات الأسطورية ألف ليلة وليلة، كتبها المؤلف الكبير أنور عبدالمغيث، حيث أعاد المشاهدين، بهذا المشروع إلى رؤية هذه النوعية من الأعمال الأسطورية والتاريخية، التي يميلون إليها، فكان التعليق الأبرز والأكثر انتشاراً: "نشعر بأجواء رمضان القديمة"، حيث سبق وقدٌم عدد من الفنانين إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، إما من خلال مسلسلات وإما فوازير رمضانية.
وجد الجمهور نفسه أمام ديكورات مصنوعة باحترافية ملحوظة، أوضحت ضخامة التجهيزات والإنتاج، فبعيداً عن جودة النص الدرامي وتألّق ياسر جلال، في تقديم شخصية شهريار، إلا أنّ الديكور كان أحد عناصر جذب وإبهار الجمهور، لمشاهدته...
تفاصيل وكواليس صناعة هذه الديكورات كشفها لنا مهندس الديكور أحمد فايز، الذي تألق خلال هذا الموسم الرمضاني في صنع ديكورات اثنين من أهم الأعمال الرمضانية في مصر والعالم العربي هما "جودر"، و"الحشاشين".
فايز، قال عن صناعة ديكورات "جودر": "قبل عرض تنفيذ إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، عليٌ، كنت أحلم بتنفيذ هذا المشروع، وكانت لديّ خلفية معلوماتية عنها، وأحب الاستماع إلى الأعمال القديمة التي نفذتها، أو رؤيتها عبر قنوات اليوتيوب، فضلاً عن الخلفية المعلوماتية لديٌ حول أساس هذه القصص الخيالية، والتي أعتبرها أساس فكرة الدراما، حيث يرغب شهريار، في عدم قتل شهرزاد حتى يعرف غداً ماذا سيحدث، وهذا هو عنصر التشويق الذي تقوم عليه الدراما".
هناك أوجه تشابه واختلاف بين مسلسلي "الحشاشين"، و"جودر"، فكلاهما قصة تاريخية تحتاج إلى ديكورات ومواقع تصوير ضخمة، لا سيّما أنّ أحدها قائم على الخيال والآخر واقعي، فكيف نجح فايز، في الجمع بينهما في آن واحد، هذا ما أجاب عنه قائلاً: "من المفارقة الغريبة أنه يتم عرض العملين عليّ في التوقيت نفسه، وأيضاً يتم تأجيلهما لعرضهما في الموسم الحالي بدلاً من الماضي، فبدأت أطلع على الكتب التاريخية في ما يخص قصة جماعة الحشاشين، حتى أقدم ديكورات أشبه بالواقع بعيدة عن المبالغة أو التقليد، فكنت مهتماً بأدق التفاصيل، أما في "جودر"، فكانت هناك أمامي مساحة من الخيال والإبداع نظراً لكونها قصص فانتازيا، لكن في الوقت نفسه نحن نعلم أن أساس حكايات ألف ليلة وليلة، كانت في إيران، فكان عليّ أن ألتزم بهذا العنصر وألا أبتعد عنه".
شعر الجمهور بأنه أمام أعمال عالمية، حيث لا يتعرضون كثيراً لرؤية هذه الديكورات الضخمة المصممة بأسلوب احترافي، فكان وراء هذا عدة أسباب كشفها مهندس الديكور فايز، حيث قال: "في الحقيقة ما ساعدنا على تنفيذ ديكورات "الحشاشين" و"جودر" بهذه الإمكانيات، ضخامة الإنتاج، حيث حرصت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على تقديم هذين العملين بصورة عالمية، ويمكننا أن نقول إننا استخدمنا ادوات وشيدنا عدداً من الديكورات لم يسبق تنفيذها في الشرق الأوسط... فبخصوص "الحشاشين" تم تصويره بين مصر وكازاخستان والمغرب، وتم تشييد قلعة الموت على أرض واسعة داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، حتى تخرج بصورة أكثر واقعية، كما تم تصوير "جودر" بين مصر والمغرب، لكنني وجدت أريحية أكثر في تصميم ديكورات العمل الأخير، لكونه عملاً خيالياً لكن في الوقت نفسه كنت ملتزماً بروح الشرق، وهو ما يميزه عن أي عمل أجنبي، فهنا كان سبب الإبهار وهو شعور الجمهور بأنه يشاهد هذه الديكورات والأدوات للمرة الأولى، بعيداً عن أي عمل أجنبي، كما أنني حرصت على إعطاء مساحات واسعة وارتفاعات في مواقع التصوير تسمح لمصممي الجرافيك بالعمل بأريحية وبصورة منطقية، لا تعرضنا للانتقادات أو الاتهامات بالمبالغة وعدم المنطقية".
وكشف مهندس الديكور عن أسباب عدم إنتاج مثل هذه الأعمال التاريخية بمصر في السنوات الأخيرة، رغم إثباتهم هذا الموسم القدرة على فعل ذلك، حيث قال: "هذه النوعية من الأعمال تواجه تحديات وصعوبات كثيرة من بينها عنصر الوقت، فهي تحتاج إلى فترات طويلة حتى تخرج للجمهور بشكل جيد، فضلاً عن أنّ التكلفة الضخمة من أهم أسباب تراجع صناع الدراما والسينما عن تنفيذها، لكن في النهاية إذا توافرت القصة الجيدة مع العنصرين السابقين فستكون النتيجة مرضية للجميع مثلما حدث مع جودر والحشاشين".