النهار

بين "عشرين عشرين" و"2024"... هل كان الموسم الثاني مجدياً؟
المصدر: "النهار"
بين "عشرين عشرين" و"2024"... هل كان الموسم الثاني مجدياً؟
نادين نسيب نجيم.
A+   A-
إيمان ابراهيم
 
عندما تشاهد مسلسل "2024" يصعب عليك تذكّر تفاصيل "عشرين عشرين" المسلسل الذي كان من المقرّر أن يعرض في رمضان 2020، وتأجّل سنة بسبب جائحة كورونا، وكان مقرراً له جزءٌ ثانٍ ألغي، ثم فجأة أعلن عن تحضيره، لكن ماذا تبقّى في الذّاكرة من الموسم الأول؟
يصعب تذكّر التفاصيل، حتى لو اختصرها الموسم الجديد قبل انطلاقه بدقائق معدودة تلخّص قصّة من 30 حلقة؛ كل ما نذكره من المسلسل أنّ النقيب سما (نادين نجيم) التي قتل شقيقها على أيدي تجار المخدرات، ارتدت ثوب المرأة البسيطة حياة العبد الله، وتغلغلت بين المتورّطين في جريمة قتل شقيقها، وفي تهريب المخدرات، ووقعت في غرام صافي الديب (قصي خولي) الذي بدوره أغرم بها.
 
عندما انتهى الموسم الأوّل، بقيت النهايات معلّقة. هل مات صافي الديب أم أنّه على طريقة مسلسلات الأجزاء يحيي المنتجون الأموات لخوض مغامرة محسوبة العواقب. لكن الأمور حسمت لاحقاً، وتقرّر إبعاد صافي الديب، وإنهاء دوره بوفاته، وإكمال الأحداث من حيث انتهت، في فترة زمنية تمتدّ إلى 3 سنوات بعد رحيل صافي.
 
قبل إلغاء الموسم الثاني، أعلن كاتب المسلسل بلال شحادات عن اجتماعه بزميلته فرح شيا لكتابة موسم، قال إنّه سيضمّ مفاجأة كبرى، رافضاً الكشف عنها، مكتفياً بالقول إنّه سيتفوّق على الأول، لتكون المفاجأة بإلغاء العمل من أساسه.
 
يومها، أعلن المنتج صادق الصباح أنّ العمل ألغي لأنّهم لن يتوصّلوا إلى بناء قصّة قوية بمستوى الموسم الأوّل.
 
 
وكانت الأصداء في داخل شركة الإنتاج متخوّفة من استثمار غير موفّق لنجاح الموسم الأوّل، لا سيّما أنّ نقطة قوّة العمل كانت في شخصية حياة العبد الله المرأة البسيطة، التي اقتحمت حارة آل الديب، وأغرمت بتاجر المخدرات، وليس النقيب سما. لكن ما تبقّى من القصة بعد رحيل صافي كانت سما، وليست حياة.
كيف عادت الشركة وقرّرت موسماً ثانياً بعد سنة على مسلسل "وأخيراً" لبطليه نادين نجيم وقصي خولي، الذي يدور في الإطار نفسه، عصابات مخدرات وخطف وانتقام؟ الجواب عند الشركة.
بالعودة إلى الموسم الجديد، الذي ينطلق في حلقاته الأولى بإيقاع تصاعدي، يبدأ بعد ثلاث سنوات على مقتل صافي الديب، كانت فيها سما قد استقالت من قوى الأمن، وهربت مع ابنتها إلى قرية نائية، بعد أن غيّرت اسمها واسم ابنتها لتنأى بها عن عصابة الدّيب؛ أمور تبدو سوريالية في بلدٍ صغير، وفي عصر السوشال ميديا. لكن ثمّة ضرورة درامية تحتّم غضّ النّظر عن بعض التفاصيل.
 
 
اعتقدت سما أنّها نجحت في الاختفاء، غير أنّ وفاة ناظم الدّيب عم صافي تقلب كل المقاييس، إذ يعود ابنه لؤي (محمد الأحمد) لينتقم له، ويرغم سما على مساعدته في الانتقام.
 
حلقات المسلسل تسير بإيقاع سريع. تبدو فكرة الحلقات الـ15 أفضل بكثير من مسلسلات الـ30 حلقة حين يبدأ إيقاع المسلسل بالتّراخي من الحلقات الأولى. النص في "2024" ممسوك، ولا شيء متروك للصدفة. الإخراج متعة بصرية مع فيليب أسمر، لكن ثمّة إرباكاً في الأحداث التي تنتقل من لبنان إلى سوريا من دون أن نجد شخصاً عبر عن طريق الحدود بين البلدين. الهروب عبر المنافذ غير الشرعية ليس بهذه السلاسة!
 
إحدى أهم نقاط قوّة المسلسل الأداء عالي المستوى لنجوم العمل، بمن فيهم محمد الأحمد، نجم الموسم الجديد، الذي يؤدي دور الابن الذي نفض يده من إجرام والده، وهرب بعيداً. وعندما مات والده، وجد نفسه متورطاً في الانتقام، مستخدماً كلّ الوسائل التي كان ينبذها، بما فيها إصداره أمراً بقتل طفلة صغيرة. لا يبدو الأحمد عنصراً طارئاً على العمل، بالرغم من أن بروز ابن لم يسمع به أحد لتاجر المخدرات الشّهير يبدو بحدّ ذاته دخيلاً!
 
نادين نجيم تعوّض هذا العام خيبة "وأخيراً"، الذي لم يكن أفضل أعمالها. دورها كأم يلامس القلوب، يليق بنادين أدوار المرأة البسيطة البعيدة عن دراما المافيات والأكشن. لم ينجح دور حياة العبد الله على حساب دور النقيب سما من فراغ. هذا الموسم خلعت النقيب عنها ثوب المرأة الحديدية. هي ليست بطلة خارقة، انهارت عندما أطلقت النار بالخطأ على رفيق دربها. هي بطلة من نوعٍ خاص حين يمسّ الضرر ابنتها.
مشاهدها مع ابنتها هي الأجمل، تفيض حناناً، تكسر حدّة الأحداث الغارقة في دمويتها.
الطفلة تالين أبو رجيلي موهبة أثبتت نفسها منذ سنوات، تقارع الكبار في عقر دارهم وتخرج منتصرة.
 
 
بدورها، كارمن لبس تستعيد شخصية "رسمية". يصعب تذكّر الخطوط الدرامية التي رافقت الشخصية بتفاصيلها بعد 3 سنوات. لكن "رسمية" بالمجمل شخصية لا تمرّ مرور الكرام، فهي معجونة بالحقد والرغبة في الانتقام. تمنعها طيبتها الفطرية. تحمي رجال المافيا، وفي الوقت نفسه تحمي طفلة بريئة. تناقضات تؤدّيها كارمن لبس ببراعة نجمة خارج التقييم. نتذكّر مشاهدها في الحارة القديمة.
في الموسم الجديد، لا حارة بسيطة. حتى الآن لا شيء سوى حياة المافيا والمطاردات.
 
 
ننتظر تطوّر الأحداث وانتقام سما مع لؤي من الغول (رفيق علي أحمد). لكن ماذا بعد؟
هل سيبقى المسلسل في إطار الحرب على المافيا والمطاردات أم ثمّة ما سيضفي على الأحداث أجواء وردية؟ قصة حبّ مع لؤي مثلاً؟ وهل ستقع سما مرّتين في الفخّ نفسه؟ وهل سيقع العمل في التكرار من خلال استحضار نفس القصّة مرّتين بالأسلوب نفسه؟ ننتظر تقدّم الحلقات، وتطوّر القصّة التي ستجيب عن تساؤلات، منها لماذا يراهن المنتجون على دراما مافيات المخدرات؟ ولماذا باتت أغلب الأعمال الدرامية تدور في هذا الإطار؟ ولماذا لا يكاد يخلو مسلسل عربي من حادث اختطاف؟ ولماذا استسهال القتل والعنف؟
جو قاتمٌ. لكن ثمّة ما يخفّف من وطأته علاقة سما بابنتها ميرا، وكاميرا فيليب أسمر الرشيقة، والإيقاع التصاعدي الذي لا يخفت ولا يترك مجالاً للملل، على أمل أن تحمل الحلقات المقبلة خطاً درامياً بعيداً عن خط المافيا والمطاردات، أو رديفاً لها، كي لا يصبح المسلسل ثقيل الوطأة.

اقرأ في النهار Premium