توفيت، أمس، والدة الممثل المصري كريم عبدالعزيز، ومن المقرر أن يتم تشييع جنازتها اليوم. لكن بناءً على طلب منه، لن تتم تغطيتها، إذ نشر مكتبه الإعلامي بياناً أعلن فيه منع تصوير الجنازة أو حضور الصحافيين.
مطلب كريم بعدم تغطية جنازة والدته، فتح باب الحديث مجدداً عن أزمة المشاهير مع تصوير وتوثيق أحداثهم الخاصة، لا سيّما في حالات الجنازات والعزاءات، ولا ننسى الأزمة الكبيرة التي حدثت في جنازة الراحل صلاح السعدني، الذي تُوفي في الثامن عشر من شهر نيسان الماضي، إذ انفعل نجله أحمد السعدني على المصوّرين ومنعهم من تصوير نعش والده، ولم يكتف بذلك بل طالب بعدم تصوير العزاء.
هذا الموقف، حرّك غضب المجموعة الصحافية في مصر، إذ أعلنت رفضها منع تصوير الأحداث التي تتعلق بالمشاهير، إذ تعتبرها أحداثاً عامة يجب توثيقها، خاصة إذا كان المتوفى شخصية عامة وتتمتع بشعبية كبيرة مثل صلاح السعدني، ما دفع نقابة المهن التمثيلية برئاسة أشرف زكي، لعقد اجتماع مع نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي داخل مقر النقابة في القاهرة لبحث تلك الأزمة ووضع حلول لها بشكل يتيح توثيق تلك المشاهد وفي الوقت نفسه لا يتم انتهاك خصوصية وحرمة أهل المتوفّى.
ما حدث خلال الفترة الماضية التي أعقبت جنازة عمدة الدراما المصرية سواء في منع تغطية عزاء المخرج عصام الشماع الذي توفي الأسبوع قبل الماضي أو بيان كريم عبدالعزيز بمنع تصوير جنازة والدته، قد يشير إلى أنّ كثيرين سيسيرون على هذا النهج وسيُمنع المصورون من توثيق هذه المشاهد التي اعتادوا تغطيتها، فما موقف شعبة المصورين في مصر من تلك الأزمة؟ وإلى ماذا وصل اجتماعهم مع ممثلي نقابة الممثلين؟
هذه التساؤلات أجاب عنها لـ"النهار" رئيس شعبة المصورين في نقابة الصحافيين بمصر مجدي إبراهيم، إذ قال إن نقابة الممثلين متمثلة في أشرف زكي، طلبت تخصيص عدد محدود من المصورين لتغطية الجنازات، لكن ذلك المقترح تم رفضه من الشعبة، لاعتبار أن التصوير حق للمؤسسات الصحافية جميعها، ولا يمكن تحديد أشخاص بعينها. كما فرّقت الشعبة بين تصوير الجنازة والعزاء، إذ اعتبرت أنّ الجنازة مشهد مهم لا بدّ من توثيقه حتى لو طلبت أسرة الشخصية الشهيرة التي توفيت منع تصويره، بينما يحق لهم المطالبة بعدم تصوير العزاء لاعتباره أمراً شخصياً ولهم مطلق الحرية في دعوة من يشاءون لحضوره.
تم الاتفاق في النهاية على صياغة بيان يشمل تفاصيل تنظم وتحدد آليات تغطية جنازات المشاهير، يتضمن أن يرتدي المصوّرون المكلّفون بشكل رسمي من صحف ومواقع مصر "سترة" تميّزهم عن مدّعي أنهم مصورون صحافيون، وبالتالي يسهل اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يفتعلون الأزمات في هذه المناسبات. كما سيتم عقد ورش تدريبية للمتخصصين في مجال السوشيل ميديا لمعرفة الضوابط الأخلاقية والإنسانية عند نشر أي اخبار ولقطات تتعلق بهذه المشاهد المؤلمة، وسيتم توزيعها على الجرائد كافة، في حال تمت الموافقة عليها بشكل نهائي من جانب النقابتين.
أمّا بخصوص ما حدث أمس، ومطالبة كريم عبدالعزيز بعدم تصوير جنازة والدته، فأوضح رئيس شعبة للمصورين أنه تعامل مع الموقف بشكل مبسط، واستجابوا بالفعل لطلبه باعتبار والدته ليست شخصية عامة، فلا حاجة لتوثيق مشهد جنازتها، وبالفعل نبّه على المصورين أعضاء النقابة بعدم تغطيتها.
وفي نهاية حديثه، شدّد على أنه من حق المصورين والصحافيين توثيق جنازات المشاهير من أجل التاريخ مثلما نشاهد صور جنازات كبار الفنانين ويتم استخدامها في الأعمال التسجيلية والوثائقية. كما نوّه إلى أنه لا يمكن لنقابة الممثلين أن يتم الاستغناء عن المصوّرين والصحافيين والعكس صحيح، لكن الأمر سيتم ضبطه من خلال عدة نقاط وآليات ستُعلن مستقبلاً.
على فهيم، مصور صحافي، قام بتغطية العشرات من جنازات المشاهير وكبار رجال الدولة في مصر، كشف لـ"النهار" عما يحدث في الجنازات، دفع الفنانين لينفعلوا ويطلبوا عدم التصوير، إذ قال: "المصورون المعروفون يغطون الجنازات من أجل التوثيق والتغطية الصحافية، فلم تكن هناك مشكلات لدينا ولا مع المشاهير، كل منا ملتزم بموقعه أمام المعدات والكاميرات الخاصة به ويلتقط صوراً رائعة من المشهد الذي نراه أمامنا من دون التعدي على مساحة تحرك الفنانين أو ملاصقتهم كما نراه الآن، لكن ما حدث أننا أصبحنا نجد عشرات الأشخاص يصورون فيديوات بتقنية البث المباشر للمواقع، وقد تصل الحال إلى محاولة استفزاز المشاهير للحصول على لقطة يتصدّرون بها الترند، وبالتالي أصبح الأمر مزعجاً لنا والمشاهير، فمن الأفضل أن يتم إصدار نقابي يضع آليات تغطية الجنازات يلتزم به الجميع".
إلهام شاهين، واحدة من الفنانات اللاتي ظهرن أكثر من مرة في حالة انفعال على بعض المصورين أثناء حضورها جنازات زملائها من الفنانين، وتعقيباً على مطالبات بعض الفنانين بعدم تصوير الجنازات، قالت في تصريح خاص لـ"النهار":"أؤيد هذه المطالب ولا نرغب في توثيقها إذا كان هذا الدافع، ما الهدف من تصويرنا ونحن نبكي على فراق أحبائنا، ناهيكِ عن الأسئلة الغريبة التي نتلقاها مثل ماذا تقولين للمتوفي؟ أيعقل هذا السؤال؟ أؤيد وبشدة عدم تغطية الجنازات؟"