النهار

الوسوف وآدم ورحمة رياض مع الشعب العنيد في بيروت... "بحبّك يا لبنان" (صور وفيديو)
إسراء حسن
المصدر: "النهار"
الوسوف وآدم ورحمة رياض مع الشعب العنيد في بيروت... "بحبّك يا لبنان" (صور وفيديو)
رحمة رياض (تصوير: أنجلو مراد).
A+   A-
يوم كتب ولحّن الأخوان الرحباني أغنية "بحبّك يا لبنان" وأدّتها السيدة فيروز، قُدّم وصفٌ صالح لجميع الأزمان مفاده مقطع من الأغنية يقول: "لبنان الكرامة والشعب العنيد". وحقيقة الأمر، أنّ شعب لبنان عنيد جداً، واقع في غرام بلده من شماله إلى جنوبه ومصرّ دوماً على أن يمدّ ترابه بالحياة مهما كانت الأثمان. فكما لتاريخ لبنان قصّة، للشعب اللبناني قصّة أيضاً تستحق أن يُحكى عنها في كل زاوية من بقاع الارض.
 
في الأسابيع الماضية، وتزامناً مع استهداف إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت وخرقها جدار الصوت في أجواء لبنان، انسحب عدد كبير من منظّمي الحفلات وتقلّصت العروض المسرحية، وأعلن عن "إرجاء" هذه الفعاليات الفنية إلى حين تسمح الظروف. واختار آخرون منهج التحدّي والدخول في مغامرة عبر الاعلان عن استمرار الحفلات المعلن عنها، على سبيل المثال: حفل فرقة "ميّاس" العالمية وحفل الفنان هاني شاكر وصولاً إلى حفل الفنانين جورج وسوف وآدم ورحمة رياض الذي أقيم في 11 آب الجاري في "فوروم دو بيروت" نظمته شركتا "GMH" و"TMG".
 
تصوير: أنجلو مراد
 
وفيما كانت المنطقة تغلي على وقع تصريحات من كل حدب وصوب تنذر منطقة الشرق الأوسط بأيّام صعبة، وتحديداً لبنان في صراعه المستمر مع إسرائيل، توجّه الجمهور اللبناني إلى "الفوروم دو بيروت" للقاء الوسوف وآدم ورحمة رياض. القاعة التي تتسع للآلاف كانت ممتلئة، حتى إنّ كثراً كانوا يرغبون في حجز تذاكر في الساعات الأخيرة لكن لم يسعفهم الحظ. الحضور داخل قاعة "الفوروم" أتى على شكل جرعة سعادة، مغلّفة بمكوّنات وظيفتها محاكاة العقل والقلب ولو لساعات معدودة كي ينفصل عما يحصل في الخارج.
 
 
اعتلت الفنانة العراقية رحمة رياض المسرح، أفرحها المشهد، فتوجّهت للحضور قائلة: "سعيدة لوجودي بينكم اليوم، أتمنّى أن تجتمعوا دائماً على خير، بيروت نابضة بالحياة، أنتم تصدّرون الحياة والطاقة والأمل، عسى أن يمنّ علينا بالأمان ويحمي الجنوب يا رب".
 
 
قدّمت رحمة برنامجاً فنّياً نوّعت فيه بين اللبناني والعراقي، من دون أن تغفل التعبير عن امتنانها لتجربة الأمومة التي خاضتها للمرة الأولى، فأهدت لطفلتها أغنية "حلو هالشعور"، واعترفت بأنها في كل مرّة تؤدّيها تشعر بأنها ستدخل في نوبة بكاء تأثراً لهذه اللحظة الخاصة. التحيّة للجمهور المتفاعل جددتها رحمة عبر ميدلي جمع أغنيتَي "يا بيروت" و"بحبّك يا لبنان".
 
 
فاصل صغير وانتقل الجمهور اللبناني إلى عالم فنّي آخر أدار دفّته الفنان آدم، قائلاً: "بيروت قوية بكم، لبنان قويّ بكم، وأنا قويّ بكم، عسى أن يحميكم الله وتظلّوا سبباً لقوّة لبنان لأنّ هذا البلد سيبقى أقوى وأقوى وأقوى".
 
 
لم يستطع آدم أن يهدّئ من حماسة جمهور لعب دور كورال تدرّب بحرفية على البرنامج الفني المقدّم. فالجمهور أغرق آدم بالهتافات في حبّ صوته وخطه الفنّي الذي لم يشهد يوماً تراجعاً، والدليل أنه كان جاهزاً لترداد جميع أغنياته القديم منها والحديث وصولاً إلى مختارات من الزمن الجميل، مؤدّياً لوحة وطنية علت فيها أغنية "سيّجنا لبنان" مع جمهور يلوّح بالعلم اللبناني.
 
 
دقّت الساعة الواحدة والنصف من بعد منتصف الليل وأطلّ سلطان الطرب جورج وسوف. إنّه الوسوف الذي يكفي أن يتوجّه إلى جمهوره الوفيّ بعبارة "حبايب قلبي" حتى تعلو الهتافات: "أبو وديع". توجّه إليهم بكلمات من القلب تحكي حبّاً وتقديراً قائلاً: "أنتم حبايب القلب، أنتم القلب، أنتم كل شيء، لولاكم لا وجود لي".
 
 
 
مع الوسوف، أعاد الجمهور عقارب الساعة إلى الوراء، تجدد النشاط وارتفع معدّل الادرينالين، وأصبح الجميع جاهزين لرحلة الاقلاع مع السلطنة والطرب الجميل. فمخطئ من يعتبر أنه قادر على تحديد وصف دقيق لمدرسة أبو وديع، يكفي أنه السلطان جورج وسوف.
 
الجمهور صفّق وهتف في حفلة الثلاثي الوسوف وآدم ورحمة، وردد أغنياتهم عن وجه قلب، لكن التصفيق والتقدير يجب أن يحضرا أيضاً لثلاث فرق موسيقية تُرفع لها القبّعة، حيث أبدعت بقيادة رؤسائها البارزين في إعطاء نكهة فنية خاصّة للحفل: بداية مع ربيع حسن (رحمة رياض)، محمود عيد (آدم) وختاماً إيلي العليا (الوسوف). الموسيقيون الموجودون على خشبة المسرح يتشاركون وجع الأوضاع الصعبة التي يعيشها كل لبناني، ومع ذلك، هؤلاء يعتلون المسرح ويحرّكون آلاتهم بكل حب وحياة لتخرج منها أجمل إيقاعات الفرح والحياة.
 
 
هذه هي قصة الشعب العنيد في ليلة من ليالي آب اللهّاب حيث صدحت فيها أصوات ثلاثة فنانين حتى طلوع الفجر.
 
تصوير: أنجلو مراد

 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium