حشدت الفنانة ماريلين نعمان أكثر من خمسة آلاف شخص في "فوروم دو بيروت"، مقدّمة برنامجاً فنّياً ذكيّاً استطاع أن يربح الرهان في حب جمهور تفاعل مع هذه الشابة على مدى ساعة ونصف الساعة.
طرح كثيرون تساؤلات حول هوية ماريلين نعمان الفنية، وكيف استطاعت أن تدخل قلوب جيل عصرها عبر أغنيات مطبّع خارجها بالسلاسة والبساطة وفي مضمونها رسائل ناضجة تحرص على أن تمررها لهذا الجيل المتأثر بعالم السوشيل ميديا وقيمه المدمّرة للعقول المجتمعية الفتيّة.
خط فني جديد
من هنا، أوجدت نعمان خطّاً فنّياً جديداً أقل ما يمكن القول عنه أنّه لطيف، معدّل للمزاج، فضلاً عن كونه عيّنة فنّية يبدو أنّ الجيل الحالي يرغبها بشدّة. سطع نجم ماريلين من خلال مشاركتها في مسلسل "ع أمل" الرمضاني، فإضافة إلى شخصية فرح الشابة التي نجحت في تجسيدها، قدّمت للجمهور أغنيات ضمن العمل الدرامي مثل "متل الغيمة"، ما لبثت أن أعدّتها في ألبوم بعدما لمست ترحيباً بها على مواقع التواصل الاجتماعي، فصارت "ترند" وبدأت شريحة كبيرة من الفئة الشابة وحتى الأطفال بالتأثّر بماريلين صوتاً وشكلاً خارجياً.
في حفل الفوروم من تنظيم الشركتين "Hawks Production" و"Fisher Entertainment"، كان يكفي التحديق على المسرح وجعل النظر يلحق تحركات ماريلين بعدما قدّمت عرضاً فنياً ديناميكياً مليئاً بالمشاعر والأحاسيس، حتى إنها شاركت البعض منها مع الفنان جوزف عطية في "ليش ما بترجع"، لتعود وتشكره على دعمها من خلال أداء أغنية "موهوم".
قدّمت نعمان أغنيات أيضاً للراحلين زكي ناصيف وملحم بركات وأخرى للفنان غسان صليبا، إضافة إلى مختارات فرنسية لفنانين مثل هيلين سيغارا.
محبّة الجمهور دفعت الآلاف منهم إلى الاتّحاد والخروج بلوحة مضاءة أُهديت إلى نجمتهم المفضلة. فهذه الشابة العشرينية شكّلت حافزاً لشباب احتشدوا بالآلاف كي يتّحدوا لأجل الخروج بفكرة إنسانية معبّرة بعيداً عن الأجندات الداخلية والخارجية التي اعتدنا رؤيتها في كل تجمّع حزبيّ حاشد ينادي باسم الوطن والإنسانية.
تعبّر ماريلين بالأسلوب الذي تغنّي به، بعفوية تامّة، لذلك تثمّن المجهود الكبير الذي قام به الجمهور: "هذا من صنع أكثر من 5000 شخص أراد أن يعبّر بحرية تجاهي، أعلم أنّ هؤلاء أرادوا الغناء كي يتوقف النشاز، ويتوقف نظام هذا الكوكب عن سلوك مسار غير سويّ"، تقول في دردشة مع "النهار" بعد الحفل.
وتضيف: "لا أكاد أستوعب ما شهدته في حفل أحضّر له منذ أشهر، ولا أعتقد أنّ استيعاب هذا المشهد سيكون سهلاً عليّ كي أتقبّله. شعرتُ بالراحة الكبيرة على المسرح بعدما لمست هذا الكم الكبير من التعبير الذي خرج من الجمهور، منذ اللحظة الأولى التي اعتليتُ فيها المسرح، شعرتُ كأنّ هؤلاء كانوا في انتظار هذه اللحظة. صوتهم كان أعلى من صوتي، هذا كلّه أوجد لي أجواءً من الراحة. شعرتُ بأنني في منزلي، مع عائلتي، مع الأشخاص الذين أريد أن أكون محاطة بهم".
وتتابع: "أحبّ بلدي كثيراً ولم أفكّر يوماً في تركه، ما بدي فل، لكنني أرغب في أن ألمس حرية التعبير بالفن، لهذا السبب بدأت بنفسي".
"نشاز"
بدوره، أكد جاد صقر، من "Hawks Production"، أنّ الحضور فاق 5000 شخص، لافتاً إلى أن ما قدّمته ماريلين من مشهدية هو تحدٍّ للظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، كما أكد عزمه على الاستمرار وعدم التوقف عن إحياء المزيد من الحفلات: "نحن شعب مهما فعلتم به فسيبقى واقفاً شامخاً صامداً ولن يلجمه أي حاجز عن الغناء والهتاف والرقص".
ويتابع: "ما يميّز ماريلين أنه ما من جيل محدّد يحبّها، وفي هذا الحفل أثبتت ذلك، وقف لأجلها الكبار كما الصغار، قدّمت خطاً فنياً جديداً وابتعدت عما يقدّم في السوق الفنية الحالية. هذا النجاح زوّدنا بالثقة العمياء بأننا سنملأ الفوروم بأكثر من 5000 شخص".
استعانت ماريلين خلال الحفل بمقولة لبيكاسو: الفن ليس لتزيين الصالونات، إنه سلاح دفاعيّ وهجوميّ"، وأصدرت أغنية جديدة بعنوان "نشاز" (كلمات وألحان وتوزيع جاد عبيد) أطلقتها رسمياً في نهاية حفلها، وأحبّت مشاهدة الكليب الذي حمل توقيع لين طويلة عبر شاشة كبيرة مع الجمهور الحاضر، وتقول: "أتت أغنية "نشاز" في وقتها، لم أقصد نشاز الصوت، بل كل نشاز يصدّر للمجتمع تلوّثاً سمعياً وبصرياً وإنسانياً".