ر. خ.
اتفق المحلّلون والمراقبون السياسيون على أن نتائج انتخابات نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أحدثت إخفاقاً في صفوف الأكثرية، وتأكيداً على عدم وجود تنسيق جدّي، وسط طروحات وأفكار سياسية مشتتة يملكها النواب التغييريون.
لم تبعد نتيجة انتخابات رئيس البرلمان ونائبه وأميني السرّ والمفوضين، وجود صفقة تحت الطاولة بين فريق "ما خلّونا" أي "التيار الوطني الحرّ" وبين فريق "ما خلوّن" أي حركة "أمل". لكن ما لم يُفهم، تصويت مستقلين وتغييريين لمرشح التيار وليس لمرشح مستقل من صفوفهم. فلا أحد استطاع أن يفهم خطوة النائب ميشال ضاهر على سبيل المثال لا الحصر، وهو الذي خرج أصلاً من تكتل "لبنان القوي" حاملا صفة الاستقلالية. ربما أيضاً يمكن فهم كيف ان سجيع عطية ينتخب الرئيس نبيه بري، ولكن ما ليس مفهوماً كيف ينتخب الياس بو صعب.
أن ينتخب النواب فريد الخازن ووليم طوق وميشال المر نبيه بري والياس بو صعب معاً أمر قد يمرّ، لكن ما لا يمكن أن يمرّ، ما يحكى عن تفضيل نواب من التغييريين مرشح المنظومة التي خاض ضدها معركته إلى النيابة، على المرشح المستقل غسان سكاف.
قد لا يكون سكاف يملك الخبرة التي يملكها منافسه في السياسة والعمل البرلماني وهو "الحكيم" المشهود بمهنيته، ولكن هل يملك نواب التغيير الخبرة نفسها لزملائهم في المجلس، وهم حتى يبررون مواقفهم المربكة بوجود اختلاف بآرائهم وبأنهم لم يصبحوا كتلة متراصة بعد.
من أجل الشفافية، لن تُفهم مجاهرة "التغييريين" بحقيقة تصويتهم فرداً فرداً. ستبعث مجاهرة مماثلة رسالة مكثفة بالسياسة.
وكان لافتاً كلام جبران باسيل بعد جلسة أمس، عندما تحدث عن "أكثرية متحركة". فماذا قصد باسيل؟ قابل الأيام يكشف ما يضمره رئيس "التيار" ومن ورائه "حزب الله".
لكن، القراءة السياسية للـ65 صوتا للنائب الياس بو صعب، تحمل في الجوهر الكثير من المعاني والخطورة، لسببين:
أولا، أن هناك ودائع لـ"حزب الله" بين القوى التي تصنّف نفسها مستقلة، وهم من كل الطوائف، برزت بشكل خجول في انتخابات أمس، وسيكون ظهورها أقوى في الاستحقاقات المقبلة.
ثانياً، شكّل استحقاق الأمس بروفا "رئاسية" وكيف ستكون عليه المعادلة داخل البرلمان عند أي استحقاق رئاسي اذا ما تمَ.
وبالتالي، في الأرقام، إذا كان "حزب الله" و"أمل" و"التيار" يملكون مجتمعين نحو 46 نائباً، ومع حلفائهم من الطاشناق والمردة، يصبح العديد 50. فإنّ "حزب الله" وحلفاءه أمّنوا بقية الأصوات من نواب يدورون في فلكه، وآخرين مصنفين تغييريين ومستقلين، منهم على سبيل المثال لا الحصر، كما علمت "النهار"، محمد بدر، عماد الحوت، وعدد لا بأس به من النواب السنّة، واثنين من النواب التغييريين، علماً أن نحو 7 من هؤلاء انتخبوا لصالح غسان سكاف في الدورة الثانية، إضافة إلى النواب ميشال ضاهر ووليم طوق وفريد الخازن وميشال المر وسجيع عطية...
أثبتت المعركة امس أن "حزب الله" حبك جيدا خيوط اللعبة، وأثبت أنه المايسترو وضابط إيقاع فريق 8 آذار، في وجه قوى تحلم بان تكون أكثرية وكلنها لا تتصرف وفق ذلك.
ولربما أفضل من عبّر عما جرى أمس، الدكتورة الناشطة منى فياض كاتبة على حسابها على "فايسبوك: "لو كنت مكان حليمة قعقور كنت خجلت وسكتت. لأن ورقتها البيضاء كانت ستنجح غسان سكاف، الذي لا أعرفه ولا اعرف ماذا سيكون عليه أداؤه. لكني أعرف تماماً أن منع عودة نائب من الكتلة العونية كان أفضل من ورقتها البيضاء، وكانت ستغيّر النتيجة بكل تأكيد كما تبيّن. إن أي تغيير مهما كان بسيطاً يعطي فرقاً كبيراً في هذه الظروف. آن الأوان كي ينضج من يعتبر نفسه تغييرياً ومن الثورة في ان يكون أكثر وعياً بنتائج تصرفاته غير بعيدة النظر على الأقل".
وختمت فياض كلامها بحسرة وأمل: "لنر سلوكهم في الاستحقاقات المقبلة. أي خطأ في الحسابات سيكون كارثياً".