يستعدّ الناخبون الفرنسيون في الخارج لجولة تصويت جديدة بعد التصويت الإلكتروني، يوم الأحد المقبل، في الانتخابات التشريعية التي يتنافس فيها 150 مرشحاً عبر 11 دائرة انتخابية.
وتجرى الانتخابات التشريعية الفرنسية كل خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، الذين يؤثرون على موازين القوى السياسية في البلاد من خلال تيسير الأغلبية إقرار قوانين معيّنة من عدمه.
وكان الفرنسيون المقيمون في الخارج والمسجلون على القوائم الانتخابية صوّتوا عبر الانترنت في الـ27 من أيار في الجولة الأولى التي تنافس فيها 150 مرشحاً.
ويحق لهؤلاء الناخبين التصويت عبر أربع طرق: صناديق الاقتراع، بالوكالة، عن طريق الإنترنت والبريد، علماً بأن التصويت عبر الإنترنت مسموح به فقط للفرنسيين الذين يعيشون خارج الأراضي الفرنسية. وهناك 11 دائرة انتخابية موزعة عبر العالم، ما يساوي عدد النواب الفرنسيين في الخارج منذ عام 2012.
وتتم الانتخابات التشريعية الفرنسية وفقاً لطريقة قائمة الأغلبية في دورتين في كل دائرة على حدة، لولاية تستغرق 5 سنوات. وللفوز في الدورة الأولى ينبغي الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين، شرط ألّا يقل عدد المصوّتين عن 25% من عدد الناخبين المسجّلين في القوائم الانتخابية.
وتُجرى الدورة الثانية، إن لم يحصل أيّ من المرشّحين على الأغلبية المطلقة، بين المرشّحين الذين حصلوا على 12.5% من أصوات الناخبين، في الحدّ الأدنى، ويُكتفى بالأغلبية النسبية في الدورة الثانية لاختيار الفائز.
انتخابات الدائرة العاشرة لفتت الأنظار لبنانياً لوجود مرشّحين من أصل لبناني.
على كميل حجيج وساندرا غريب
المرشّح علي كميل حجيج، 36 عاماً، محامٍ فرنسي-لبناني ينخرط في السياسة ليحمل أصوات الفرنسيين في الخارج، الذين لا يتمتعون بالاهتمام اللازم الذي يحظى به فرنسيّو الداخل، وفق تعبيره.
وتُعدّ نسبة التصويت الضئيلة للفرنسيين في الخارج، في العادة، مؤشراً على شعور الفرنسيين بأنهم متروكون. ويتكوّن لديهم شعور بعدم العدالة، وكأنهم مواطنون هاربون من دفع الضرائب أو ليدفعوا ضرائب أقلّ، وفق حجيج.
ويتوقف المرشّح الشاب عند كلفة التعليم العالية جداً في دول الخارج كلبنان مثلاً من ناحية، وعند عدم مجيء أساتذة فرنسيين الى لبنان كالسابق ما يؤدّي الى ضعف المستوى التعليمي.
ويشدّد على التعليم ورسالته والعمل على سدّ كلّ الثغرات المتعلقة بتأمين التعليم للجميع وبجودة عالية.
حجيج هو نجل رجل أعمال، وُلد في أفريقيا الوسطى، أمضى طفولته في القارّة الأفريقية قبل أن ينتقل الى باريس لمتابعة دروسه في القانون.
يقيم منذ فترة في لبنان ويواظب على تكثيف اللقاءات خلال حملته الانتخابية، ويغوص في قضيّة المودعين وكيفية استعادة حقوقهم. ويعوّل في حال انتخابه على تفعيل العلاقة القضائية بين الخارج والداخل وتأمين مقاضاة مناسبة إن لم يستعد الفرنسيون أموالهم.
وهو إذ يترشّح بصفة مستقلّ، يبدي تأييده وإعجابه لحزب "أوريزون".
وتترشّح ساندرا غريب كمساعدة لعلي حجيج. وغريب تعيش في الغابون وكرّست مسار حياتها من أجل دعم قضيّة التعليم.
وتقول لـ"النهار" إن حجيج خصّص الوقت الأكبر للقاءات كثيرة مع الناخبين، وهو يدفع قدماً من أجل إرساء تعاون قضائي أكثر فعالية في شأن المودعين، وصولاً الى آليّة للعقوبات لإعادة الودائع.
وفي رأيها، إن الحظوظ تتّصل بنسبة التصويت والمشاركة. وتترأس غريب شركة خاصة في الغابون ومثّلت الفرنكوفونية في مناسبات عدة، وبالاضافة الى انحيازها الى تحسين جودة التعليم وتقليل كلفته تركّز أيضاً على موضوع الصحّة وتذليل الصعوبات التي تواجه الفرنسيين في الخارج.
كالين عون معراوي
كالين معراوي محامية مسؤولة عن القسم القانوني في هيئة الأسواق المالية، ما يؤهّلها لكتابة القوانين والأنظمة، التي تُعدّ من ضرورات العمل النيابي، فـ"النائب يجب أن يكون مشرّعاً".
كبرت كالين في بيت سياسي، والدها هو نائب الشوف السابق إيلي عون. هي مرشّحة مستقلة لانتخابات الدائرة العاشرة، وتنطلق في برنامجها من المشاكل الواقعية، ولا تودّ أن تجد البرنامج بعد سنوات حبراً على ورق، كما استنتجت من الاطّلاع على برامج قديمة لم تنفذ ووعود أطلقت في الفترة الانتخابية وذهبت أدراج الرياح.
في برنامجها، يبرز غلاء المعيشة، وهي تقترح تعويضات للتخفيف من وطأة الغلاء الذي زاد من جرّاء كورونا وحرب أوكرانيا التي أثّرت على أسعار السلع، فـ"الدول النامية التي نأمل تمثيلها هي الأكثر تأثّراً، وهذا يشجّعني للدفاع عنها بمشروع قانون لإفادة الفرنسيين خارج فرنسا".
وتقول كالين لـ"النهار" إن "هناك شعوراً باللامساواة بين الفرنسي الذي يعيش في فرنسا والآخر في خارجها، وسيكون هذا الأمر في صلب تحرّكي".
أمّا الموضوع الثاني فهو "الحسابات المصرفية، فليس من حق أحد إقفال حسابات الفرنسيين، وهم لا يحصلون على خدمات مصرفية كما يجب، وهذا ما سنواجهه".
تجد كالين أن وجودها في لبنان يجعلها على تماس مع مشاكل الفرنسيين فيه وفي المنطقة التي تريد تمثيلها، وتردّد "أنا موجودة هنا وقريبة، سأبقى أعيش في الدائرة وقريبة من مشاكل الناس". ولا تنسى بلدها الأم لبنان الذي تتمنّى دعمه من خلال فرنسا أكثر فأكثر، مع إقرارها بمعادلة "أننا إن لم نساعد أنفسنا فلن يساعدنا أحد".
أوريلي بيريللو ولوكاس لماح
أوريلي بيريللو تترشّح ولوكاس لماح اللبناني الأصل
تقول بيريللو لـ"النهار" إن "ما تستطيع تقديمه يكمن في خبرتها بمعرفة مشاكل الشرق الأوسط ومشاكل الفرنسيين الذين يقطنون في الدائرة العاشرة. لديها خبرة عشر سنوات من التواصل في لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية.
في رأيها، إن "فرنسيي الخارج بحاجة الى نائب صاحب تجربة، قريب منهم، ويستمع إليهم، ويدافع عن مصالحهم. فهم مستاؤون من أن أحداً لا يتحرك من أجلهم".
لدى بيريللو توقعات جيدة في شأن فرنسيي لبنان "المتعلقين بخط اليمين الديغولي، وهو خط جاك شيراك القريب من لبنان، وأنا أنتمي الى هذا الخط".
"أنا متوسّطية وأدعى أوريلي"، هكذا تعرّف عن نفسها، وقرّرت بعد عشر سنوات من الخبرة في لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الترشّح نائبةً عن فرنسيي الخارج.
وترى أوريلي التي تتنقل بين دول الدائرة العاشرة أن "فرنسيي الخارج يعاملون في كثير من الأحيان كمواطنين من درجة ثانية"، كما أن "القرارات السياسية في السنوات الأخيرة تهدّد حقوقهم ومصالحهم"، مشيرة الى أن لديها "معرفة ممتازة بمشاكلهم وحاجاتهم، حقوقهم المصرفية الضائعة، انحدار التعليم في المدارس الفرنسية". كما أن "حياتهم مهدّدة بغياب نظام حماية حقيقي، فأكافح من أجل نظام حماية اجتماعي عادل، وسأدافع عن الشركات الفرنسية في الخارج المتروكة من الحكومة الفرنسية. لن أترك أحداً على قارعة الطريق".
اليزابيت درويش
ولدت الدكتورة اليزابيت درويش المجازة في القانون في فرنسا، لكنها عاشت فترة في لبنان لتهجره بسبب الحرب. تفصح أنها مرشحة عن "كتلة ايمانويل ماكرون".
تخصصت أيضاً في علم الجرائم وتتحدث ست لغات ولديها قدرة على صياغة قوانين يحتاجها أبناء الدائرة العاشرة، كما تقول.
كانت "شيراكية" الهوى وعملت مسؤولة طلابية، كما تروي، وكذلك عملت على ملف مسييحيي المشرق.
في برنامجها خمس نقاط استنبطتها من اللقاءات في 18 بلداً من أصل 49 تضمها الدائرة: تحسين مستوى التعليم وقد ساهمت في توقيع عريضة في هذا الشأن ورفعها الى الرئيس ايمانويل ماكرون، تأمين الصحة والتأمين الاجتماعي للفرنسيين في الخارج، وحماية الحسابات المصرفية، وتسهيل سفر النساء الفرنسيات المعنفات مباشرة من دون المرور بالسفارة لدى تعرضهم لأي خطأ.
والى المرشحين السالفين، تترشّح أيضاً الدكتورة والباحثة شانتال موسى التي تناضل في برنامجها من أجل حصول الفرنسيين في الخارج على الحق في الإفادة من الخدمات العامّة الفرنسية، وعلى نشر ثقافة السلام العالمي، وقيم الجمهورية الفرنسية. موسى التي أيّدت انتفاضة تشرين اللبنانية، تعلن حرباً على الفساد والفاسدين.
أمّا المرشح جورج عازار فقد وُلد في ساحل العاجل لأب من المتن، وهو ينتمي الى ثلاث ثقافات غربية وأفريقية وشرقية تصنع فرادة في الشخصية ودافعاً إنسانياً للترشّح، وفق تعبيره.
ينتمي الى حزب إيريك زيمور ويمارس عمله قاضياً في محكمة تجارية في باريس.
وهو يجد أيضاً أن فرنسيي الخارج متروكون من المستوى السياسي، وهم ضحايا تمييز حين يتعلق الأمر بالإجراءات الإدارية، ما يحتّم العمل من أجل مساواتهم بفرنسيي الداخلي وتكثيف الجهود لحلّ مشاكلهم.