اتفقت القوى المعارِضة على ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، بعد اتفاق أغلب القوى المسيحية عليه كمرشح "مختار" لحلّ الأزمة المالية والاقتصادية التي يمرّ بها لبنان. وأهمية هذا الاتفاق عبوره من الإطار الطائفي الضيّق إلى الوطني الشامل بعد إعلان الكتلة الدرزية دعم ترشيح أزعور.
يأتي تبني أزعور على خلفية الانقسام الحادّ الحاصل على مستوى الاستحقاق الرئاسي، وقد طُرح اسمه كشخص وسطيّ، لا ينتمي إلى أيّ حزب، وتاريخه السياسي يصنع منه البرنامج الذي يمكن أن يكون على مدى السنوات الست المقبلة، ممّا قد يمكّنه من مساعدة لبنان للخلاص من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مستخدماً شبكة علاقاته الواسعة عربياً ودولياً.
وكما كان متوقعاً، جُوبه ترشيحه بحملة قويّة من فريق الثنائي الشيعي، الذي استبق إعلان المعارضة تأييدها له بوصفه بمرشح التحدّي، إضافة إلى مجموعة اتهامات بشأن حقبة تولّيه منصبه كوزير للمالية إلى علاقاته المشبوهة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
مع كريستين لاغارد.
أزعور أكد في أكثر من مناسبة أنه لا يريد أن يكون مرشح تحدّ أو مواجهة، فزار الأطراف السياسية كافة من دون استثناء بمن فيهم "حزب الله" وحركة "أمل"، ليشرح وجهة نظره وبرنامجه الرئاسي للبلد، علماً بأنه ليس بوافد جديد إلى الساحة السياسية في لبنان.
منصب حالي
يشغل الدكتور جهاد أزعور حالياً منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، حيث يشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز. وهو حالياً في إجازة من الصندوق نتيجة الانخراط في العمل السياسي في لبنان والاستحقاق الرئاسي.
كان له منذ عام 2001 اتصالات ومشاورات مع "الصندوق" حينما كان مسؤولاً عن إدارة برنامج إصلاح اقتصادي في وزارة المالية، وكان الصندوق شريكاً أساسياً في صياغة هذا البرنامج. وفي عام 2008 عمل في صندوق النقد عبر مجموعة استشارية مهمتها تقديم النصيحة والاستشارة الفنية، إلى أن تم اختياره للمنصب.
قبل انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في آذار من عام 2017، كان أزعور مديراً شريكاً في شركة Infinity Partners للاستشارات والاستثمار.
مع وليد جنبلاط.
مغادرة لبنان وبناء المستقبل
دفعت الحرب أزعور إلى مغادرة لبنان، فمكث في باريس عدة سنوات، وعمل في قطاع الاستشارات لفترة طويلة، وكان شريكاً في شركة "AM&F Consulting"، ومستشاراً إدارياً في شركة "ماكينزي وبوز أند كومباني" في باريس بين 1989 و1993. وفي تلك الفترة تقدم إلى جامعة هارفارد لنيل درجة الدكتوراه.
شغل منصب مدير مشروع أول في "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" بين 1999 و2004.
أزعور مكرماً في اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة.
وفي عام 1999، كان من المساهمين في البرامج الاقتصادية التي وضعت إصلاحات كثيرة أخرى مرتبطة بتطوير وزارة المالية، أهمّها فرض ضريبة على القيمة المضافة.
في عام 2005، شغل أزعور منصب المالية العامة وعُيّن في 19 تموز 2005 وزيراً للمالية في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وعهد الرئيس إميل لحود، وبقي في هذا المنصب حتى 11 تموز 2008. وشارك بحكم منصبه بتاريخ 25 كانون الثاني 2007 في مؤتمر باريس 3. خلال تلك الفترة قام بتنسيق تنفيذ مبادرات مهمّة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبيّة والجمركيّة في لبنان.
العودة إلى القطاع الخاص
بعد انتهاء عمله في وزارة المالية، عاد أزعور إلى القطاع الخاص، وعمل بصفة استشارية مع شركة "بوز آلن أند هاملتون" لمدة 4 سنوات. ويتمثل العمل الأساسي المعلن للشركة في تقديم الاستشارات والتحليلات والخدمات الهندسية لمنظمات القطاعين العام والخاص والمنظمات غير الربحيّة.
بعد ذلك عمل أيضاً بصفة استشاريّة في إدارة صندوق استثماريّ في القطاع المالي الاستثماريّ للشركات الناشئة والقطاع العقاريّ في أوروبا.
في عام 2023، وبموازاة عمله في صندوق النقد، رشّحته المعارضة في لبنان كشخصية استثنائية بوجه مرشح "حزب الله" وحركة "أمل" سليمان فرنجية. قيل إن اسمه أيضاً طُرح لتولي حاكمية مصرف لبنان إن لم يُنتخب رئيساً، مع العلم بأن الرئيس فؤاد السنيورة كان قد طرح اسمه أيضاً لحاكمية مصرف لبنان، عام 2011، لكن جرى وقتها التجديد لرياض سلامة.
السيرة الشخصية
وُلد جهاد أزعور في 4 أيار 1966 في سير الضنية شمال لبنان. متزوج بالسيدة رولا رزق. وهو ابن شقيقة السياسي الراحل جان عبيد.
زوجته رولا رزق.
يحمل أزعور درجة الدكتوراه في العلوم المالية الدولية ودرجة علمية عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية من معهد الدراسات السياسية في باريس. بالإضافة إلى ذلك، قام بأبحاث حول الاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي في جامعة هارفارد، وله عدة كتب ومقالات منشورة حول القضايا الاقتصادية والمالية.
الترقب
في غضون ذلك، يترقب اللبنانيون مصير جلسة 14 حزيران، باعتبارها امتحان القوة الذي سيؤدّي إلى إنهاء الأزمة الرئاسية، مع اليقين بأن هذا الأمر مستبعد، وسط اشتداد المنافسة والانقسام العموديّ الداخليّ.