تجري انتخابات نقابة المهندسين السبت، ويتمّ التنافس على خمسة مقاعد: مقعدان سبق أن تأهّل لهما عشرة مرشّحين، خمسة عن كلّ مقعد، المقعد الأوّل لرئاسة فرع المعماريّين، والثاني لرئاسة الفرع السادس، أمّا المقاعد الثلاثة الأخيرة فهي عن الهيئة العامّة.
يشارك في هذه الانتخابات كلّ من يحقّ له الانتخاب من الجمعية العامة. ولكنّ بالنسبة إلى انتخاب رئيسَي الفرعين فيجب أن يتمّ اختيار اسم واحد من خمسة من المؤهلين سابقاً.
لانتخابات السبت أهميّتها لدى القوى الحزبية كافّة، التي تريد استرجاع مقاعدها في مجلس النقابة، بعد الاجتياح الذي حقّقه تحالف "النقابة تنتفض"، بالسيطرة على مجلس النقابة والفوز بمركز نقيب.
عمليّاً بدأت جميع الأسلحة تُستعمل في هذه الانتخابات، من الطائفيّة الى الحزبيّة، الى محاولات استرجاع نبض 17 تشرين والانقلاب على الواقع.
التحالفات حتّى ساعات قليلة قبيل بدء المعركة لم تنتهِ بشكل كامل، ولا زالت الاجتماعات واللقاءات والاتّصالات تجري بكثافة لترتّب كلّ جهة أوضاعها.
وقبل الدخول في تفاصيل التحالفات يمكن الحديث عن نقاط بارزة في هذه الانتخابات، وسيكون لها تأثيرها الكبير على النتائج.
النقطة الأولى هي الحشد الطائفيّ، وبدأ يتكاثر الحديث عن بدء سيطرة إسلامية في مجلس النقابة، وكسر العرف الطائفيّ المتمثل في المناصفة، حيث أنّ المجلس الحاليّ مؤلّف من 16 عضواً (9 أعضاء مسلمين و7 مسيحيين) بعدما كان مناصفة، وبدأ هذا الأمر يتظهّر في معركة السبت، وشكّلت لوائح تضمّ 3 مسيحيين ومسلمَين (القوات والكتائب)، مقابل لوائح تضمّ 3 مسلميين ومسيحيَّين (حزب الله - والأحزاب).
أمّا النقطة الثانية، فهي خروج عدد من المجموعات من إطار "النقابة تنتفض" نتيجة اعتراضات على أداء النقيب ومجلس النقابة بشكل عام، إضافة الى عدم التجانس السياسيّ بين المجموعات، خصوصاً في الخلفيات الأيديولوجيّة، فابتعدت بعض المجموعات و"حزب الكتائب" الذين كانوا منضوين في "النقابة تنتفض"، وبقي عدد من المجموعات ذات الخلفيات اليسارية المعروفة، بالإضافة الى الحزب الشيوعيّ، في التحالف الذي تغيّر اسمه وأصبح "مصمّمون".
تبرز النقطة الثالثة بمشاركة "تيار المستقبل" و"التيّار الوطنيّ الحرّ" في الانتخابات بوجوه معروفة من داخل التيّارَين، ولكن من دون إعلان رسميّ، وهما كانا أبرز الغائبين عن الانتخابات منذ 2019.
أمّا النقطة الأخيرة ففيها تسليم أغلبية الأطراف بالقوّة التجييرية الكبرى لـ "حزب الله" واليد الطولى بالحسم في النقابة، بعدما كان "المستقبل" و"التيّار الوطنيّ الحرّ" يُعتبران الأبرز.
كما لا يمكن إغفال تأثير الأزمة الاقتصادية على مهندسي لبنان، وما يمكن أن يُنتج من انخفاض في المشاركة، وألّا تتعدّى الـ 4000 مهندس في الحدّ الأقصى، من نحو 50 ألف مهندس يحقّ لهم الاقتراع.
وبالعودة الى التحالفات الانتخابية تبرز أربعة تحالفات تخوض الانتخابات، فالتحالف الأوّل يضمّ أحزاب ما يُعرف بالمنظومة، وهو يهندسه ثنائيّ "حركة أمل - حزب الله"، من دون أن يكون للحزب مرشّح واضح، وهو يضمّ، إضافة الى الثنائيّ "تيار المستقبل" والأحباش، ومهندس محسوب على "التيار الوطني الحر".
وتضمّ اللائحة سلمان صبح (حركة أمل)، عن الفرع السادس، بسّام على حسن (الجامعة العربية ورابطة متخرّجي الحريري) عن الفرع الثاني، وهو مهندس على علاقة جيدة بـ "حزب الله"، حسن دمج (من كبار المتعهّدين، تيار المستقبل)، عن الهيئة العامّة بالإضافة الى المهندس جهاد شاهين وهو من "التيّار الوطنيّ الحرّ" (هيئة عامّة)، وهنا تتحدّث المعلومات عن احراج في تبنّي "التيّار" بشكل علنيّ ترشيح شاهين على اعتبار أنّ اللائحة تضمّ 3 أسماء مسلمة، بالإضافة الى الإحراج السياسيّ في التحالف مع حركة "أمل"، في المقابل أكّد عدد من المهندسين الذين ينتمون الى "التيّار" تلقّيهم رسائل من "call center" التابع للتيّار يدعوهم إلى التصويت بكثافة لشاهين وهو المرشّح المدعوم منهم.
التحالف الثاني، هو تحالف "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، وعدد من المهندسين المستقلين والمجموعات المدنية (الذات الطابع اليميني)، وتجري اتّصالات مع الجماعة الإسلامية، ومرشّحيها الواضحين، وهم إيلي حاوي عن الفرع الثاني، وسامر واكيم عن الهيئة العامة، وليد حداد (كتائب) عن الهيئة العامة، ويتّكل التحالف بحسب واكيم، على بلوك "القوّات اللبنانيّة" الكبير والمنظّم نسبيّاً يدعمه بشكل كبير جوّ عامّ ورجال أعمال يرفضون سيطرة "حزب الله" على النقابة، بالإضافة الى العمل والتحضير الجيّد للانتخابات.
التحالف الثالث هو "مصمّمون"، وهو عبارة عمّا تبقّى ضمن تحالف "النقابة تنتفض"، بعد خروج عدد من المجموعات منه، وهو رشّح هالة يونس عن الفرع الثاني وروي داغر عن الهيئة العامة، ويتّذكل التحالف على إعادة إحياء روح 17 تشرين، والخروج من عباءة الأحزاب والانتفاضة على الواقع، ويعتبرون أنّه على الرغم من بعض الأخطاء في أداء مجلس النقابة أو النقيب، فقد حُقّقت إنجازات عديدة وباتت الشفافية واضحة في عمل النقابة، وهو ما كانت تفتقده المجالس السابقة.
والجمعة أعلن الحزب التقدّمي الاشتراكيّ عن خوضه انتخابات النقابة عبر مرشّحيه المهندس محمّد السيد لعضوية الهيئة العامّة والمرشح المهندس يوسف عبيد لرئاسة الفرع السادس، خارج الاصطفافات الطائفية والحزبية التقليدية، وسيكرّس من خلال هذه العملية الانتخابية، سواء عبر مرشحيه أو من خلال التصويت لخيارات نقابية ومهنية البعد النقابيّ أوّلاً وأخيراً.
ويبقى عدد من المرشحين الذين لم يلتزموا بلوائح حتّى الساعة، وهم يستكملون اتصالاتهم مع الأفرقاء الذين لم تقفل لوائحهم بعد من أجل إجراء عمليات تبادل للأصوات، وهنا ترجّح أوساط ناشطة ضمن النقابة عن تشكيل لوائح خاصّة بكلّ مهندس، بحيث يصعب تعليب المهندسين ضمن قوالب "جاهزة".
في المحصّلة تبدو المعركة الانتخابية صعبة على الجميع، ولا أحد يضع الفوز في "جيبه" سوى في الفرع السادس حيث تتمتع حركة "أمل" بحضور واسع يوصل مرشحها بأريحية، أمّا باقي المقاعد المقاعد من المتوقع أن تشهد معركة على "المنخار"، لن تتّضح نتائجها سوى مع فرز آخر صندوق.