تسارعت التطورات في الساعات الأخيرة على صعيد ملف انفجار المرفأ وكأن عاصفة هبّت دفعة واحدة في غير اتجاه. وتزامنت هذه التطورات في أعقاب قرارات ساخنة إتخذها القاضي طارق البيطار على مستوى إستدعاء مسؤولين سياسيين حاليين وسابقين يشهدها لبنان للمرة الأولى، أو إصدار مذكرات توقيف غيابية أو على عتبة إصدار مذكرات أخرى مماثلة.
وأول الغيث أن قاضي التحقيق العدلي كتب جوابا على طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إعداد تقرير حول ما جرى تداوله عن رسالة شفهية وصلته بالواسطة من مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا. وكان صفا إلتقى في زيارة للعدلية أول من أمس رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، علما أنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها هذا المسؤول في الحزب قصر العدل والذي يقصده أحيانا قليلة. وفهم ان القاضي البيطار تناول مسألة التهديد الشفهي الذي وصله بالواسطة في جوابه. ولم تنف مصادر قضائية مطلعة هذا الأمر ما قلل من شأنه وانتفاء الداعي إلى ذلك.
في الغضون إحيلت مذكرة تبليغ الرئيس حسان دياب لصقا على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان للنظر في شأنها.
وبرز أمس طلب وكيلي الوزير السابق للأشغال العامة يوسف فنيانوس المحاميين نزيه الخوري وطوني فرنجية من محكمة التمييز برئاسة القاضية رنده كفوري وقف المحقق العدلي القاضي البيطار من السير بالتحقيق في ملف إنفجار المرفأ ونقل الدعوى من يده إلى قاض آخر لـ"الارتياب المشروع". وطلب الإرتياب سبق أن واجه المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان وانتهى إلى كفّ يده.
وأثار وكيلا فنيانوس في طلبهما الذي سجل في قلم محكمة التمييز نقاطا عدة منها مخالفة المحقق العدلي الدستور لجهة عدم إعتباره المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء صالحا للنظر في ملف إنفجار المرفأ، كما وتفسيره الدستور، وهذا الأمر من إختصاص مجلس النواب فحسب ويقتضي تفسيره بمعناه الضيق. واعتبرا ان القاضي البيطار خالف نص المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة لجهة إبلاغ نقيب المحامين في الشمال محمد المراد لحضور جلسة التحقيق مع فنيانوس بأقل من 24 ساعة واعتذار المراد عن تمكنه من حضور الجلسة لإرتباطه بموعد آخر ورد طلب الأخير بإرجاء الجلسة، وذلك بعدما كان أبلغ نقيب محامي الشمال المحقق العدلي عن إستئناف قرار النقابة إعطاء الإذن لملاحقة فنيانوس كونه محاميا ويقتضي إنتظار نتيجة هذا الإستئناف، فيما اعتبر القاضي البيطار أن قرارات نقابة المحامين لا تعد ذات صفة قضائية، وتاليا أن استئنافها لا يوقف تنفيذها واستمر في تحقيقاته. وشمل طلب وكيلي الوزير السابق عدم أخذ المحقق بطلب النيابة العامة العدلية إيداعها مستندات من ملف التحقيق قبل بت الدفوع الشكلية المثارة من فنيانوس. وأشار طلب الدفاع عن الأخير إلى ان القاضي البيطار رد هذه الدفوع معتبرا أنه غير ملزم برأي النيابة العامة العدلية، كما أنه لم يأخذ بطلب الدفاع إرجاء جلسة استجواب فنيانوس كون تبليغ موكلهما لا يراعي الأصول لانه لا يتضمن كل المندرجات الواردة في مذكرة تبليغ الرئيس حسان دياب لصقا. وتناولت أسباب طلب نقل الدعوى أيضا، وفق المعلومات، ان القاضي البيطار لم يأخذ بتعهد وكيلي فنيانوس بحضور موكلهما جلسة التحقيق والذي بعد الفروغ منها أصدر مذكرة غيابية بتوقيفه، وكأنه كان مقررا سلفا اصدارها، بحسب مصادر الدفاع عن فنيانوس ، فضلا عن تأثر المحقق العدلي بالحالة الشعبية، في إشارة غير مباشرة إلى تظاهرات ذوي الضحايا، والإطراء عبر الإعلام من بعض السياسيين وبعض الجهات. كلها عوامل أدت إلى طلب نقل الدعوى للإرتياب المشروع.
وأمام محكمة التمييز مرحلة تبليغ الأفرقاء في دعوى إنفجار المرفأ بطلب نقل الدعوى لإبداء رأيهم، ولها ان تصدر قرارا بوقف السير بالدعوى قبل أن تصدر قرارها النهائي بطلب وكيلي فنيانوس، كما لها رد طلب الأخيرين.
وكانت محكمة التمييز برئاسة القاضية كفوري تسلمت جواب المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري على طلب رده من نقابة المحامين في بيروت. وأبدى القاضي الخوري بعدم إمكانية رد ممثل النيابة العامة العدلية بالاستناد إلى القانون. وفصل الجواب بين قرار حفظ التحقيق في ملف يتعلق بسرقة من العنبر الرقم 12 في المرفأ قبل أشهر من حصول الإنفجار وبإشارة من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات وكون التحقيق بموضوع السرقة لا يتصل بهذا الإنفجار ولا يشكل تاليا رأيا مسبقا من شأنه أن يحول دون متابعة القاضي الخوري لهذا الملف بصفته محاميا عاما عدليا. ورأت مصادر قضائية أن "سوء التخزين في العنبر الرقم 12 أدى إلى الإنفجار، وتبعا لذلك فإن قرار قاضي الأمور المستعجلة بوضع الحراسة على نيترات الأمونيوم في المرفأ لا يشكل جرما ولا يؤدي إلى تحرك النيابة العامة في حينه، في وقت ان غالبية المسؤولين في الدولة وكل الموظفين في المرفأ والإداريين كانوا يعلمون بوجودها في المرفأ فهل نسجنهم جميعا؟ وفي وقت لم يحدد بعد إن كان الإنفجار نتج من خطأ أم من فعل متعمد.