كلّف نجيب ميقاتي تأليف حكومة العهد الأخيرة، وسمّاه 54 نائباً، في حين سمّى 25 نائباً القاضي في محكمة العدل الدولية نواف سلام، وذهب 46 نائباً الى خيار "اللا تسمية"، وسمّى نائب واحد الرئيس سعد الحريري، وآخر السيدة روعة الحلاب.
مع تكليف ميقاتي بمرسوم عن القصر الجمهوري، تتجه الأنظار إلى حقول الألغام الكثيرة التي تعترض تشكيل حكومته الرابعة.
وكانت الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة في قصر بعبدا، استؤنفت عند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر اليوم، بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون النائب فراس السلوم.
وكانت قد انتهت الفترة الصباحية من الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة، من دون مفاجآت.
وسجّلت النتيجة التالية حتّى الساعة:
- نجيب ميقاتي: 50
- نواف سلام: 25
- لا تسمية: 30
- سعد الحريري: 1
- روعة حلاب: 1
وفي وقت تتجه فيه الأنظار نحو قرار نواب التغيير، الذين دخلوا ككتلة واحدة للقاء الرئيس ميشال عون، أعلن النائب فراس حمدان متحدثاً باسمهم، أن 10 أعضاء من النواب التغييريين سمّوا نواف سلام، فيما امتنع 3 نواب عن التسمية وهم سينتيا زرازير، حليمة القعقور والياس جرادي.
وقال حمدان في تصريح بعد لقاء عون إنّه "من غير المقبول الاستمرار بالنهج والوجوه نفسها"، مشدّداً على أنه "من أولويات الحكومة وقف الانهيار الاقتصادي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضع جريمة 4 آب في سلّم الأولويات واعتماد سياسة خارجية تخدم مصلحة لبنان العليا والتزام حماية المواطن والأمن الغذائي والاستشفاء والدواء وتفعيل التقديمات الاجتماعية للفئة الأكثر هشاشة والعمل على استقلالية القضاء".
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
هذا وأعلن النائب محمد يحيى "تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة".
أيضاً، سمّى تكتّل "النواب الأرمن" ميقاتي لرئاسة الحكومة.
وأعلن النائب نبيل بدر أنه سمّى ميقاتي، وقال: "أعطينا الفرصة للشخصية التي على دراية بكل الملفات، ومنها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي"، معتبراً أن "التغيير الحقيقي يبدأ عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية".
أمّا النائب شربل مسعد فقد أعلن أنه "لن يُسمّي أحداً لرئاسة مجلس الوزراء".
وسمّى النائب فراس السلوم الرئيس ميقاتي، لافتاً إلى أن "ثقته مشروطة ببرنامج إصلاحي من أجل البلد وتمثيل الطائفة العلوية في الحكومة أسوة ببقية الأطراف".
وسمّى النائب عبد الكريم كبارة الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة بعد لقائه عون.
وفي خطوة غير متوقعة، أعلن النائب إيهاب مطر أنه سمّى الدكتورة روعة حلاب لرئاسة الحكومة، "لأن البلد يحتاج إلى صيغة جديدة وإلى دم جديد ولأنني أرفض الصيغ التي تحول رئيس الحكومة إلى "باش كاتب" قرّرت تسمية روعة حلاب"، بحسب قوله.
هذا وأعلن النائب غسان السكاف تسمية سلام، موضحاً "سميت الرمز الذي يمثل سلام كشخصية جديدة تتمتع باستقلالية ومصداقية محلية ودولية، ربما لن يكلّف ولكن العمل الإصلاحي والتغييري هو عمل تراكمي يجب أن يبدأ من مكان ما وربما نحن اليوم نؤسّس لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية"، مضيفاً "نحن بحاجة إلى حكومة طوارئ".
من جهته، سمّى النائب بلال الحشيمي الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة المقبلة.
في سياق الجولة الثانية من الإستشارات، سمّت "كتلة التنمية والتحرير" في بيان تلاه النائب ميشال موسى بعد انتهاء اللقاء مع عون، الرئيس ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة تنهض بالبلد وشعبه.
ويرتقب ميقاتي أصوات كتلة "التنمية والتحرير" و"الطاشناق" في فترة بعد الظهر ليرفع رصيده، في حين تسود باقي الأصوات حال من الغموض حتى الساعة.
وكان قد بدأ رئيس الجمهورية ميشال عون عند الساعة العاشرة من قبل ظهر اليوم الاستشارات النيابية الملزمة وفق جدول المواعيد الذي وزعه القصر الجمهوري.
وبدا أنّ القوى السياسيّة تتعاطى مع استحقاق اليوم على أنه مفصليّ، فمنها من يعتبره مرحلة لتقطيع الوقت، ومنه من يعتبر المعركة الأساسية تتمثّل بانتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة التي ستنتج بعد رحيل الرئيس عون، فيما تتمسّك قوى أخرى بالستاتيكو الحالي، وتجهد للإبقاء على المعادلة السابقة وعلى حكومة "الوحدة الوطنية"، مع محاولة آخرين فرض شروط لتحقيق مكاسب أكبر في التركيبة المقبلة لضمان استمرارية السطوة على الحكم لأطول فترة ممكنة.
ومن الملاحظ أنه وفق تقدّم الساعات سيحوز ميقاتي على الأكثرية في مقابل منافسه نواف سلام، على أن يكون التحدّي الأبرز أمام ميقاتي القدرة على التأليف بعد التكليف، وأن لا توضع أمامه العقبات قبل الوصول إلى عاصفة الاستحقاق الرئاسي.
استهلت الاستشارات الصباحية بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي أكّد بعد لقائه عون أن "المرحلة استثنائية. ومن هذا المنطلق، لدينا مرشّح هو الرئيس نجيب ميقاتي، وهناك مرشح آخر. لكن بما أنه ليس هناك وضوح في المرحلة المستقبلية، فلن أسمي أحداً".
على صعيد كتلة "الكتائب"، أشار رئيس الكتلة سامي الجميّل إلى أن توجههم اليوم نحو تسمية القاضي نوّاف سلام، داعياً "الكتل إلى الالتزام بالاستشارات وأخذها على محمل الجدّ، لأن وضع البلد لم يعد يحتمل أيّ تأخير أو مماطلة".
من جهته، أعلن النائب وليد البعريني باسم "تكتّل الاعتدال الوطنيّ" تسمية الرئيس ميقاتي لتأليف الحكومة الجديدة.
إلى ذلك، سمّى "التكتل الوطنيّ المستقلّ" الرئيس ميقاتي، وتحدّث باسمه النائب فريد الخازن الذي قال: "بعد التشاور في التكتل اتّخذنا القرار بتسمية الرئيس ميقاتي، ومصلحة البلد تفترض تشكيل الحكومة في أسرع وقت، ونرى أن الأوفر حظاً للتأليف هو الرئيس ميقاتي".
وأضاف: "نطلق صرخة لكلّ القوى إلى مدّ اليد والانفتاح والخروج من التموضعات السياسية"، معتبراً أن الرغيف والكهرباء والبنزين لا لون سياسياً لها، ولا يمكن أن ينهض لبنان إلّا من خلال التعاون".
تجدر الإشارة إلى أن اللواء أشرف ريفي أعلن مقاطعته للاستشارات، موضحاً في بيان أنّه "التزاماً بالمسؤولية أمام اللبنانيين الذين سيتعرّضون للخذلان بسبب التعطيل المستمر قبل التكليف وبعده، أقاطع الاستشارات، في ظلّ منظومة الخراب والعهد المستعدّ لحرق البلد لمصلحة الصهر".
وسمّت كتلة" اللقاء الديموقراطي" السفير نواف سلام، وتحدّث باسمها النائب تيمور جنبلاط، الذي قال: "سمّينا السفير نواف سلام لتأليف الحكومة، وطلبنا الوحيد هو أن يقوم المسؤولون بتسهيل تأليف الحكومة التي لن نشارك فيها، ولكن سنساعد في تأليفها".
بالموازاة، سمّت كتلة "جمعية المشاريع" ميقاتي، حيث لفت النائب طه ناجي إلى أنّه "لدى الحكومة الجديدة ملفات ملحّة كالخبز والطحين والكهرباء وكلّ عذابات الناس، ويجب الإسراع في تأليفها".
هذا وسمّى النائب عماد الحوت من "الجماعة الإسلامية" الرئيس ميقاتي، وتمنّى الحوت أن "تنطلق الحكومة بالبلد في الاتجاه الصحيح".
على صعيد كتلة "الوفاء للمقاومة"، أعلن النائب محمد رعد أنّهم سمّوا ميقاتي، قائلاً: "موقفنا سهل ممتنع، لبنان اليوم بحاجة إلى حكومة فاعلة. وفي الأزمات تتطلّب المصلحة الوطنية توفير الفرص من أجل تأليف حكومة تواجه الاستحقاقات. وشخصية الرئيس المكلّف من شأنها تعزيز الفرص لهذه الغاية".
وتابع: "سمّت الكتلة الرئيس نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة متمنيةً له التوفيق".
واستكمالاً لعملية الاستشارات النيابية، سمّت كتلة "شمال المواجهة" السفير نواف سلام، وقال النائب ميشال معوض: "سمّينا نواف سلام لأنّنا اعتبرناه الخيار الأفضل لمواجهة المنظومة".
وأضاف معوض "من المرفوض أن نكمل في ظلّ معارضة مشتتة، فتشتّت المعارضة عائق أساسيّ أمام قدرتنا على التغيير، وسيحوّلنا من قوة تغييرية إلى قوة اعتراضيّة، وستبقي على لبنان مخطوفاً".
وقال: "هناك مسؤولية جماعية في المعارضة للاتفاق في الاستحقاقات الأساسيّة المصيريّة، وإلّا سنتحمّل مسؤولية ما يحصل في البلد".
وانسجاماً مع الموقف المعلن لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لم تسمِ كتلة "الجمهورية القوية" أحداً لتكليفه تأليف الحكومة، وقال النائب جورج عدوان باسم الكتلة: "لم نسمِّ أحداً لأن الكتلة كانت تحاول خلال الفترة الماضية أن تجمع القوى التي تتلاقى معها في موضوع السيادة لكي يكون لها موقف موحّد للتسمية. لم ننجح في الموضوع، وسنستمر في المحاولة كما يريد المواطنون، ومن واجباتنا كأكبر تكتل أن نجمع بين الأكثريّة الجديدة".
وأردف عدوان: "لم نختر ميقاتي لأنّ برنامجنا لا يلتقي مع برنامجه، خصوصاً في موضوع حكومات الوفاق الوطني التي تمنع المحاسبة، وتحوّل مجلس النواب إلى مجلس مصغّر في الحكومة. أمّا في ما يتعلّق بتسمية السفير نواف سلام، فيجب أن تترافق التسمية مع معرفة الشخص، ولم يتواصل معنا، مع العلم أنّنا سمّيناه في الفترة السابقة، ولم يطلعنا على برنامجه. كلّ مرّة هناك مرشّح لا يعلن برنامجه للملأ في القضايا السيادية، ويلتزمه لن نسمّيه. أخذنا ثقة الناس على أساس برنامج، ولسنا مستعدين للتفريط بها".
هذا، ولوحظ غياب النائبة ستريدا جعجع بداعي السفر، في الوقت الذي أرسلت فيه كتاباً خطياً إلى رئاسة الجمهورية أوضحت بوساطته موقفها.
من جهة ثانية، أكّد النائب اللواء جميل السيد أنه لم يسمِّ أحداً، وقال: "ما يجري لن يساعد البلد على الخروج من التدهور، إلّا إذا حصلت انتخابات رئاسيّة مع حكومة منفصلة عن المجلس النيابي". ورأى أن "ما من مسؤول يلعب لعبة إنقاذية".
وأعلن النائب حسن مراد أنّه سمّى ميقاتي لتكيلفه تأليف حكومة جديدة "نظراً لدقّة المرحلة وتردّي الأوضاع العامة، ولكي يستمرّ في أداء مهمته في هذه الفترة على أمل أن يتمكّن من إنجاز شيء".
أيضاً، أعلن النائب فؤاد مخزومي أنه لم يسمّ أحداً، معتبراً أنه "لم يسمع من نواف سلام أيّ موقف بالنسبة إلى قضايا سيادية عدّة، لافتاً إلى أن "ميقاتي يمثل المنظومة"، متمنياً على المعارضة أن "تتوحد قبل الانتخابات الرئاسية".
سمّى النائب جان طالوزيان الرئيس نجيب ميقاتي، قائلاً: "سمّيت الرئيس نجيب ميقاتي لأسباب عدّة، أهمّها أن يكون لدينا رئيس للحكومة، ولأن هذه الحكومة سيكون عمرها قصيراً، والأفضل ألا تأتي حكومة جديدة تماماً".
إلى ذلك، لم يسمِّ النائب أسامة سعد أحداً لرئاسة الحكومة.
وقال: "الحاكم الفاشل عليه أن يرحل، لا جديد اليوم سوى التجديد لواقع سياسيّ مأزوم. اليوم حسابات التكليف وأثمانه هذا إن حصل، وغداً معارك التأليف المتعثر. نحن أمام انسدادات سياسيّة جديدة وتعميق للانهيارات. الأجيال تطلب التغيير والمحاسبة والحقوق. ليس أمامنا إلّا أن نسعى إلى موازين قوى جديدة، لم أسمّ أحداً".
وفي موقف مماثل، لم يسمِّ النائب ميشال ضاهر أحداً.
وقال: "معروف أن النتيجة ستكون لمصلحة ميقاتي واعتراضي عليه هو في ما يخصّ خطة التعافي؛ ولذلك لن أحمّل ضميري إعادة تسميته".
واللافت خلال الجلسة كان تسميّة النائب جهاد الصمد للرئيس سعد الحريري، معتبراً أنّه "الأكثر تمثيلاً للطائفة السنيّة في لبنان".
وناشدت الأحزاب السياسية اليوم من منبر بعبدا النواب المستقلّين توحيد الصفوف والتكاتف في سبيل خلاص البلد وتشكيل حكومة تُخرج لبنان وشعبه من المآسي المحيطة بهم.
وفي الساعات الأخيرة، تبلورت المشهديّة بشكل يظهر أن لا منافس للرئيس نجيب ميقاتي، فيما طرح اسم نواف سلام كان إمّا من باب التشويش أو لتحسين الشروط، فالرجل لم يعلن رغبته في الترشح لمنصب رئاسة الحكومة بتاتاً.
لذلك، تتلخّص صورة الاستشارات اليوم: امتناع "قواتي" عن التصويت لميقاتي أو لأيّ شخصيّة أخرى. امتناع "اللقاء الديموقراطي" أيضاً عن التصويت لميقاتي مع أرجحيّة نواف سلام. عدم وجود موقف موحّد بين التغييريين، فضلاً عن المستقلّين، فيما هناك انحياز سنيّ داخليّ لميقاتي، وتأييد من الثنائيّ له، وسط معلومات عزّزها توزيع الكتل النيابية للاستشارات عن إمكانية إعطاء "التيار الوطني الحر" بعض الأصوات لتعزيز وصول الرئيس ميقاتي.
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)