عناصر من الجيش في محيط ساحة النجمة خلال تظاهرة داعمة للنواب المعتصمين في مجلس النواب (حسام شبارو).
تفاقمت الأوضاع الاقتصاديّة في وقت متزامن، وتراجعت بشكل دراماتيكيّ خلال أقلّ من أسبوع، فترافق الانهيار المروّع لليرة اللبنانية مع تصعيد سياسيّ كبير من بوّابة انفجار المرفأ، ليعيد فتح الملفات على مصراعيها في بلد جميع مؤسساته معطلة.
بدا لافتاً أنّ هذا التسارع في الانهيار، ترافق مع حضور الوفد القضائيّ الأوروبيّ، ومعه تحرّكت الملفات كافّة، وكأنّ المنظومة كشّرت عن أنيابها وبدأت بتصفية الحسابات في حقّ بعضها، ليدفع الشعب كالعادة ثمن صراعاتهم، بدأ التسارع في ارتفاع الدولار ، وعدم التحرّك الجديّ من مصرف لبنان للجم هذا الارتفاع، بالإضافة الى مواجهة سياسية واسعة أطلقها المحقّق العدليّ في انفجار مرفأ بيروت، وذهب فيها بعيداً عبر ادّعاءات جديدة على اللواء عباس إبراهيم واللواء أنطوان صليبا، بالإضافة الى شخصيات قضائية وغيرها خارج الإطار السياسي، ما أربك الساحة السياسية جداً.
وفي هذا الإطار، توسّع الخلاف داخل الجسم القضائي، بما يشي بانقسام عمودي يؤدي الى تعطيله بالكامل، وهو المؤسسة الوحيدة التي كانت تعمل على "إجر واحدة"، لتتهيّأ لدخول نادي المؤسسات المعطلة من رئاسة الجمهورية الى الحكومة الى المجلس النيابي الذي يصرّ عدد من الأحزاب الممثلة فيه على أنّه فقط هيئة انتخابية، وبالتالي لا يحقّ له التشريع.
والأخطر هو ارتفاع الخطاب الطائفي، وعودة الخطابات التقسيمية والفيديرالية، وتحويل المعارك السياسية والقضائية الى معارك طائفية، وحتى ردّ النائب العام التمييزي على قرارات البيطار انطلق من آية قرآنية لا من مادة قانونية في سابقة، بالإضافة الى الاشتباك السياسي الذي حدث في مجلس النواب اليوم، فبدا كأنّه بين النواب الشيعة وزملائهم المسيحيين.
في الأجواء السياسية اقتناعٌ بأنّ قرارات البيطار لن تؤدّي الى أيّ مكان، ولن تُنفَّذ، ومن لم يحضر تحت ضغط آلاف الناس في الشارع لن يحضر اليوم، لكن الخطورة تكمن بحسب المعنيين، في أنّ تسريب الأسماء وتسميتها يكون عرضاً للمحاكمة الشعبية، ويصبح بالنسبة إلى أهالي الضحايا وكلّ من تضرّر من الانفجار مداناً، ولو حماه العالم أجمع، فالقضيّة حسّاسة جداً وهي أبعد من مجرد شهادة أمام قاضٍ.
بالتزامن يبدو أنّ الانسداد السياسي لا يزال كبيراً، على الرغم من الأجواء الإيجابية التي أثارها فريقا "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، فلن يتحقق أيّ خرق على المستوى الرئاسي وما زال الطرفان عند رأيهما، فلا الحزب تراجع عن دعم فرنجية ولا باسيل رضي بالسير به، وفي الملف الحكومي أيضاً لا يزال كل من الطرفين عند رأيه حتى الوقت الراهن، وأيضاً في الجبهة المقابلة ليس هناك أدنى تقدّم حول التوافق، حتى المعتصمون داخل مجلس النواب لا يتفقون سوى على شعار ضرورة انتخاب رئيس من دون توضيح أيّ رئيس، ومن هو الرئيس الذين يعتصمون لأجله، والأمور تراوح مكانها.
وفي الأثناء بدأ الكلام عن أحداث أمنية وتحرّكات في الشارع، وإشاعات عن انتشار أمني في الشارع الفلانيّ والمنطقة الفلانيّة، وإقفال طرقات في بعض المناطق، ترافق ذلك مع بيانات عن اتحادات عمالية تخضع بالمطلق لفريق المحور كالسائقين العموميين والاتحاد العماليّ، ذكّرت بالبيانات والتحرّكات التي سبقت حركة 7 أيار، التي بدأت بمطالبات عمالية لتنتهي باجتياح بيروت من المجموعة نفسها، وإن كانت مصادر على مقربة من الثنائيّ الشيعي نفت هذا الأمر بالمطلق إلّا أنّ الرسائل بدأت تصل تباعاً، بأنّ هناك فريقاً جاهزاً لأيّ تحرك.
وفي المحصلة، كأن هناك قراراً بالتصعيد اتخذه الجميع، ومن المستبعد أن يكون بهدف الضغط لإنهاء الأزمات، بل هو بحسب الظاهر تصعيد مفتوح غير محسوم النتائج.