النهار

آخر أسبوع السنة: دولار لـ50 ألفاً… ومناورات سياسيّة عقيمة
المصدر: "النهار"
آخر أسبوع السنة: دولار لـ50 ألفاً… ومناورات سياسيّة عقيمة
الجنرال الأبيض يزور مرتفعات لبنان.
A+   A-
على دولار لاهب ملتهب فالت بلا سقف ولا ضابط ويقترب من اقتحام سقف الخمسين الف ليرة قبل ليلة رأس السنة الجديدة اذا لم يحصل ما يلجم جنونه .. بدولار السوق المجنون الذي كسر امس حاجز ال48 الف ليرة بدأ الأسبوع الأخير من السنة 2022 رحلة اعلان نهاية سنة أخرى من سنوات الازمات الكاسرة التي تعصف بمصير لبنان وتضعه في مهب الضياع والتشتت والتشرذم والفقر والمرض والافلاس الانهياري على كل الصعد . ولن تكون الأيام القليلة المتبقية من هذا الأسبوع ومن هذه السنة سوى مؤشر عملي على ان الازمة العاصفة بلبنان لا ولن تعرف تبدل روزنامة الزمن من سنة الى سنة ما دامت العناصر والمكونات التي تصنع ازمة لبنان عصية على التغيير وحتى على الزمن حتى اشعار اخر .
هذه الانطباعات السوداوية بدت حتمية امام الازمة السياسية الفالتة على كل افاق الانفراجات ولا شيء يدفع باللبنانيين الى تصديق كل ما يثار حيال مبادرات او تحركات داخلية او خارجية بعدما ثبت تكرارا ان الرهانات على حل يأتي هابطا من تقاطع مصالح خارجية لم يعد يصح على الواقع اللبناني الذي بات اكثر تعقيدا من يجد طريقه الى الانفراج بوصفات إقليمية كلاسيكية بعدما تبدلت كل معايير السياسات الخارجية . لذا عادت أصوات عديدة في الداخل لتركز على لبننة الاستحقاق الرئاسي ضمانا لانتخاب رئيس انقاذي وليس توافقيا تسوويا لان رئيسا بهذه المعايير بالكاد يتمكن من إدارة هشة للازمة وليس تخليص لبنان منها .
وفي ظل هذه المعطيات ثبت ان حركة اللقاءات السرية او البعيدة من الأضواء التي اجراها ويجريها رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وكان اخرها الكشف عن لقاءين اجراهما قبل مدة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بيت صديقين مشتركين لم يتركا أي اثر في مسار الازمة الرئاسية اذ اقتصر اللقاءان على مجرد "جمعة" لكسر جليد العداء بين باسيل وكل من ميقاتي وفرنجية من دون أي اتفاق على أي ملف . حتى ان احد المعنيين والمطلعين كشف ان اللقاء الذي عقد في منزل صديق مشترك لباسل وفرنجية لم يستغرق الحديث فيه اكثر من نصف ساعة وانه لم يفتح الملف الرئاسي اطلاقا .
ولكن يبدو ان تطرية واضحة طرأت على ملف العلاقة بين باسيل وتياره و"حزب الله" اذ اعتبر مسؤول لجنة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، ردّاً على سؤال حول ما إذا كان هناك قطيعة بين الحزب والتيار الوطني الحر، أنه "ما من قطيعة أبداً، لا بل على عكس، فقد شكّلت الأعياد مناسبة للتواصل والتلاقي".
وقال في حديث لمحطة "او تي في" : " إنني اتصلت وقدمّت التهنئة بعيد الميلاد المجيد باسم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، وكذلك لرئيس الوطني الحر النائب جبران باسيل، على أمل في أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من الحوار والتواصل لما فيه خير للطرفين". وتابع صفا، "رسالة السيد المسيح هي رسالة خير ومحبة وفي هذا الزمن المبارك نتمنى أن تعمّ الأجواء الهادئة البعيدة عن التشنّجات بين مختلف الأطراف، لما فيه خير للبنان واللبنانيين".
ووسط هذه الاجواء، نقل زوار بكركي امس ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اثار موضوع الشغور الرئاسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري فيما تحدثت معلومات عن مسعى قد يقوم به الصرح البطريركي لتسهيل الانتخابات في المرحلة المقبلة . ذلك ان عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب شوقي الدكاش يرافقه وفد من "القوات اللبنانية" في كسروان زار الراعي معايدا. وتمنى الدكاش على البطريرك "تسمية من يعطلون انتخاب الرئيس بالاسم، مع معرفتي سيدنا أن بكركي تسعى دوما إلى الجمع لا التفرقة، لكنني أعرف أيضاً أنها تشهد دوما للحق والحقيقة". ورد البطريرك الراعي كاشفاً أنه تلقى "اتصال معايدة من الرئيس نبيه بري، فقلت له كنت أنتظر منك معايدة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية. فأجابني دعوتهم للحوار مرتين ولم يلبوا، فكررت قولي أن الاولوية اليوم هي لانتخاب رئيس". وقد كرر الراعي القول "الدولة لا تسير من دون رأس ولبنان يموت من دون رئيس".
من جانبه أشار النائب الدكتور غسان سكاف الى أن "هناك مبادرة رئاسية"، آملا في ان "تنجح هذه المرة وتكون بدعوة من الرئيس نبيه بري وتحت سقف البرلمان، عبر جلوس ممثلين عن الكتل النيابية على طاولة الحوار بعد الاعياد للتوافق على سلة أسماء ينتقى منها الاسماء الثلاثة الاولى ونذهب بها الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية"، داعيا الى "انتاج مناعة داخلية للتوافق والحوار"
في المقابل أوضح نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن "للرئيس مواصفات ونحن نريد رئيسًا مجربا بالسياسة، قادراً على التواصل مع الجميع داخليا وخارجيا، أولويته الانقاذ الاقتصادي لا ينحاز ولا يستفز ولا يخضع للاملاءات الخارجية وهذه هي الصفات نستطيع أن نبني عليها". وتابع "علينا الذهاب الى حوار والاتفاق على ان يكون هذا الحوار مبنيا على اولوية المعالجة الاقتصادية والانقاذ وترحيل القضايا الخلافية الى مرحلة لاحقة، ونحن نسعى لأن يكون هناك رئيس للجمهورية في اسرع وقت وليس صحيحا أن نبني على ان الشغور هو الاصل لكن التنوع في المجلس النيابي يجعل انتخاب الرئيس يتطلب دقة واتفاق بين الكتل النيابية". ولفت قاسم الى ان "علاقتنا مع التيّار الوطني الحر اليوم فيها خدشة لكن نحن حريصون كحزب الله أن تستمر هذه العلاقة وأن يستمر التفاهم، وإنَّ حزب الله والتيار الوطني الحر مقتنعان أن في التفاهم مصلحة للبنان وللطرفين وهذه المصلحة لا زالت موجودة والأمور تعود إلى مجاريها بطريقة من الطرق".
وفي التحركات اللافتة برزت امس زيارة وفد من "تكتل الجمهورية القوية" موفداً من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لمقر عام قيادة الـ"يونيفيل" في الناقورة وضم الوفد النائبين غسان حاصباني وجورج عقيص، وقد التقى قائد الـ"يونيفيل" المايجور جنرال ارولدو لازارو للمعايدة وتقديم التعزية بمقتل الجندي الايرلندي شون روني والاطلاع على مجريات ملف التحقيق والتشديد على دعم اليونيفيل وضمان سلامة القوى العاملة ضمنها للقيام بمهمة حفظ الامن في الجنوب اللبناني التزاماً بالقرارات الدولية. وتم التداول في آخر مجريات التحقيقات وبوضع قوة اليونيفيل حيث شدد الوفد على ضرورة استكمال التحقيقات والمحاسبة. وأكد الوفد "أهمية تطبيق القرارات الدولية لا سيما 1701 وتعزيز دور الجيش اللبناني في الجنوب لاستكمال بسط سلطة الشرعية على كافة الأراضي اللبنانية". و ذكّر الوفد بـ"خطورة السلاح غير الشرعي وأثره السلبي على الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي".
 

اقرأ في النهار Premium