من محضر جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الثلاثاء 13/06/2023
الموضوع: ورقة عمل لتنظيم إدارة ملف النازحين السوريين في لبنان.
استمع المجلس الى ما أدلى به السيد رئيس مجلس الوزراء بشأن الورقة التي أُعدت بالتنسيق مع الوزراء والإدارات المعنية لتنظيم إدارة ملف النازحين السوريين في لبنان، وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر (بروكسل 7) لدعم مستقبل سوريا والمنطقة.
وبعد المداولة، قرر المجلس التأكيد على موقف الحكومة المبدئي والنهائي بوجوب عودة النازحين السوريين الى بلدهم عودة كريمة آمنة تنسجم مع القرارات الدلوية لا سيما القرار 2254 مع ما يستدعيه ذلك من تنسيق مباشر مع الجانب السوري من خلال وفد وزاري برئاسة وزير الخارجية والمغتربين وعضوية وزراء المهجرين، الشؤون الاجتماعية، العمل، الثقافة، السياحة، الزراعة، الإعلام، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام، وعلى أن يكون للوفد أيضاً التنسيق مع اللجنة المشتركة لجامعة الدول العربية بشأن سوريا.
كما قرر تكليف وزير الخارجية والمغتربين إبلاغ موقف الحكومة أعلاه الى المشاركين في مؤتمر بروكسل 7 وأن يسترشد بالخطوط العريضة الواردة في ورقة العمل التي جرى مناقشتها في الجلسة.
وفي ما يأتي نص الورقة:
قام لبنان، ولا يزال، بدور إنساني منذ العام 2011 من خلال إستضافته للنازحين السوريين الذين يُقارب عددهم مليون و500 ألف نازح. هذا الواقع جعل من لبنان البلد الأكثر استضافة للاجئين والنازحين في العالم نسبة الى عدد سكانه ومساحته، بحيث أن ثلث سكان لبنان هم من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين الوافدين من سوريا.
حرص لبنان منذ بدء الأزمة السورية في العام 2011 على التعاطي مع هذا الملف بشكل بنّاء وإنساني يُراعي المعايير الدولية. فالنازحون السوريون في لبنان يتمتعون بالحماية ويحصلون على الخدمات وهم يتواجدون بحرية على الأراضي اللبنانية كافة.
يمرّ لبنان اليوم بأزمة متعددة الأوجه إقتصادية، نقدياً، مالياً، صحياً واجتماعياً وهي مقلقة بتداعياتها الإنسانية وغير المسبوقة على السكان. مع الإشارة الى أن النزوح فاقم الأزمة وساهم الى حد كبير في تفاقم حدّتها وتسريع الانهيار نتيجة الأعباء الملقاة على الشعب اللبناني وتأثير هذا الانهيار على كل المرافق العامة والقطاعات الخدماتية والحيوية.
إن البنى التحتية اللبنانية لم تكن مؤهلة لاستيعاب الصدمة الناتجة عن التدفق الجماعي الكثيف للنازحين السوريين وهو ما أدى الى استهلاك الخدمات والموارد بشكل لا يمكن تعويضه من دون خطة تنموية متكاملة ومُستدامة تأخذ بعين الاعتبار واقع التحديات بشكل شامل، وهو ما يفرض علينا جميعاً العمل معاً مع شركائنا من المجتمع الدولي والجهات المانحة والمنظمات الدولية للحفاظ على هوية لبنان ونسيجه الاجتماعي التعددي وحماية حقه في الأمن والتنمية والإستقرار.
إن الحكومة اللبنانية، إذ تشكر الدول المانحة والهيئات الدولية على مساندتها لبنان، تدعوها اليوم أكثر من أي وقت مضى للإلتزام بتعهداتها التي قطعتها في مؤتمر بروكسل السادس لدعم النازحين السوريين والمُجتمع اللبناني المضيف، حيث يُسجل انخفاض ملحوظ في التمويل الدولي لهذا العام في خطة لبنان للاستجابة للازمة LCRP، إذ حصل لبنان على نسبة ضئيلة من التمويل المطلوب ما يُعد فجوة مالية كبيرة تحد من القدرة في تلبية احتياجات السكان الأكثر هشاشة لا سيما من اللبنانيين الذي بلغ بهم الفقر المتعدد الأبعاد نسبة مرتفعة جداً والنازحين السوريين 91% منهم تحت خط الفقر، وهذا ما يُعرّض الاستقرار العام لخطر العنف والاضطرابات ويُغذّي خطاب الكراهية حيث ثبت بنتيجة الاستطلاعات أن 61% من التوترات بين المجتمع النازح والمٌضيف ناتج عن التنافس على الوظائف لا سيما الأقل مهارة.
وعليه، أعدت الحكومة ورقة عمل لتنظيم إدارة ملف النازحين السوريين في لبنان، تتضمن خطة عمل ثلاثية الأبعاد (رؤية قصيرة المدى، متوسطة المدى وبعيدة المدى) وتستند الى تقسيم النازحين السوريين في لبنان الى أربع فئات وهي:
الفئة الأولى: تشمل طالبي اللجوء السياسي بين عامي 2011 و2015.
الفئة الثانية: تشمل الوافدين السوريين بعد العام 2015.
الفئة الثالثة: تشمل الوافدين الذين يعبرون الحدود اللبنانية السورية ذهاباً وإياباً.
الفئة الرابعة: تشمل الوافدين الذين دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة بعد 24 نيسان 2019.
تتناول هذه ورقة كل ما له علاقة بإدارة الملف ومعالجته وتنظيمه بطريقة بنّاءة وشفّافة تُعمّق التواصل والتعاون مع المنظمات الدولية وتحفظ سيادة لبنان.
مما لا شك فهي أن كلفة النزوح لغاية العام 2018 بحسب تقرير البنك الدولي، تُناهز الـ18 مليار دولار أميركي وتتركّز في قطاعات الصحة والتربية والطاقة والمياه والزراعة والبيئة لناحية النفايات الصلبة والصرف الصحي وغيرها.
من هنا يأتي الطلب اليوم للتعويض عن تلك الخسائر والأعباء التي انعكست سلباً على المجتمع المضيف، وبحسب أرقام خطة لبنان للإستجابة للازمة LCRP وهي شراكة الحكومة اللبنانية مع المجتمع الدولي المانح ومنظمات الأمم المتحدة، بلغت الاحتياجات 25,54 مليار دولار أميركي منذ العام 2013 لغاية 2022 في وقت حصل لبنان على نسبة 12% فقط من التمويل الكافي لسد الفجوة المالية ومن شأنه أن يفسر تراكم الأكلاف على مالية الدولة والمرافق العامة والسلطات المحلية.
إن أهمية مؤتمر "بروكسل 7 " تكمن في السعي من أجل استجابة بناءة وقابلة للتحقيق للأزمة السورية نقوم على المرونة والاستقرار والتضامن والمحافظة على مستقبل سوريا والمنطقة لدعم الحلول المستامة لأزمة النزوح السوري وبالمحافظة على سيادة لبنان وهويته، والاتفاق على تحديد الآثار وخارطة الطريق لتأمين دعم مادي وعيني للنازحين العائدين داخل الأراضي السورية.
إن الحكومة التي رحبت بتشكيل لجنة مشتركة لجامعة الدول العربية بشأن سوريا، تدعو المجتمع الدولي الى دعم جهود هذا الوفد في توفير حل بنّاء ومستدام لأزمة النازحين السوريين بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254.
تتضمن ورقة العمل الآتي:
أولاً: على المدى القصير
أ – التعاون مع المنظمات الدولية
1 – إعداد مذكرة تفاهم بين مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمديرية العامة للأمن العام خاصة بتبادل قاعدة بيانات النازحين السوريين مع احترام مبادئ الحماية والسرية والخصوصية على أن تكون هذه المعلومات في متناول المديرية العامة المذكور حصراً.
2 - متابعة عملية العودة الطوعية للنازحين السوريين مع مراعاة ما تفرضه الإتفاقيات والقوانين لناحية المحافظة على حقوق الإنسان لا سيما مبدأ عدم الإعادة القسرية وذلك تحت إشراف المديرية العامة للأمن العام وبالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
3 – العمل على ترحيل النازحين السوريين المخالفين للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، والصادرة في حقهم أحكام قضائية أو الذين خالفوا قواعد الدخول والإقامة، على أن تتولى المديرية العامة للأمن العام عملية الترحيل بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
4 – العمل على ترحيل المحكومين السوريين في السجون اللبنانية، بحيث تتولى وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات عملية الترحيل بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC).
5 – تعزيز قدرات المديرية العامة للأمن العام لتشغيل أنظمة بيومترية لكشف حركة دخول النازحين السوريين الى لبنان وخروجهم منه.
6 – العمل على تسجيل كل ولادات النازحين السوريين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين من سوريا ومكتومي القيد من قبل وزارة الداخلية والبلديات بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمتي اليونيسف والأونروا.
7 – تكليف وزير الخارجية والمغتربين التواصل مع الدول التي تمنح حق اللجوء وطلب تفعيل المسارات التكميلية والممرات الإنسانية من أجل زيادة طلبات اللجوء المقدمة بواسطة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الى دولة ثالثة.
ب – المساعدة من الدول المانحة
يواجه لبنان حالياً تحديات متعددة الأوجه نتج عنها ما يسمى "أزمة داخل أزمة"، وأنه بعد توجيه الشكر للدول المانحة والمنظمات الدولية على البرامج الواردة في خطة لبنان للاستجابة للأزمة LCRP، يقتضي العمل سوياً من أجل تخفيف التداعيات والأعباء عن المجتمع اللبناني المضيف لا سيما في ما يتعلق بالاحتياجات الأساسية التالية:
1 – في التعليم
استناداً الى مؤشر الفقر المتعدد الأربعاد، يعتبر 1,45 مليون طفل في سن المدرسة بحاجة الى دعم للحصول على الاحتياجات الأساسية بما في ذلك التعليم، منهم حوالي 662 ألف لبناني (52% فتيات) وأكثر من 715 ألف سوري (51% فتيات) وحوالي 13,300 ألف مهاجر (73% فتيات) إضافة الى 56,000 لاجئ فلسطيني (52% فتيات).
ويكافح اللاجئون، مثلهم مثل معظم اللبنانيين، لدفع تكاليف التعليم الباهظة وأن الحاجة لتأمين الاحتياجات الأساسية الأخرى أدى بهم الى إهمال التعليم. أما عن الطلاب اللبنانيين فقد جعلت الأزمة المتعددة الأبعاد معظمهم عُرضة للخطر.
يوفر المجتمع الدولي حالياً الدعم للنازحين السوريين ويدفع لكل طالب سوري مبلغ 140$ بعد أن كان 600$ قبل الأزمة المالية في لبنان، أما عن الطالب اللبناني فيستفيد من دعم من خلال صناديق مجلس الأهل قدره 18,75$ فقط. ولا شك أن هذا التفاوت أدى الى فقدان المدارس الرسمية لقدرتها التشغيلية إضافة الى انعدام العدالة والمساواة بين النازحين والمجتمع المضيف ما يوجب رفع مبلغ الدعم بحيث لا يقل عن 200$ لكل طالب لبناني وإلا أصبح العام الدراسي المقبل في خطر جدي.
مع الإشارة الى أن الدعم المطلوب يجب أن لا يقتصر على الدعم المالي بل أن وزارة التربية والتعليم العالي وبهدف إنجاح خارطة الطريق التي أطلقتها في حزيران 2023 للعامين المقبلين، تحتاج لدعم تقني وخبراء متخصصين للمسادعة في تنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها الخارطة.
2 – في الصحة
تدعو الحكومة المجتمع الدولي الى توفير الدعم لنظام التغطية الصحية للبنانيين من الفئات الأكثر هشاشة بالاضافة الى مساعدة خاصة للنظام الصحي الوطني المثقل بالأعباء، كما ومن خلال شراء الأدوية المُزمنة والمعدات الأساسية، ووضع أنظمة الوقاية المبكرة وبناء القدرات والدعم الفني وإعادة تقييم مخاطر تفشي الأمراض وتخزين الإمدادات الطبية اللازمة.
3 – في البنى التحتية والبيئة والاتصالات
أدى تدفّق النازحين السوريين الى الضغط على البنة التحتية والموارد الطبيعية والبيئة والاتصالات، ومن هنا تدعو الحكومة برامج الأمم المتحدة والمجتمع الدولي المانح الى المساهمة في حل الأزمة في القطاعات المذكورة ومن ضمنها المساهمة في صيانة شبكات الإتصالات التي تعاني من ضغط يبلغ حوالي 40% من طاقتها التشغيلية بفعل استعمال تلك الشبكات من قبل النازحين، كما والمساهمة في حل أزمة النفايات الصلبة والمقدرة نسبتها بـ20% من نسبة النفايات المنتجة في لبنان، كما والمساهمة في حل مشكلة الصرف الصحي وإدارة المياه عبر تمويل هذه القطاعات وتشغيلها.
4 – في الطاقة
يُعاني لبنان من عبء ثقيل ببفعل أزمة النازحين السوريين يُضاف الى أزماته المتعددة (سياسية واقتصايدة وطبية ومائية وغذائية). لكن التحدي الأكبر هو أزمة الطاقة لعدم التمكن من شراء الكهرباء أو الغاز من دول أخرى مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة استهلاك النازحين السوريين للكهرباء والمياه وعدم دفع معظمهم البدل المطلوب لقاء هذه الخدمات.
لذا تدعو الحكومة اللبنانية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والأونروا لدعم وزارة الطاقة والمياه في وضع عدادات الدفع المسبق للكهرباء والمياه لقياس مقدار استهلاك النازحين السوريين لهذه الخدمات، كما تطلب الحكومة اللبنانية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونسف الاستثمار في قطاع الطاقة البديلة بتركيب نظام الألواح الشمسية ما يُخفّف الضغط في قطاعي الطاقة والمياه خاصة أن التمويل الدولي السنوي في قطاع الطاقة في خطة لبنان للاستجابة للازمة متدن جدجاً وهو لم يتعد 2%.
5 – في تحفيز النمو وتوفير فرص عمل
تدعو الحكومة اللبنانية برنامج الأمم المتحدة الانمائي ومنظمة العمل الدولية والدول المانحة الى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم خاصة في القطاعات الانتاجية لا سيما الزراعية والصناعية ما يؤدي الى توفير فرص عمل مستدامة في لبنان ذلك أن ظروف العمل اللائقة ستُسهم في تحسين سبل عيش الفئات الهشّة وإخراجها من دائرة الفقر كما ستعمل الحكومة على تنظيم عمالة النازحين السوريين في لبنان ما من شأنه المساهمة في تخفيف مصدر التوترات بينهم وبين المجتمع المضيف.
ثانياً: على المدى المتوسط
1 – تشكيل لجنة برئاسة وزير الخارجية والمغتربين وعضوية وزراء المهجرين، الشؤون الاجتماعية، العمل، الزراعة، الثقافة، الإعلام، السياحة، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام تكون مهمتها التفاوض مع الجانب السوري في المواضيع التالية:
أ – العمل على أخذ موافقة السلطات السورية على عملية تسجيل الولادات الجديدة المعتمدة في لبنان والعائدة للنازحين السوريين ومكتوبي القيد والاعتراف بهذه القيود.
ب – التنسيق مع الجانب السوري من أجل اتخاذ القرارات اللازمة لتشجيع النازحين السوريين على العودة الى بلادهم.
2 – تكليف وزير الخارجية والمغتربين تمثيل لبنان في اللجنة المشتركة لجامعة الدول العربية التي تم تشكيلها لمواصلة الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل الى حل شامل للأزمة السورية وخاصة في ما يتعلق بعودة النازحين السوريين.
ثالثاً: على المدى الطويل
1 – إعادة النظر بالسياسات المتبعة تجاه الدول المضيف عبر تحويل المساعدات من إنسانية طارئة الى مشاريع ذات أهداف تنموية مستدامة تدعم المجتمعات المضيفة وتُخفّف بشكل نوعي أعباء أزمة النزوح.
2 – تكليف وزير الخارجية والمغتربين التواصل مع الجهات المعنية بهدف تشكيل لجنة ثلاثية مؤلفة من الجانب اللبناني والجانب السوري ومفوضية اللاجئين تعمل على مواكبة عودة النازحين السوريين الى بلداتهم ومدنهم في سوريا.
3 – طلب وضع خارطة طريق واضحة، شفافة ومتدرجة بين جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية من أجل الوصول الى حل سياسي للأزمة السورية مبني على الحوار الهدف والبنّاء.
4 – تأكيد التزام لبنان احترام الاتفاقيات الدولية التي سبق وأن وقّع عليها وبالتعاون البنّاء والشفّاف مع المنظمات الدولية مع شكر الدول المانحة على دعمها المستمر للحفاظ على وجود لبنان كقيمة إنسانية وحضارية فريدة في هذا الشرق