بعد خمسة أيام متواصلة من تجدّد الاشتباكات العنيفة والمدمّرة في داخل مخيم عين الحلوة بين مسلّحي حركة فتح والعناصر الإسلامية المتشدّدة، توقّعت مصادر فلسطينية التزام المسلحين كافّة بقرار وقف إطلاق النار بشكل كامل، ابتداءً من صباح اليوم الثلاثاء، علماً بأنّ وتيرة الاشتباكات خفّت جداً، وتراجعت على كلّ المحاور طوال ساعات الليل، فلم تسجّل خلال الفترة المنصرمة سوى بعض الخروقات التي حصلت في حيّ حطين، وعلى محور البركسات، والطوارئ.
وأكّدت المصادر التزام طرفَي القتال بقرار وقف إطلاق النار الصادر عن هيئة العمل الفلسطينيّ المشترك، موضحة بأنّه حظي بإجماع شبه كامل من القوى الإسلامية والفصائل الفلسطينية وبعض الجهات والأطراف الرسمية اللبنانية، بعد الاجتماع الذي عُقد في مكتب المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، وبحضور رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني باسل الحسن، وأعضاء هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان. وقد أكّد بيانهم الصادر عن الاجتماع الوقفَ الفوريَّ والدائم لإطلاق النار، ومتابعة تسليم المتّهمين باغتيال العرموشي ومرافقيه وعبد فرهود إلى السلطات اللبنانية ضمن آلية تمّ التوافق عليها.
وترى المصادر أنّ وصول عضو اللجنة المركزية في حركة "فتح"، عزام الأحمد، إلى بيروت، واللقاءات التي سيعقدها مع الأطراف الفلسطينيّة وبعض القيادات اللبنانية ستكون كفيلة بوقف إطلاق النار، في ظلّ الجوّ العام في داخل المخيم ومحيطه، خصوصاً في صيدا، الرافض للاقتتال وما سببه من خسائر وأضرار مادية ومعنوية للحياة العامة في المدينة.
ماذا حقّق المقاتلون؟
لا يختلف اثنان على أنّ الاشتباكات المدمّرة في جولتها الأولى كما في جولتها الثانية أدّت قبل أيّ شيء آخر إلى وقوع العديد من القتلى والجرحى؛ في الأولى نحو 15 قتيلاً، ونحو 65 جريحاً، وأحدثت حرائق في الممتلكات العامة والخاصّة ودماراً كبيراً في البيوت والمحالّ والسيارات، وفي مباني تجمّعات مدارس الأونروا، فضلاً عن إجبار آلاف العائلات على ترك بيوتها والفرار من المخيم باتّجاه صيدا، وإقليم الخروب، وأماكن أخرى.
وفي الجولة الثانية، تضاعف وتزايد عدد القتلى والجرحى، فسقط نحو 9 قتلى وأكثر من مئة جريح، بينهم خمسة من عناصر الجيش اللبناني. كذلك تضاعف حجم الدمار والخراب في البيوت السكنية والممتلكات العامة والخاصّة، لا سيّما في أحياء الطوارئ وحطّين والرأس الأحمر وبستان اليهودي.
وتزايد عدد الفارين من جحيم الاشتباكات والقصف الصاروخي والأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة.
على الصعيد الميداني، يُمكن القول إن مسلّحي فتح استطاعوا النيل من أحد المتّهمين الثمانية في حادثة اغتيال العرموشي، ويُدعى "عز الدين ضبايا"، حيث تمكّنوا من محاصرة مجموعته وإصابته بطلق في رأسه، قبل أن يُنقل إلى مركز الراعي الطبيّ خارج المخيم، على أمل استجوابه من مخابرات الجيش والحصول على المعلومات وتفاصيل تتعلّق باغتيال العرموشي ومرافقيه. لكن وضعه كان حرجاً جداً، ودخل في غيبوبة بعد نقله إلى المستشفى.
واستطاع مسلّحو فتح من إحراز بعض التقدّم باتجاه بعض أزقّة وشوارع "حيّ حطين"، حيث كانت تتمركز عناصر مسلّحة إسلاميّة متشدّدة. أما في ما يتعلّق بـ"حيّ الطوارئ"، أو كما يعرف بـ"مخيم الطوارئ"، والذي يُعتبر المعقل الرئيسي لـ"الشباب المسلم"، و"جند الشام"... والذي حصلت فيه عمليّة اغتيال العرموشي، فلم يتمكّن مسلّحو "فتح" من إحراز أيّ خرق في المعادلة، إلا أنّهم استطاعوا إلحاق خسائر ماديّة جسيمة من خلال الدّمار والخراب الكبير في البيوت والأبنية المكتظّة والمتراصّة جنباً إلى جنب.