النهار

تداعيات اعتداء مجدل العاقورة مولوي: لا استضعاف لأحد... والبعريني يردّه الى "الجهل"
عباس صباغ
المصدر: "النهار"
تداعيات اعتداء مجدل العاقورة مولوي: لا استضعاف لأحد... والبعريني يردّه الى "الجهل"
لقطة من الفيديو.
A+   A-
اكثر من اسبوع مرّ على نشر فيديوات عن تعرّض شبان للضرب والتعذيب في مجدل العاقورة، لكن تداعيات ذلك الاعتداء وعلى رغم توقيف المعتدي ترددت على اكثر من مستوى، ولا سيما بعد مواقف لعدد من الافرقاء السياسيين ورجال الدين خصوصاً في بلدة فنيدق العكارية. فهل كان الهدف من نشر تلك المقاطع المقززة اظهار ان طائفة باتت مستضعفة في البلاد، ام ان في الامر مبالغة؟ وماذا يقول وزير الداخلية بسام مولوي والنائب وليد البعريني لـ"النهار" عن تلك الحادثة؟

اتهام عمال بسرقة نظارات شمسية وساعة يد استوجب من صاحبهما اعتداء غير مبرر لا انسانياً ولا اخلاقياً على مجموعة من العمال اللبنانيين والسوريين في مجدل العاقورة - جبيل. وقد سارع الوزير مولوي الى الاعلان عن توقيف المشتبه بهما وهما الشابان (ش.ط.) و(ش.ع.)، نتيجة المتابعة الأمنية للحادث. وسلك الامر مساره القانوني بدءاً من التحقيق معهما وصولاً الى احالتهما على القضاء المختص.

بَيد أن اسئلة كثيرة رافقت ذلك الاعتداء، ومنها ما انزلق في اتجاه تفسيره وكأنه استضعاف للطائفة السنية بعد المتغيرات المتسارعة على الساحة الداخلية منذ اعلان الرئيس سعد الحريري اعتزاله الموقت للعمل السياسي وعدم خوض الانتخابات النيابية. ولعل المواقف التي صدرت، وإن حاولت احتواء ما جرى، كانت تغمز من تلك النظرية. النائب وليد البعريني ابن بلدة فنيدق العكارية التي ينتمي اليها عدد من المعتدى عليهم، سارع الى مناشدة القوى الامنية كشف ملابسات الحادث، وتزامن ذلك مع استنكار بلدية فنيدق التعرّض لبعض شباب عكار الباحثين عن لقمة عيشهم، ووصفت ما جرى بالجريمة الشنيعة التي تستحق أشد العقاب.

ربما لم يكن نشر الفيديو من قِبل البعض بريئاً على رغم البُعد الانساني لما رافق تلك المشاهد المقززة، مع الاشارة الى مسارعة المعنيين الى التحرك لاحتواء التداعيات. وفي السياق يوضح الوزير مولوي لـ"النهار" انه "عندما علمنا بالأمر سارعنا الى الاتصال بكل من سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وطلبنا اليه طمأنة اهالي المعتدى عليهم بأن القانون سيأخذ مجراه ونحن نحرص على توقيف المعتدين تطبيقاً للقانون وحفاظًا على السلم الاهلي".

ويلفت مولوي الى ان "المسار عينه تم اتباعه من قِبل نواب منطقة جبيل والمنية وعكار، وان القوى الامنية تمكنت من توقيف المعتدين، ونتيجة تلك الجهود والاتصالات تكون وزارة الداخلية قد حرصت على ابقاء الموضوع في اطاره القانوني والأمني".

غير ان الانتشار الواسع لشريط الفيديو الذي يظهر فيه العمال مغلوبين على امرهم ويتعرضون للضرب والاعتداء في مجدل العاقورة، رفع وتيرة المواقف بشأن ما جرى ووجهت اتهامات الى قوى حزبية بالوقوف خلفه، ما دفع حزب "القوات اللبنانية" الى شرح ملابسات انتماء المعتدي على العمال الى الحزب، والتبرؤ منه في وقت اكد ان "القوات اللبنانية تنفي جملة وتفصيلًا أي علاقة لها بهذه الحادثة المستنكر".

تداعيات نشر فيديو الاعتداء تمظهرت وكأن في الامر استضعافا لفئة لبنانية ربطاً بتداعيات سياسية من ابرزها خروج الرئيس الحريري من الحياة السياسية في كانون الثاني الفائت، وكذلك نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، وصولاً الى ما رافق تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة وحجب الصوت المسيحي عنه. ويؤكد مولوي "ان تصوير الاعتداء هو بحد ذاته بمثابة اعتداء، وهذا العمل المستنكر يشكل جريمة، وبذلك فقد تم توقيف من قام بالتصوير والنشر والتحريض على الاعتداء الذي صوره ونشره وقد يكون وراءه." اما عن تفسير الحادث وكأنه استضعاف للطائفة السنية فيجيب "النهار" بان "وزارة الداخلية تؤكد ان اللبنانيين ليسوا مستضعفين ولا أي شخص منهم كذلك في ظل وجود قوى أمنية تسهر على أمنهم وراحتهم وتعمل على تطبيق القانون بكل حيادية وإنصاف".

بدوره يؤكد البعريني لـ"النهار" ان "الحادث يعكس ثقافة الجهل المعمم، وضعف الدولة، وان الامر لا يستهدف أي طائفة ولا أبعاد طائفية له". ويشير النائب العكاري الى ان "ضعف الدولة وغيابها عن تحمل واجباتها تجاه مواطنيها يدفع في اتجاه تعميم مسار غير مألوف، مع العلم ان منطقة عكار كانت ولا تزال من اكثر المناطق حرماناً في البلاد".

اما عن تفسير أن الاعتداء مرده الى "استضعاف السنّة"، فيجزم البعريني ان "الطائفة السنية ليست مستضعفة ولن تكون يوماً كذلك"، من دون ان يغفل بعض تداعيات ما رافق خميس الاستشارات والتكليف وحجب الصوت المسيحي عن الرئيس المكلف.

ولم يكد يمر اسبوع على اعتداء مجدل العاقورة حتى تكرر الامر في زوق مكايل، وكان المعتدى عليهم من عكار ايضاً، ولكن لم يتم نشر وتعميم ما جرى على غرار ما رافق اعتداء جبيل. في الخلاصة عندما تغيب الدولة تندفع قوى لتعويض هذا الغياب، وغالباً ما يكون ذلك بأشكال غير محببة ولا تجلب الخير للآخرين.


[email protected]



الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium