عشية دخول قرار رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة حيّز التنفيذ، يتهافت التجار إلى المرفأ لتخليص البضائع قبل يوم الخميس. مع العلم أنّ العديد من الخبراء الاقتصاديين كشفوا عن أن الأسعار ارتفعت بالأصل ولن يكون هناك زيادة كبيرة بالمعنى الكلي للكلمة، فيما تم استثناء بعض السلع الأساسيّة مثل المواد الغذائية كالحبوب والأرز والسكر من قرار رفع الأسعار على أن تشمل الزيادة بعض السلع التي صٌنفت بالكماليات.
"الواسطة" على ما يبدو تفعل فعلها في المرفأ مع تهافت الناس على تخليص وإخراج بضائعها قبل الأول من الشهر المقبل أي الخميس، موعد احتساب الرسوم الجمركية على السعر الجديد. والأزمة الأبرز، تكمن في العدد الكبير للسيارات المركونة هناك، وسط صعوبة في الإفراج عنها، والتضييق الحاصل من قبل بعض الأجهزة المعنية في محاولة بحسب ما يقول البعض لـ"النهار" لتأجيل إعطاء الأذونات لإخراجها إلى الخميس المقبل للاستفادة من عائدات الرسوم الجديدة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تبلغ تكلفة الرسوم الجمركية للسيارة نحو 7 مليون ليرة لبنانية، في حين، أنّه بدءاً من الخميس المقبل، سيرتفع هذا المبلغ ليتخطى الـ90 مليون ليرة كرسوم جمركية.
هذه المعلومات بالنسبة لآخرين يعملون على تخليص البضائع والشحن في المرفأ غير دقيقة، أقلّه بحسب تجربتهم الذاتية. ويعتبر أحد المولجين تخليص البضائع على المرفأ أن هذا الكلام غير صحيح، وأن موظفي إدارة الجمارك يقومون بواجباتهم بشكل كامل وجيد، من دون تأخير. والضغط الزحمة الموجودة مردّها ليس لتخاذل موظفي الجمارك إنّما لكثرة البضاعة الموجودة، وجزء كبير منها سلع معفاة من الجمارك نتيجة اتفاقية الاتحاد الأوروبي وتأتي من أوروبا، إضافة إلى سلع تأتي من الخليج وهي أيضاً معفاة من الرسوم الجمركية. وبالتالي، فإن موظفي الجمارك لا يتحملون مسؤولية الفوضى والتأخر الحاصل.
ويشير المصدر إلى أن الزحمة الموجودة اليوم رغم المعرفة المسبقة بموعد ارتفاع الرسوم الجمركية، هي بسبب تهافت التجار على استيراد البضائع من الخارج، فيما الناس تعمل على تخزين البضائع وذلك بسبب وجود خوف وعدم ثقة لدى المواطنين بأن البضائع المعفاة أصلا من الرسوم ستبقى على سعرها.
ويوضح المصدر رداً على سؤال، أن احتساب الدولار الجمركي من تاريخ شحن البضاعة او من تاريخ وصولها غير معروف، والجواب لدى وزارة المالية أو المجلس الأعلى للجمارك.
صور لسيارات مكدسة على "مدّ عينك والنظر" لقطتها عدسة الزميل حسام شبارو. وفي هذا الاطار، تحدث نقيب مستوردي السيارات ايلي قزي لـ"النهار"، واعتبر أن" تاريخ وصول البواخر خارج إطار قدرة النقابة ولا يمكن إلاّ الانتظار، لكن بحسب قوانين التجارة البحرية العالمية كلّ قرار يتخذ خلال وجود بواخر محملّة في البحر، يحتّم إعفاءها من الرسوم، مضيفاً: "لدينا تجربة سيئة مع الدولة، لا نثق بهم، ومن الممكن أن تقلب المعايير بين ليلة وضحاها."
وشدّد قزي على أنّ النقابة لن تقبل برفع الرسوم على السيارات الموجودة أصلاً على المرفأ، وقال: "كنقابة ومستوردين لدينا التزامات مع التجار، ويجب أن نسلّم السلع بحسب الأسعار المتفق عليها مسبقاً، لن نقبل برفع الرسوم وفق الـ15 ألف، لكن حتى الآن لم نتبلّغ عن الخطوات المقبلة التي ستتخذها الدولة".
من جهة أخرى، اعتبر قزي أنّ سوق بيع السيارات شبه معدوم، بالتالي فرضية ارتفاع أسعار السيارات في المعارض غير واردة، لأن انخفاض الطلب على السيارات خفّف عملية الشراء، خاصةً مع أزمة "النافعة".
مشكلة أخرى قد يكون لها أهميتها، وهي تقصير الوزارات المعنية في إعطاء الأذونات لإخراج البضائع إلى السوق اللبناني. على سبيل المثال، يصادَف أن يرسل أيّ مكتب من مكاتب تخليص البضائع عيّنة من مواد غذائية تصله إلى المختبرات لإخضاعها للتحاليل. ورغم صدور النتائج إيجابية، لا يستطيع تقشيرها (لا مانع من الإخراج) أو الإفراج عنها في اليوم نفسه، والسبب أن مندوبي وزارة الاقتصاد أو أي وزارات أخرى لا يحضرون إلا يوماً واحداً في الأسبوع، وهذا يلحق خسائر بالمعامل والمصانع.