أثارت حركة "حماس" جدلاً واسعاً في الأوساط اللبنانية منذ إصدار بيانها يوم أمس، الذي أعلنت عبره تأسيس "طلائع طوفان الأقصى"، فتخوّف اللبنانيون من أن تكون الحركة في صدد تشكيل أفواج عسكرية منظّمة تُقاتل إسرائيل من الجنوب، لما للأمر من تبعات خطيرة وقد تكون قاتلة على اللبنانيين، لأنّها ستورّط البلاد في حرب دموية، علماً أنّ الحركة أساساً تُطلق العمليات من الجنوب.
وفق البيان، فإنّ الهدف من هذه الطلائع هو "مشاركة الرجال والشباب في مشروع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم العلمية والفنية". أثارت هذه التعابير القلق، فشكّك اللبنانيون في حقيقة أن يكون العمل علميّاً فنّيّاً وليس عسكرياً في ظلّ استثناء النساء من البيان، وتساءلوا عن كيفية الاستفادة من الطاقات العلمية، علماً أن "حماس" معروفة بقدراتها العلمية على تطوير الأسلحة محلياً.
ممثل حركة حماس في لبنان احمد عبد الهادي يشير في حديث لـ"النهار" إلى أنّ "البيان أثار جدلاً واسعاً غير مقصود، وتمّ تفسيره على نحو خاطئ"، وتؤكّد أنّذذ هدف تشكيل هذه الطلائع هو "تنظيم الشباب في إطار سياسي اجتماعي معيّن، والسعي إلى تثقيفهم سياسياً ودينياً وقيمياً واخلاقياً"، مُشدّدةً على أن "لا دور عسكرياً إطلاقاً لهذه المجموعات".
ويعود عبد الهادي إلى "الإقدام اللافت للانتساب إلى صفوف حركة "حماس" في لبنان منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، ولهذا السبب كان ثمّة ضرورة لتنظيم المنتسبين في الإطار المذكور سلفاً، والاستفادة من الطاقات العلمية والفنية لمقاومة إسرائيل في هذه المجالات، على اعتبار أن المقاومة لا تقتصر على القتال".
رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبور يرى أن "بيان "حماس" صدر بقرار من "حزب الله"، ووفق أجندته، لأن لا نشاط عسكرياً في الجنوب غير نشاط "الحزب"، والفصائل الفلسطينية تعمل تحت مظلّته، وهو دفع الضحايا وقام بمواجهات عسكرية من أجل احتكار هذا القرار".
وفي حديث لـ"النهار"، يقول جبّور إن "السؤال الأبرز اليوم ماذا يُريد "حزب الله" من هذا البيان؟ حتى الآن لا جواب محسوماً بل احتمالات، الأول يكمن في استقطاب الشارع السنّي بعد انكشاف مشروعه كفصيل ضمن الثورة الإيرانية، الثاني حسم ملفّ المخيّمات والسيطرة عليها، أمّا الاحتمال الثالث فهو حرف الأنظار عن أعماله وتخفيف الضغط عنه وبالمقابل تحميل "حماس" جزءاً منه".
وردّاً على سؤال عن احتمال تطوّر دور هذه الطلائع ونقله من المجالين الفنّي والعلمي إلى المجالين الأمني والعسكري، يعتبر جبّور أنّ هذا الأمر ممكن إذا طلب "حزب الله" من "حماس" ذلك ووجد في الموضوع منفعة له، علماً أنّ لـ"حماس" دور عسكري أساساً في لبنان بإمرة من "حزب الله" وبقرار منه.
في المحصّلة، ستكون الأنظار شاخصة في المستقبل القريب على نشاط "حماس" في لبنان، لتُراقب ما إذا كان الهدف فعلاً تثقيفياً لتأطير الشباب في تجمّعات معيّنة، أو تنظيم المقاتلين في أفواج عسكرية وتدريبهم وتجهيزهم ليكون حاضرين عندما تدقّ ساعة الصفر، خصوصاً وأن الاستحقاقات الفلسطينية في لبنان كثيرة، وأبرزها المخيّمات.
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.