يسيطر على الحراك السياسي اللبناني بشكل واضح وصريح موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي، وحتى الساعة، وعلى الرغم من ترجيح سيناريو إتمامه في الحكومة على سيناريو التوصل إليه في مجلس النواب، ما زال يتأرجح على وقع التصاريح المتعارضة والمتداخلة، لا سيما من الطرفين المسيحيين المعنيين بشكل مباشر.
أمام هذا الواقع، كيف سيتعامل حزب "القوات اللبنانية" مع جلسة التشريع النيابية؟ وما هي الخطوات التي سيلجأ إليها " التيار الوطني الحرّ" بعد إقرار التمديد في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب؟
يزبك: تعيين رئيس أركان أبغض الحلال
في هذا الإطار، أكد عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك في حديث لـ "النهار": "موقفنا واضح، وسبق وطالبنا من خلال اقتراح قانون التمديد لرتبة عماد في المجلس النيابي. وبالنسبة لنا لم يتغيّر أيّ شيء، والعملية الالتفافية أو المناورة التي يلعبها مجلس الوزراء، بالتوافق مع بعض الجهات السياسية، وتحديداً "التيار الوطني الحرّ"، لا تعنينا، وندينها، ونطلب من رئيس الحكومة أن يكون بقدر الخطر الذي تتعرض له البلاد اليوم من خلال تعريض الجيش لخطر التفكك وعدم القدرة على العمل المنتظم".
وحول إمكانية اللجوء إلى التمديد لقائد الجيش عبر مجلس الوزراء، قال: "نتساءل لماذا هذه الهبة وهذه الشهية السريعة من بعد انقضاء أشهر، إذ إنه فجأة عاد الرئيس ميقاتي للتدخل بهذه القضية بعدما كنا توصلنا لإمكانية الذهاب إلى المجلس النيابي والتمديد لقائد الجيش عبر قانون يصدر عنه؟"، معتبراً أن "الرئيس ميقاتي يعلم تماماً أنه من خلال التمديد عبر مجلس الوزراء سيفتح الباب أمام الطعن السريع بقرار التمديد".
واضاف: "التمديد لفترة 6 أشهر لا يؤمن الثبات والاستقرار في قيادة الجيش، الذي سعينا إليه من خلال تقديم القانون المعجّل المكرّر إلى مجلس النواب، والذي يقضي بالتمديد سنة كاملة، نتمنّى خلالها أن تعود القوى السياسية إلى رشدها، وننتخب رئيساً للجمهورية، وننتهي من كل هذه المماحكات التي أسقطت فيها الدولة والمؤسسات".
وجزم يزبك بحضور "القوات اللبنانية" الجلسة التشريعية التي ستعقد يوم غد الخميس، قائلاً: "نؤمن أن الثبات والاستقرار، الذي نسعى إلى تحقيقه قي قيادة الجيش من خلال تثبيت القائد الحالي، يستحق منا أن نذهب إلى مجلس النواب".
واعتبر أن "ما تقوم به "القوات" في هذا المجال هو قمة المبدئية. فالخروج عن حرفية الدستور هو بهدف تأمين مصلحة الدولة العليا، التي تسقط أمامها كل المعايير الأخرى. فنحن لم نناور، ولم نتراجع، ونريد تطبيق الدستور الذي وضع من أجل تسيير شؤون الناس ورعاية مصالحهم ومصالح دولتهم".
وتابع: "نمرّ في مرحلة يقوم بها البعض بتفسير الدستور بما لا يقول به، و"القوات اللبنانية" لم تقع بالفخّ كما يقال، ولم تستدرج إلى أيّ كمين؛ وكلّ من يؤيّد إسقاط مسعانا الهادف إلى استقرار الجيش والوطن وسمعة هذا البلد هو من اسقط نفسه بالفخ.
لذلك، نقول: من يعتقد أنه انتصر على "القوات" عبر إسقاط مسعاها يؤكّد أنه استعمل الدستور بطريقة انقلابية. وجبران باسيل يقرأ بـ"الإنجيل الكاذب"، على غرار كلّ من يتحلّق حول المشروع الانقلابي الذي يقوده حزب الله، إذ إنهم يتمسكون بالدستور عندما يخدم مصالحهم ويتحولون إلى انقلابيين عندما لا يخدم الدستور مصالحهم".
وعن إمكانية صدور مرسوم التمديد عبر مجلس الوزراء، أشار يزبك إلى أن "صدور التمديد عن الحكومة هو عمل إداري وإجرائي، أما في مجلس النواب فنقوم بالتشريع لرتبة عماد بشكل عام، والتشريع هذا غير مخصص لشخص العماد عون. وبالتالي، ما نؤكد عليه هو أن ما يصدر عن مجلس النواب هو أسمى، ويؤمن الثبات والاستمرارية بشكل غير قابل للشّك في قيادة الجيش".
واعتبر أن "الرئيس السابق لـ"الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط حريص على أن يقود الجيش بشكل كبير العماد عون، وكتلته تسعى للتمديد، لكن أمام كلّ ما نتعرض له من قبل الحكومة و"التيار"، قد يكون أبغض الحلال أن يشرف رئيس الأركان على قيادة الجيش، على الرغم من وضوح جنبلاط في هذا المجال، لجهة أن رئيس الأركان لا يقوم بكلّ مهام قائد الجيش بل يحلّ مكانه في حال غيابه".
أبي خليل: القبول بتعيين رئيس أركان يعني القبول بتعيين قائد جديد للجيش
وفي سياق متصل، أكّد عضو "تكتل لبنان القوي" النائب سيزار أبي خليل لـ"النهار" أنّ "القوات اللبنانية" ظهرت إلى الرأي العام على أنها غير سيادية وغير مبدئية. ففي الفراغ السابق (2014-2015)، ذهبت إلى تشريع 77 قانوناً، وامتنعت عن التشريع أمام الفراغ الحالي، لتعود وبناءً على طلب إحدى السفارات إلى ممارسة التشريع في جلسة يطلب منها التمديد للعماد عون".
ورأى أن "موقف "التيار" معلن ومبدئيّ في ما يتعلق بالتمديد لقائد الجيش، وهذا ما مارسناه بشكل دائم، وبشكل خاص مع التمديد للمجلس النيابي الذي لنا حضور نيابيّ عريض فيه؛ ففي ذلك الوقت، وتحديداً في العام 2014، لم نصوّت مع التمديد وطعنا به".
واعتبر أن "التمديد لقائد الجيش غير قانوني، فإذا حصل في مجلس الوزراء يمكن الطعن به أمام مجلس شورى الدولة؛ وإذا حصل في مجلس النواب يطعن به أمام المجلس الدستوري. ومجلس الشورى له سوابق في هذا المجال، وذلك من خلال تقريره في ما خصّ التمديد لقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، الذي من خلاله أسقط التمديد. كذلك هناك رأي المجلس الدستوري الذي أسقط المحاباة بقانون الشراء العام".
ورأى أبي خليل أن "هنالك حلولاً قانونية لملء الشغور في سدّة قيادة الجيش. والحلول تأتي وفقاً لما تنص عليه المادة 39 من قانون الدفاع التي تقول بقيام الأعلى رتبة في الجيش بتولّي مهام القيادة".
وأشار إلى أن "الحكومة اللبنانية يمكن أن تلجأ إلى مفهوم التكليف أو الوكالة أو بعض الأمور الأخرى المتاحة. لكن هناك واقعاً قانونياً موجود لعدم خلق شغور في قيادة الجيش متمثل بالاحتكام إلى المادة 39 من قانون الدفاع، وتطبيق هذه المادة يؤدي أيضاً إلى عدم خلق سوابق متمثلة في عملية التمديد لقائد الجيش، مما يضرب بعرض الحائط القانون والدستور والمؤسسة العسكرية. فعبر هذا التمديد نخرج عدداً من الضباط لديهم ما يكفي من الكفاءة ونحليهم على التقاعد".
وما في ما يتعلّق بموضوع إمكانية تعيين رئيس أركان، قال أبي خليل: "عندما نقبل بتعيين رئيس أركان عبر الحكومة يمكن عندها الذهاب إلى تعيين قائد جيش مباشرة ومجلس عسكري كامل. وإذا أردنا تفادي الفراغ، فالحلول القانونية متوفرة من ضمن قانون الدفاع، وسبق لهذه الحكومة أن عملت وفق مبادئ التكليف والإنابة في أكثر من إدارة ومؤسسة، كالتربية والأشغال والأمن العام ومصرف لبنان وغيرها. فلماذا خلق الإشكالية اليوم في ما يتعلق بقيادة الجيش؟ وهنا، يمكن القول إن الإجابة واضحة ومتمثلة في مصالح خاصة داخلية وخارجية تتقاطع جميها لضرب الدستور في لبنان".
وعن الفراغات المتكررة في المواقع المسيحية بشكل عام، والمارونية بشكل خاص، قال: "كلبنانيين عامة، ومسيحيين خاصة، نرى أنه لا بدّ من ملء الفراغ في رئاسة الجمهورية، ونرى أن كل الفراغات التي حصلت يمكن وضع حلول لها في حال قمنا بانتخاب رئيس جمهورية عبر التوصل إلى اسم يرضي جميع الأطراف. وعبر انتخاب رئيس جديد نؤسّس لسلطة جديدة، ونقوم بتشكيل حكومة تملأ مختلف الشواغر، وتنصرف إلى الملفات الحياتية الضرورية".
واعتبر أبي خليل أنه "ليس لدينا أيّ حرج في أن نكون الوحيدين الذين ينادون بتطبيق الدستور وعدم الذهاب إلى التمديد لقائد الجيش. وهناك 3 أفرقاء داخليين قالوا للنائب جبران باسيل إنهم سيلجؤون إلى التمديد "نكاية" به وبـ"التيار"".