استفاق اللبنانيون على خبر مهول، بعد أن ناموا على خبر فاجعة مطعم Pizza Secret، خبر اليوم يمكن أن يدخل كلّ بيت ويعيث فيه رعباً وتدميراً.
عصابة امتهنت عبر تطبيق "تيك توك" استدراج الأطفال القاصرين لممارسة الجنس معهم، أو ابتزازهم لإجبارهم على ارتكاب هذا الفعل.
هذه الكلمات وحدها، ومن دون معرفة باقي التفاصيل، كافية لإثارة أعمق مخاوف أيّ عائلة، وكان العالم قد تابع إحدى أخطر هذه القصص من خلال قضية الملياردير ورجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين، الذي اتُّهم بإدارة شبكة دعارة من القاصرين في إحدى الجزر التي كان يملكها لارتكاب هذه الجريمة، وعلى الرغم من انتحاره في سجنه عام 2019 إلّا أنّ قصصه لا تزال تتكشّف حتى اليوم.
في لبنان، وبحسب مصادر قضائية مطّلعة على الملفّ وصفت لـ "النهار" القضية بـ"الكبيرة جدّاً والخطرة"، مضيفة أنّ "القاصرين الذين أدلوا باعترافاتهم هم في أمان الآن"، مشيرة إلى أنّ القضية تُتابع في جبل لبنان.
والأفظع من ذلك، بحسب المصدر القضائي أنّ الجناة كانوا يستدرجون الأطفال من الجنسيّتين اللبنانيّة والسوريّة إلى أحد الشاليهات في إحدى المدن الساحلية، مقابل مغريات بسيطة، بعضها كان عبارة عن "كنزة"، وأكّدت المصادر أنّ القضية كبيرة والتحقيق لا يزال في بداياته.
وقالت مصادر أمنية خاصّة بـ"النهار" إنّ العصابة التي تصدّرت أخبارها اليوم وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعيّ، كانت موضع متابعة منذ فترة من قبل قوى الأمن، وأشارت إلى أنّ أفرادها كانوا يعتمدون على تطبيق "تيك توك" لاصطياد الضحايا القاصرين، وأكّدت المصادر عينها أنّهم عمدوا في حالات عدّة إلى استدراج الضحايا وابتزازهم لإجبارهم على ممارسة الجنس، معتبرين أنّ هذا التطبيق "يشرّع لهم كلّ شيء".
المصادر الأمنية عينها، رفضت الدخول في تفاصيل القضية حفاظاً على سير التحقيق والوصول إلى خواتيمه المرجوّة بإيقاف كامل المتورّطين، لاسيّما وأنّ "الخطورة في القضية أنّ العصابة مؤلّفة من مجموعة أفراد"، مشيرة إلى أنّ الموقوفين حتّى الساعة همّ مجرّد "مشتبه بهم". واستغربت في الوقت عينه تسريب المعلومات قبل انتهاء التحقيق.
وتابعت المصادر مشيرة إلى أنّ التحقيق استغرق بعض الوقت حتّى تمكّنت القوى الأمنية من تثبيت التّهم الموجّهة إلى أفراد العصابة من خلال "إفادة الشهود"، وأنّ إقناع بعضهم بإدلاء إفادتهم لم يكن أمراً سهلاً. وعن عدد الضحايا قالت إنّه كبير، لكن لا يوجد رقم محدّد نظراً إلى أنّهم جميعاً من القاصرين، لكنّها أكّدت أنّ التحقيقات مستمرّة، وأنّ الجهات المختصّة التي تقوم بمتابعة هذه القضية تقوم بكلّ ما في وسعها، وباحترافية عالية لجمع كلّ الخيوط.
في قضية جيفري إبستين كانت هناك اتّهامات لشخصيات فاعلة فنيّة وسياسية واجتماعية، إنّما في القضية اللبنانية فقد استبعدت المصادر نفسها في حديثها إلى "النهار" أن يكون هناك متورطون على غرار قضية إبستين، مؤكّدة أنّها "أمراض نفسيّة"، من دون أن تستبعد كذلك وجود قضية تعاطي مخدرات والاتجار بها.
لا شكّ أنّ الجرائم التي تُرتكب لها دوافع نفسية، فكيف إن بلغت حدّ اغتصاب أطفال! وهذه القضية بالتأكيد ليست جديدة، وهنا يمكننا العودة إلى الفيلم السينمائي الذي عُرض العام الماضي في الصالات اللبنانية sound of freedom والمقتبس عن قصّة حقيقية من حياة الشرطيّ الأميركيّ "تيم بالارد" Tim Ballard ومواجهته لشبكات الإتجار بالأطفال واستغلالهم جنسياً في إطار الجريمة المنظّمة. وكان قد جسّد شخصية الشرطي الممثل "جيم كافيزل" Jim Caviezel، والفيلم والشرطي بالارد تعرّضا إلى هجمات مختلفة، فهذه القضية عالمية، وهناك شبكات ضخمة تديرها وتدرّ عليها مليارات الدولارات، حتّى أنّها فاقت تجارة الأسلحة حول العالم.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ خطورة هذه الجرائم، دفع بالأمم المتّحدة إلى إصدار تقرير مفصّل في شباط 2009 أشارت فيه إلى أنّها جمعت معلومات من 155 دولة، وجاء فيه أنّه يقدّم "أوّل تقييم عالميّ لنطاق الإتجار بالبشر وما يتمّ القيام به لمكافحته. ويشمل: لمحة عامّة عن أنماط الإتجار والخطوات القانونية المتّخذة ردّاً على ذلك، والمعلومات الخاصّة بكلّ بلد عن حالات الإتجار بالأشخاص المبلّغ عنهم والضحايا والملاحقات القضائية". ويشير إلى أنّ "عشرين في المئة من الإتجار بالبشر هم أطفال".
نذكر هذه المعلومات، لرفع الصوت ومواجهة التحدّيات التي دخلت حياتنا مع عصر الرقمنة، وكيف تترك آثاراً تدميريّة على حياة الأفراد والعائلات، إن لم يتعاطَ معها الأهل بوعي، بالإضافة إلى دور أجهزة الدولة في مكافحة جرائم المعلوماتية.