من جديد كف يد هيئة اتهامية جديدة للنظر بما يتعلق بملف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وآخرين.
ففي المعلومات أن محكمة الاستئناف في بيروت كلفت هيئة اتهامية جديدة برئاسة القاضية رنده حروق وعضوية المستشارين القاضيين إميل شهاب وأدلين صفير للنظر في طلب مثار منذ مدة من رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر ممثلة الدولة في تدخلها مدعية في ملف إختلاس 330 مليون دولار مقامة من الحق العام ضد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وآخرين.
وغداة تكليفها وقبل أن تنظر في هذا الطلب لقيت مصير سابقاتها بتقديم دعوى مخاصمة الدولة عن أعمال قضاتها تقدم به وكيل سلامة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المتوقفة عن العمل لعدم توفر أكثرية تمكنها من عقد جلسات وبت الملفات المتراكمة أمامها للأسباب المعروفة بعدم إقرار التشكيلات القضائية الجزئية عام 2020 من وزير المال يوسف خليل، ولا تلك التي قبلها التشكيلات العامة عام 2020 من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون.
تمثل طلب رئيسة هيئة القضايا أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، ثم أمام الهيئة الاتهامية السابقة المتنحي رئيسها القاضي حبيب مزهر، وعضوية المستشارتين المكلفتين كارلا شواح وغريس طايع المرفوعة يديهما بموجب دعوى مخاصمة جرى تقديمها بوجههما إثر تكليف هذه الهيئة في 29 /1 / 2024، بت طلب رئيسة هيئة القضايا.
وبعد نحو أسبوع على تكليف هذه الهيئة تقدمت القاضية إسكندر بالطلب نفسه أمام القاضي مزهر في كتاب وجهته إليه ومآله اعتماد قرار أول هيئة اتهامية كانت حلت بالمناوبة محل الهيئة الأصيلة خلال العطلة القضائية العام الماضي، برئاسة القاضية ميراي ملاك وعضوية المستشارين فاطمة ماجد ومحمد شهاب. وفيه صادقت على استئناف رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل قرار قاضي التحقيق الأول السابق في بيروت شربل أبو سمرا المتعلق بعدم اتخاذه قراراً بتوقيف سلامة.
وقررت الهيئة الاتهامية في حينه استدعاءه للمثول أمامها. إلا أنه بعد المصادقة على هذا القرار تقدم وكيل سلامة بدعوى مخاصمة الدولة عن أعمال قضاتها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز بوجه الهيئة الاتهامية التالية المنتدبة، ما أوقف مفعول هذا القرار واستدعاء سلامة.
وتكرر الأمر بمخاصمة هيئة لاحقة للاتهامية من جهة الدفاع عن سلامة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
في اليوم التالي على ورود طلب ممثلة الدولة أمام القاضي مزهر أصدر قراراً اعتبر فيه أن الهيئة الاتهامية الأصيلة برئاسة القاضي ماهر شعيتو لا تزال واضعة اليد على ملف سلامة، بعد إطلاعه من المستشارتين المكلفتين في هيئته بوجود دعوى مخاصمة الدولة بوجههما. إلا أن الهيئة الاتهامية الأصيلة عرضت التنحي. واستتبع ذلك صدور قرار عن رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي أيمن عويدات، انطلاقاً من صلاحياته، طلب فيه من القاضي مزهر بت طلب رئيسة هيئة القضايا "ما لم تقم حالة التنحي" التي عرضها القاضي مزهر بالفعل عن النظر في هذه الدعوى "لشعور بالحرج جراء ضغوط نفسية ومعنوية مارستها الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا أثرت على صفاء ذهن الهيئة الاتهامية المكلفة "، وفق ما ذكرته وسائل إعلامية. ما حمل محكمة الاستئناف على تكليف هيئة اتهامية جديدة، التي بدأنا فيه كلامنا، ورُفعت يدها من جديد عن النظر في هذه المسألة بفعل دعوى المخاصمة. والنتيجة استمرار المراوحة في ملف سلامة بالاستناد إلى القانون في إطار ممارسة حق الدفاع من وكيله، فيما ترى مصادر قانونية أن استنفاد تكليف هيئة تلو الأخرى من شأنه أن يشكل تعسفاً في استعمال الحق.
رامت القاضية إسكندر من طلبها إعادة الملف لقاضي التحقيق الأول في بيروت بالتكليف بلال حلاوي لمتابعة التحقيق. وهي بدورها تمارس حقها كمدعية في هذه القضية وتطرح نقاطاً قانونية يفترض حل أحجيتها من القضاء من طريق صدور قرار معلل سلباً أو إيجاباً.
وفي ملاحظاتها على ما ورد في عرض القاضي مزهر التنحي عبر "الوكالة الوطنية للإعلام " أخذت القاضية إسكندر على أنه" كان من المفترض أن يصدر عن وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى قرار بشأن هذا "القرار" بعد أكثر من أسبوعين على نشره". وأبدت ملاحظات لجهة ما تضمنه عرضه التنحي من طلب القاضي مزهر من وزير العدل اتخاذ تدابير بحق رئيسة هيئة القضايا، وقالت إن "رئيسة هيئة القضايا تتمتع باستقلالية تامة عند قيامها بواجباتها في الدفاع عن مصالح الدولة اللبنانية فتلاحق القضايا كافة في الشكل الذي ترتئيه مفيداً لمصلحة موكلتها، أي الدولة. أما الإلحاح واللجاجة في الطلب من الهيئات القضائية المعنية للبت بطلباتها لإحقاق الحق فهو لحمل القضاة المتقاعسين على القيام بواجباتهم. وهذا ليس مأخذاًعليها بل أمر يجب شكرها عليه لأنه يبين مدى اهتمامها بمصالح الدولة التي تمثلها، ولا يخضع تصرفها هذا لأي وصاية أو مساءلة. أضافت لجهة ما وصفه عرض التنحي بالإلحاح وعدم صفاء الذهن أن القضاة يجب أن يتمتعوا بالصلابة في مواجهة كل الصعوبات لتسريع بت الملفات إحقاقاً للحق لأن العدالة المتأخرة هي عدالة ناقصة، إذ كان يقتضي على الهيئة الاتهامية البت بالملف لا التذرع بأي شيء لعرض التنحي.
وكان الأجدر بالهيئة الاتهامية الانكباب على بت طلب رئيسة هيئة القضايا بتدوين تنازلها عن القرار الصادر لمصلحة الهيئة الاتهامية وإعادة الملف إلى قاضي التحقيق الأول لتحريك الملف مجدداً، أو أن ترفض طلب هيئة القضايا وتتابع النظر في الملف فتدعو المدعى عليه رياض سلامة إلى جلسة ثم تحيل الملف على النيابة العامة لاستطلاع رأيها بشأن توقيفه أو تركه، لتتخذ بعد ذلك، وفقاً للأصول القرار النهائي خصوصاً وأنها الهيئة الاتهامية الوحيدة التي لم يرفع المدعى عليه سلامة دعوى مخاصمة قضاة بحقها من بين كل الهيئات الاتهامية التي توالت على الملف". واعتبرت أنه "كان يفترض بالهيئة الاتهامية برئاسة القاضي مزهر الالتزام بقرار الهيئة برئاسة القاضية ملاك لأنه يتمتع بقوة القضية المحكمة ومبرم ومتابعة الملف من النقطة التي وصل إليها لأن الهيئة الاتهامية اللاحقة ليست مرجعاً مختصاً وصالحاً لتقدير قانونية قرار الهيئة التي سبقتها". وسألت" بأي صفة يحق لهيئة اتهامية أن تطلب إحالة هيئة اتهامية سبقتها على التفتيش القضائي؟".