النهار

رسم الـ50 دولاراً في المدارس الرسمية يُثير جدلاً... هل مِن هبة قطرية؟
بتول بزي
المصدر: "النهار"
رسم الـ50 دولاراً في المدارس الرسمية يُثير جدلاً... هل مِن هبة قطرية؟
الوزير عباس الحلبي والرئيس نجيب ميقاتي خلال جولة في مدينة صور لتفقّد سير الامتحانات الرسمية (أرشيفية، حسام شبارو).
A+   A-
أزمة جديدة تدقّ أبواب المدارس الرسمية قُبيل أيامٍ من بدء العام الدراسي، بعدما أقرّ وزير التربية عباس الحلبي مبلغ 50 دولاراً كرسم إضافي للتسجيل، ما دفع عدداً من الجهات النقابية والأهلية والأحزاب إلى اعتبار هذا الإجراء منافياً لمبدأ "مجانية التعليم" في المدرسة الرسمية وخاصة في المرحلة الأساسية.

هذا الرسم لاقى أيضاً رفضاً مباشراً من الوزير السابق وليد جنبلاط، معتبراً أنّه يعدّ "مخالفة للدستور وللحدّ الأدنى من العدالة الاجتماعية ولمبدأ مجانية التعليم"، وهو ما أكد عليه مفوّض التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي سمير نجم بالقول: "نحن حزب عمالي يراعي الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً، وغالبية العائلات في الأماكن الفقيرة تُسجّل أبناءها في المدارس الرسمية، وقد يكون مبلغ الـ50 دولاراً مرهقاً لها خاصة ممّن لديه ثلاثة أولاد أو أكثر، ويكفيها لتأمين حاجياتها المعيشية لمدة أسبوع، وثمة من يعمل براتب لا يتعدّى الـ200 دولار شهرياً".

لا ينفي نجم، في حديث لـ"النهار"، حقّ وزارة التربية في تمويل صندوق الأهل في المدارس لتغطية التكاليف التشغيلية، لكنّه يرى ضرورة للبحث عن مصادر أخرى لتغطية هذه التكاليف، مقترحاً "تمويلها من خزينة الدولة، وأن تأخذ الحكومة المبادرة لتمويل الصناديق"، مشيراً إلى أنّ "اليونسيف كانت تموّل هذه الصناديق خلال فترات سابقة، وثمّة وعود غير مؤكدة اليوم بإمكانية التمويل".

ويضيف نجم: "عدد من المدارس يضطرّ لدفع رواتب الأساتذة المتعاقدين من هذه الصناديق، والمدارس الجبلية تُغطي تكاليف المازوت والتدفئة"، مؤكداً أنّ "هذه القضية تحتاج إجماعاً وطنيّاً، وأحد الحلول تتمثّل بتخفيض قيمة الرسم إلى مليونَين ليرة أو ثلاثة".

قطر ستموّل الصناديق؟

وتزامناً مع الضجة الإعلامية التي خلّفها فرض رسم الـ50 دولاراً، سَرَت شائعات اليوم تُفيد بأنّ "قطر ستغطّي هذا الرسم عن جميع طلاب المدارس الرسمية والمهنيات في جميع الأراضي اللبنانية"، وهو ما نفته مصادر متابعة للملف من وزارة التربية لـ"النهار"، فيما لم يصدر أيّ قرار رسمي في هذا الشأن من دولة قطر أو سفارتها في بيروت.

تتفهّم أروقة الوزارة الأصوات المندّدة بالقرار، مؤكدةً أنّ هذا الرسم ليس رسماً للتسجيل في المدرسة الرسمية، بل لمساعدة صندوق الأهل في المدرسة، لتغطية الأعباء التشغيلية، ونفقات الأساتذة المتعاقدين، والكهرباء، والمياه، والحراسة، وحاجيات الطلاب وغيرها".

ثمّة إشكالية أساسية اليوم أنّ الأحزاب والجهات الأهلية والتربوية الرافضة للقرار لم تألو جهداً بالبحث عن بدائل لإنقاذ العام الدراسي الذي قد يكون مهدّداً بالإنطلاق إذا لم يتوافر التمويل، إذ تحضّ مصادر متابعة للملف، عبر "النهار"، السياسيين الرافضين للرسم بـ"التوجّه إلى مجلس النواب، والضغط على وزير المال لتخصيص ميزانية للمدارس الرسمية تُعفي بذلك الأهالي من دفع أيّ رسوم إضافية، أو أن تغطّي هذه الفجوة إحدى الجهات المانحة".

وماذا عن العائلات النازحة في الجنوب؟ تلفت المصادر المتابعة لـ"النهار" إلى أنّ اجتماعاً عُقِد في الأيام الماضية، في محافظة الجنوب، بحضور الوزير الحلبي وعدد من الجهات التربوية، وصدر اقتراح لإعفاء التلامذة النازحين من رسم الـ50 دولاراً، ولكن ثمّة عقبة حتى الآن بإحصاء عدد التلامذة النازحين".

تعليق رابطة التعليم الأساسي

يصف رئيس رابطة التعليم الأساسي في المدارس الرسمية حسين جواد السجال حول الرسم بـ"العمل الشعبوي"، ويقول لـ"النهار": "أشكّ أنّ عدداً من الأهالي غير قادرين على تأمين هذا المبلغ، من دون إغفال الحالات الفقيرة التي يمكن للأحزاب والخيرين في البلد مساعدتهم".

كما يرفض جواد الحديث عن "مخالفة القانون"، مؤكداً أنّ هذا الرسم "لا يعدو كونه مساهمة من أهالي الطلاب لصندوق مجلس الأهل في المدرسة الرسمية، ومجانية التعليم لا يزال قائماً"، مضيفاً: "كل من يرفض هذا الرسم فليخبرنا كيف تُسيّر أمور المدرسة، فلا أموال في صناديق المدارس منذ شباط الماضي، والأساتذة والعمال لا يتقاضون رواتبهم، ونعجز عن دفع فواتير الكهرباء والمولدات".

وإزاء هذا الواقع، يتخوّف جواد من تضرّر انطلاق العام الدراسي، مشيراً إلى أنّ "العجز المالي في صناديق المدارس سيخلق حالة من الإرباك عند مدراء المدارس لتسيير عملهم فكلفة الأوراق والأقلام غير متوافرة بعد، فكيف نبدأ عاماً دراسيّاً؟".
 
 

اقرأ في النهار Premium